سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
الحبيب الأسود
لم يدخر الوسطاء في المشاورات الليبية ولاسيما الأمم المتحدة وألمانيا جهودهم خلال اجتماع افتراضي عقد الاثنين الماضي، والذي يعتبر امتدادا لمؤتمر برلين المنعقد في التاسع عشر من يناير الماضي للنظر في مختلف المسائل المتعلقة بالحل السياسي وما وصلت إليه مخرجات مؤتمر برلين والاستعداد للحوار الليبي – الليبي الذي سينطلق في 15 أكتوبر الجاري.
وشارك في الاجتماع ممثلون عن الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي والجامعة العربية بالإضافة إلى الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والصين وتركيا والإمارات والكونغو وإيطاليا ومصر والجزائر.
وقبل انعقاد الاجتماع بتقنية الفيديو كونفرنس، قال نائب المندوب الألماني الدائم لدى الأمم المتحدة، غونتر سوتر، إن “هناك عددا من التطورات المشجعة، ومنها المحادثات الأمنية التي أجريت في مصر، والاتفاق على الانتقال السياسي، وصادرات النفط”، لافتا إلى أن هناك العديد من المشكلات التي يتعين حلها، وبالتحديد وقف إطلاق النار، ومستقبل العملية السياسية في ليبيا.
ويأتي هذا الاجتماع في إطار الجهود المبذولة لضمان الوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها خلال مؤتمر برلين بشأن ليبيا في شهر يناير الماضي، ولتقييم الوضع في البلاد والحث على المزيد من التقدم في تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين.
من جنيف إلى جربة
ذكرت تقارير إعلامية أنه تقرر نقل الحوار الليبي من جنيف إلى المنتجع السياحي بجزيرة جربة التونسية التي تبعد 500 كلم إلى الجنوب من العاصمة تونس، وذلك نزولا عند رغبة أطراف ليبية وأخرى إقليمية، لكن مصادر أخرى أكدت أن نقل المؤتمر يتعلق بأسباب لوجستية من بينها ما هو متعلق باستخراج التأشيرات.
وكانت إيطاليا قد اقترحت أن يتم استبدال جنيف بالعاصمة المالطية فاليتا وهو ما دعمته حكومة الوفاق وتركيا قبل أن يقع الاختيار على جربة. وقد أكدت تلك المصادر أن واشنطن وضعت كل ثقلها لضمان نجاح الاجتماع، وكذلك الحوار السياسي الذي سيفرز سلطات جديدة لقيادة المرحلة الانتقالية في ليبيا.
وأعلنت السفارة الأميركية لدى ليبيا الجمعة الماضي، أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أكد أن بلاده ستستخدم كل أسلحتها الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار في ليبيا والانخراط في عملية سياسية تقود إلى حل للأزمة هناك.
ووفق رئيسة بعثة الدعم الأممية بالإنابة ستيفاني وليامز، فإن أول أهداف الحوار ستكون حول الانتخابات، لافتة إلى أن الأمر النهائي بيد الليبيين إذا ما أرادوا عقدها في مارس المقبل أم لا، وهو ما ستثبته المباحثات مع الأطراف الليبية.
وينتظر أن يتم الإعلان قبل نهاية أكتوبر الجاري عن تشكيل مجلس رئاسي جديد في ليبيا يتكون من رئيس ونائبين، وحكومة وحدة وطنية تضم كفاءات مستقلة من الأقاليم التاريخية الثلاثة للبلاد، على أن يباشرا عملهما من مدينة سرت، التي سيتم اتخاذها عاصمة مؤقتة للبلاد. ويرجح مقربون من كواليس الحوار الليبي أن يتم التوافق على تكليف رئيس البرلمان عقيلة صالح من إقليم برقة بمهمة رئيس المجلس الرئاسي، فيما لا يزال الجدل متواصلا حول الشخصية التي سيتم اختيارها من إقليم طرابلس لرئاسة الحكومة.
وفي حالة التوصل إلى هذا التوافق، سيعلن عن إعادة توحيد مجلس النواب على أن تؤول رئاسته إلى أحد أعضائه المنحدرين من إقليم فزان الجنوبي، وعقد جلسة للبرلمان يتم خلالها منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، وعن انتهاء مهام حكومة الوفاق بطرابلس والحكومة المؤقتة بشرق البلاد.
وكان رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج أعلن منتصف سبتمبر الماضي عن قرب استقالته من منصبه. وقال في خطاب تلفزيوني “أعلن للجميع رغبتي الصادقة فى تسليم مهامي للسلطة التنفيذية القادمة في موعد أقصاه نهاية شهر أكتوبر”، ما جعل وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو يشير إلى أن تنفيذ الخطوة مرهون بإنشاء هيكل مؤسسي فاعل تتوصل إليه الأطراف الليبية بناء على اتفاق سياسي.
ومع أن دي مايو اعتبر خلال مؤتمر صحافي مشترك في مقر وزارة الخارجية في روما الجمعة الماضي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أن قرار السراج “هو خيار شجاع ومسؤول بشكل كبير”، إلا أن عددا من المراقبين حذر من الإفراط في التفاؤل بالتوصل إلى الحل السياسي الذي سيؤدي إلى تبادل سلمي للسلطة والدخول بالبلاد في مرحلة الحسم الانتقالي نحو انتخابات برلمانية ورئاسية خلال 18 شهرا.
ويرى مراقبون أن أطرافا داخلية وخارجية من بينها قوى الإسلام السياسي وقادة الميليشيات والنظام التركي تعتقد أنه ليس من مصلحتها التوصل إلى حل سياسي يفقدها سيطرتها على مفاصل الحكم في طرابلس، مشيرين إلى أن أنقرة وجماعة الإخوان تتجهان لوضع العديد من الفخاخ في طريق الحل بسبب إصرارهما على استمرار تدخل تركيا في غرب البلاد والعمل على استبعاد قيادة الجيش والسيطرة على مراكز النفوذ في المرحلة القادمة.
ألاعيب إخوان ليبيا
يحاول الإخوان تعويض ضعف حضورهم في المجتمع وعجزهم عن استقطاب مناصرين، بالهيمنة على مؤسسات الدولة للتحرك بمنطق الحزب الحاكم والمتحكم في مصالح المواطنين، وبالمحافظة على هذا الدور اعتمادا على تنفيذه أجندات الوصي التركي، الذي سيمثل إخراجه من البلاد، آخر مسمار يدق في نعش الإسلام السياسي في ليبيا بعد ثبوت تورطه في الفساد والتآمر على الدولة والتبعية للأجنبي.
ولا يتعدى عدد الإخوان في ليبيا بعض المئات، ورغم ذلك باتوا يتحكمون في مفاصل الدولة في طرابلس، ويسعون منذ فترة إلى تمرير مسودة الدستور الذي يرون أنه أقرب ما يكون إلى الدستور التونسي، الذي تم التصديق عليه في العام 2014 لخدمة مصالح حركة النهضة عبر تكريس نظام سياسي هجين، ونظام انتخابي لا يحسم مسألة الوصول إلى الحكم إلا من خلال تحالفات يعتقد الإخوان أنهم الأقدر على تشكيلها بالاعتماد على مدى اختراقهم لمؤسسات الحكم.
ويواجه إخوان ليبيا مشكلة معقدة تتمثل في تعدد القوى المتدافعة لخدمة الأجندة التركية في ليبيا، ومنها القوى الجهوية وخاصة بمدينة مصراتة، ونخبة رجال الأعمال وأمراء الحرب، وتيار “يا بلادي” الذي أسسه نوري بوسهمين الذي يبدو أقرب إلى مجالس شورى المجاهدين والحركات الجهادية وفلول الجماعة المقاتلة وميليشيات الزاوية وطرابلس وما تسمى بمجالس الثوار الملتزمة بفتاوى المفتي المعزول الصادق الغرياني.
ويعتقد إخوان ليبيا أن براغماتية نظام أردوغان تدفع بهم إلى التحالف أكثر مع من يخدم مصالحه في البلاد، وهو ما جعله يوافق في كثير من المناسبات على قرارات اتخذها رئيس المجلس الرئاسي السراج رغم أنها مرفوضة من قبل تيار الإسلام السياسي بما في ذلك التعيينات الأخيرة في عدد من القطاعات الأمنية والعسكرية والإعلامية وغيرها.
ويبدو هناك شبه إجماع بين المتصارعين على الولاء الأعمى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن الحل السياسي قد يأتي إلى السلطة بقوى تقطع حبل الود مع أنقرة، خصوصا مع انفتاح عدد من قيادات غرب البلاد ومنها مصراتة، على مصر المعروفة بدعمها لسلطات شرق البلاد.
وفي هذا السياق، حذر عضو مجلس الدولة الاستشاري الخاضع للإخوان، عبدالرحمن الشاطر، من تولي رئيس مجلس النواب عقيلة صالح رئاسة المجلس الرئاسي الجديد، لأنه يعمل على تعطيل مذكرتي التفاهم الأمني والبحري الموقعتين بين حكومة الوفاق وتركيا.
وقال الشاطر، في تغريدة له عبر حسابه بتويتر، إن الحوارات السياسية الحالية والقادمة تستهدف تحالف الوفاق مع تركيا، معتبرا أن تسجيل الأمم المتحدة لمذكرتي التفاهم بين الوفاق وتركيا، لا يمنع تعطيلها من الطرف الليبي حال تولي عقيلة صالح رئاسة المجلس الرئاسي الجديد بعدم التفاعل مع الطرف التركي، وبالتالي تصبح معطلة.
وكانت منصات الإعلام الإخوانية زعمت أن الأمم المتحدة صدقت على مذكرة التفاهم الموقعة أواخر نوفمبر الماضي بين السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حين أن الأمر يتعلق بتسجيل عادي يمكن التراجع عنه في أي وقت.
وكشف حسن الصغير وكيل وزارة الخارجية بالحكومة الليبية الأسبق، أنه بموجب المادتين 102 و103 من الفصل السادس بميثاق الأمم المتحدة، فإن اتفاقية الوفاق مع تركيا مخالفة للقانون الدولي، إذ لم تسجل في أمانة هيئة الأمم المتحدة، وفق ما يتطلب تسجيل المعاهدات كما نص ميثاق الأمم المتحدة، ما يعني أن تسجيل الاتفاقية مع تركيا كان تسجيلاً عادياً ولا يتضمن الميثاق الأممي الذي يجعل من الاتفاقية ملزمة للدول الأعضاء بالأمم المتحدة.
وتسجيل أي اتفاقية أو معاهدة بمنظمة الأمم المتحدة، وفق الصغير، هو إجراء روتيني تودع بموجبه الدول الأطراف في الاتفاقيات أو المعاهدات الموقعة والمصادقة عليها في ما بينها بالمنظمة الدولية، وعملية الإيداع يصرف بموجبها رقم إيداع خاص بها وهذا الإيداع لا يمنح للاتفاقية حجة قانونية أو دولية في مواجهة الغير ولا تعتبر وثيقة الاتفاقية أو المعاهدة من الوثائق الدولية الملزمة لجميع الدول الأعضاء.
ودعا الخبير الاقتصادي، سعيد رشوان، جميع القوى الوطنية المدنية الليبية بالوقوف صفا واحدا ضد تنظيم الإخوان في ليبيا وعدم منحهم فرصة جديدة لتخريب البلاد، معتبرا أن ما صدر عن الإخوان حول التقارب والحوارات المباشرة بين الليبيين “دليل قاطع على أن الجماعة لا تريد إنهاء النزاع بين الأشقاء فكل الاستفزاز الصادر عنهم هدفه إيقاف الحوار وبقاء الحال على ما هو عليه”.
المصدر: صحيفة العرب اللندنية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر