بريكسيت والمملكة المتحدة | مركز سمت للدراسات

ماذا يحدث مع البريكسيت؟

التاريخ والوقت : الجمعة, 9 أكتوبر 2020

سيباستيان ملابي

 

تخوض المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي جولة أخرى من سياسة “حافة الهاوية” بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إذ دفع رئيس الوزراء “بوريس جونسون” مشروع قانون من شأنه إلغاء الاتفاق الذي توصلوا إليه فيما سبق. إليك ما يجب معرفته حول هذا الموضوع.

لماذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من التوصل إلى اتفاق تجاري بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

يكمن السبب الرئيس في غياب الإرادة السياسية. فحكومة المملكة المتحدة على استعداد لتأييد مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق تجاري. لذلك، فهي غير مستعدة للتفاوض بجدية.

أمَّا من جانب الاتحاد الأوروبي، فهناك مَيل ورغبة في التوصل لاتفاق. لكن لا توجد رغبة في تقديم تنازلات من شأنها أن تمنح المملكة المتحدة مكاسب. ذلك أن قادة الاتحاد الأوروبي يخشون أن تؤدي التنازلات إلى تشجيع الطموحات الانفصالية لدى بقية الدول الأعضاء بالاتحاد.

لذلك، فإن أكثر نقاط الخلاف إثارة للجدل تتعلق بالمساعدات التي تقدمها الدولة للشركات، أي الإعانات الحكومية.

ولضمان تكافؤ الفرص بين الشركات في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، يتم تقليص حرية الحركة أمام الحكومة فيما يتعلق بمساعدة الشركات ودعمها من خلال الإعفاءات الضريبية أو المنح أو أية وسائل أخرى. وتقليديًا، كان حزب المحافظين الحاكم في المملكة المتحدة يفضل هذه القيود على تدخل الحكومة في التجارة. لكن رئيس الوزراء “جونسون” يختلف معهم في هذا الصدد؛ إذ تريد حكومته حرية دعم شركات التكنولوجيا في المملكة المتحدة. كما قد ترغب في دعم الشركات في الجزء الشمالي الفقير نسبيًا من البلاد.

ومن جانب آخر، لا يرغب قادة الاتحاد الأوروبي في السماح للمملكة المتحدة بهذا النوع من الحريات؛ إذ يخشون احتمال تنافس الشركات البريطانية في الأسواق الأوروبية بمساعدة حكومة المملكة المتحدة.

ما هو مشروع قانون السوق الداخلية؟ ولماذا يدفع “جونسون” به؟

سيسمح مشروع قانون السوق الداخلية لحكومة المملكة المتحدة بالتراجع عن الوعود الواردة في اتفاقية الانسحاب مع الاتحاد الأوروبي الموقعة في يناير 2020.

إذ تنص اتفاقية الانسحاب على أنَّ أيرلندا الشمالية ستكون جزءًا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، وبالتالي ستتحرك البضائع بحرية عبر الحدود غير الخاضعة للرقابة مع جمهورية أيرلندا. وقد تمَّ القيام بذلك لمنع ما يسمى بالحدود الصلبة على الجزيرة، التي كان يخشى الكثير من أنها قد تؤجج التوترات العالقة من الصراع المستمر منذ عقود في أيرلندا الشمالية. كما تستوجب الاتفاقية أن تخضع البضائع التي يتم نقلها بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية للرقابة الجمركية، إذ يمكن أن تصبح أيرلندا الشمالية بابًا خلفيًا غير قانوني لبريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وإذا وافق عليه البرلمان البريطاني، وهو ما يبدو مرجحًا، فإن مشروع قانون السوق الداخلية سيلغي التزام المملكة المتحدة بتوفير مثل هذا الإشراف. وتُقِرُّ حكومة المملكة المتحدة بأن هذا من شأنه أن ينتهك اتفاقية الانسحاب، وبالتالي يتعارض مع القانون الدولي.

لقد انتقد خمسةٌ من قادة حزب المحافظين السابقين مشروع القانون، لكن “جونسون” يدفع به لأنه يعترض على فكرة الحدود داخل المملكة المتحدة؛ إذ يراه بمثابة تكتيك للمساومة. وقد تسبب مشروع القانون في عاصفة سياسية، وأثار انتباه كبار قادة أوروبا، إذ يعتقد “جونسون” أن انزعاجهم يزيد من احتمالات تقديمهم تنازلات.

ماذا يحدث في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون صفقة؟

مع وجود اتفاقٍ تجاريٍ أو بدونه، ستغادر المملكة المتحدة السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي في 31 ديسمبر 2020. وإذا لم يكن هناك اتفاق، فعلى المملكة المتحدة أن تتداول مع أوروبا وفقًا للقواعد التي وضعتها منظمة التجارة العالمية. وسيكون لدى المملكة المتحدة نفس الإمكانية للوصول إلى السوق الموحدة التي تتمتع بها أستراليا على سبيل المثال.

وإذا كان هناك اتفاق، فإن التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ستخضع لتعريفات وقيود أقل. وعلى وجه الخصوص، سيكون قطاعا السيارات والزراعة في وضع أفضل.

ماذا يعني هذا بالنسبة لعلاقة المملكة المتحدة مع الولايات المتحدة؟

يرى الرئيس “دونالد ترمب” روحًا طيبة في “جونسون” ويتعاطف مع مشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أمَّا معظم القادة السياسيين الأميركيين الآخرين، فلديهم منظور مختلف.

فمنذ انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في سبعينيات القرن الماضي، كانت المملكة المتحدة مفيدة بالنسبة للولايات المتحدة باعتبارها جسرًا لأوروبا، فإذا أرادت واشنطن ضخ تفضيلاتها في مداولات الاتحاد الأوروبي، فإن أفضل استراتيجية لذلك كانت تكمن في إقناع بريطانيا بقضيتها والسماح للبريطانيين بتقديم عرضٍ لبروكسل. لكن مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لم يعد بإمكانها لعب هذا الدور. فالولايات المتحدة ستفقد قناةً مهمةً إلى أوروبا.

ولأسباب تتعلق بالتاريخ والمشاعر، فإن الولايات المتحدة أيضًا لديها مصلحة في السلام والازدهار في أيرلندا. فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مع احتمال وجود حدود صعبة، يهدد السلام الحساس في الجزيرة، وقد أدى مشروع قانون حكومة “جونسون” إلى تفاقم التوترات. وقد أدى ذلك إلى إضعاف العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

أخيرًا، قد يقلب التوتر الآمال في أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيحرر المملكة المتحدة لإبرام صفقة تجارية جديدة مع الولايات المتحدة. فقد روَّج “ترمب” و”جونسون” لإمكانية إبرام صفقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لكن قادة الكونجرس الأميركي يقولون إنهم سيعرقلونها إذا انتهى الأمر بمداولات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى الإضرار بأيرلندا.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: مجلس الشؤون الخارجية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر