سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بول سيمون هاندي وأوليفر كينهاغو تازو
على مدى العقد الماضي، أظهر الاتحاد الإفريقي (AU) طموحًا متزايدًا في العلاقات الدولية. فقد حاولت مفوضية الاتحاد الإفريقي هيكلة العلاقات مع الشركاء الاستراتيجيين لتنسيق تدخلاتهم ومواءمتها مع الأولويات الإفريقية المحددة في أجندة 2063.
وفي حين أنه من السابق لأوانه الحديث عن سياسة خارجية للاتحاد الإفريقي، فإن إطار إصلاح الاتحاد الإفريقي ينعكس على دور المنظمة في علاقات إفريقيا مع العالم الخارجي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. ولكن، هل يمكن للدول الإفريقية أن تفكر في علاقة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا تتجاوز المساعدات؟ وهل هم قادرون بالفعل على خلق إجماع كافٍ للاتفاق على سياسات مهمة؟
لقد كشفت أزمة “كوفيد – 19” عن العديد من نقاط الضعف على جانبي البحر الأبيض المتوسط، حيث تمَّ استخدام الديون كأداة لمعالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء. لقد تمَّ تجاوز السياسات المصممة لإنقاذ الاقتصادات العديد من المشكلات المزمنة.
وقد وفر ذلك فرصة لتحويل النموذج القديم للعلاقات بين المانحين والمستلمين إلى نموذج جديد بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي. وقد أسهمت الطلبات المتكررة للحصول على تمويل إضافي في حرمان الدول الإفريقية من مورد مادي ورمزي للتفاوض في مواجهة الجانب الأوروبي. فمنذ انتخابها، كانت رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” تحاول الحفاظ على دور قيادي للاتحاد الأوروبي في فضاء متعدد الأطراف لكنه ليس طبيعيًا. فقد أعطت للشراكة مع إفريقيا الأولوية لأسباب تتعلق بالجغرافيا والتاريخ والاقتصاد وإدارة الهجرة.
وبخلاف ذلك، تعدُّ أوروبا الشريك التجاري الأكثر أهمية لإفريقيا، وذلك رغم احتدام المنافسة من البلدان المسماة بالبلدان الناشئة على مدار العشرين عامًا الماضية. وغالبًا ما كان يتم استحضار الرغبة في تجديد الشراكة بين إفريقيا وأوروبا، إلا أنها لم يتم تنفيذها بالكامل بسبب عدم وضوح أهدافها، لا سيَّما على الجانب الإفريقي.
وفي مارس 2020، أعلنت مفوضية الاتحاد الأوروبي عن طموحها لإقامة “شراكة على أساس الندية” مع إفريقيا. لكن ماذا يعني هذا؟ فرغم التزام الطرفين منذ عام 2007 بشراكة استراتيجية تبتعد عن التركيز على المساعدات، فإنه ظل مجرد تفكير بالتمني وذلك لعدة أسباب، هي:
أولاً، إن التعاون المنشود جاء بشكل أساسي من جانب الاتحاد الأوروبي. فقد ظل الاتحاد الإفريقي وبلدانه متجاوبة إلى حد بعيد مع القضايا الأوروبية، ومعتمدة على التمويل.
ثانياً، في إطار تعاونها مع الاتحاد الأوروبي، فإن الدول الإفريقية تبدأ دائمًا في صراعات عديدة. حيث يقوم البعض ببناء علاقاتهم مع الاتحاد الأوروبي من خلال شراكة مجموعة دول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ (ACP) والاتحاد الأوروبي التي تحكمها اتفاقية “كوتونو”، والبعض الآخر من خلال سياسات الجوار (شمال إفريقيا).
كما أن الاتحاد الأوروبي لديه استراتيجيات محددة للقرن الإفريقي والساحل وخليج غينيا، بالإضافة إلى العديد من محاورات الحوار.
إن تعدد الأطر يجعل رغبة إفريقيا في تطوير شراكة متبادلة ومنسقة من أنداد، أمرًا غير مؤكد. كما أنه يعقد مسيرة تطوير المواقف المشتركة لإفريقيا التي قامت أدوات التمويل التي يقدمها الاتحاد الأوروبي بتنظيمها في مناطق متميزة. ومع ذلك، فإن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الشريك الأوروبي؛ لا سيَّما أن البلدان الإفريقية تفتقر بشدة إلى توافق في الآراء.
لقد اكتسب التعاون بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي أهمية خاصة على المستوى السياسي، وهو ما عبرت عنه القمم المتتالية بين القارتين، التي عُقدت آخرها في أبيدجان في نوفمبر 2017. ولم يتم تنفيذ خطة العمل المعتمدة هناك بسبب الافتقار إلى آلية التمويل ومؤسسات التنفيذ المناسبة. لذلك يعاني التعاون بين القارتين من عجز في التنفيذ، حيث لا يتم إضفاء الطابع الرسمي عليه أو دعمه من خلال صك قانوني ملزم.
إن التغيير مطلوب، والسياق الحالي يبدو مواتيًا بدرجة كبيرة. إذ تتزامن المشاورات بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي لاعتماد استراتيجية مشتركة مع التفاوض على إطار قانوني للشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ يحكم العلاقات بينهما على مدى السنوات العشرين القادمة. ويتفق الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي على الحاجة إلى إعطاء المنظمات الإقليمية مكانة بارزة في تنفيذ الشراكة وتحريرها من إطار عمل الاتحاد الأوروبي ودول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ.
وحتى لو لم تَسُد رغبات الاتحاد الإفريقي في التعاون بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، فإن الاتفاقيات التالية على “كوتونو” التي ستشمل قاعدة مشتركة لجميع الأطراف والبروتوكولات الإقليمية لإفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، ستعمل على هيكلة التعاون بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي. وسيكون لها مؤسساتها الخاصة وآلياتها التنفيذية وأداة التمويل المخصصة لها. وتعدُّ هذه الخطوة رئيسية نحو الأمام حيث يجب أن تجعل بالإمكان ترشيد السياسات المختلفة وإنهاء أطر الشراكة الزائدة على الحاجة.
ويبدو الموقف المشترك الذي اتخذه المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي بشأن مفاوضات ما بعد اتفاقية “كوتونو” في 2018، قد عفا عليه الزمن. إذ بات من المفضل أن يتم فصل التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ، تحت مسؤولية أمانة مجموعة دول إفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ، عن الاستراتيجية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، التي يحكمها الاتحاد الإفريقي. ومن المتوقع أن تنهي اتفاقية “ما بعد كوتونو” هذا الانقسام.
لقد حان الوقت لصياغة نموذج جديد بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي على ألا يعتمد هذا النموذج على العلاقات بين المانحين والمتلقين. فخلال 60 عامًا من الاستقلال، لم تعزز العلاقة بين أوروبا وإفريقيا التصنيع في إفريقيا، وهو المجال الذي اعتبره العديد من الخبراء الأداة الوحيدة التي يمكن أن تعزز الاقتصادات الإفريقية بشكل كبير.
ويمكن أن ينصب التركيز الجديد على الاستثمار بشكلٍ رئيسٍ في تنويع ودعم الاقتصادات الوطنية الإفريقية المستدامة. لذا، يجب أن ترتكز هذه على التقنيات الجديدة والخضراء وسلاسل القيمة المحلية على النحو المتوخى في اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية.
كما يجب أن يعزز التعاون “رقمنة” الاقتصادات الأوروبية والإفريقية والقطاع العام لتحسين الإنتاجية والوصول إلى الخدمات. وسيعتمد تحقيق هذه الأهداف إلى حد بعيد على مفاوضات الإطار المالي الحالية للاتحاد الأوروبي للفترة 2021-2027.
وربَّما تكون القمة الإفريقية الأوروبية السادسة، المقرر عقدها في الربع الأخير من عام 2020، هي الجولة الأخيرة قبل دخول اتفاقية “ما بعد كوتونو” حيز التنفيذ. وهو ما سيضع هذا الاتفاق في إطار مؤسسي متجدد، ويزوده بأدوات تنفيذ فعالة.
ولا شك أن القمة ستركز على الوباء وتداعياته. ولكن قبل كل شيء، سيعمل كلا الطرفين على التمكن من إعادة إطلاق علاقة قائمة على ما يسمى بالمصالح المشتركة وتعزيز التعددية، بما يتوافق مع التزاماتهما في هذا المجال.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: معهد الدراسات الأمنية Institute for Security Studies
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر