سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
فاندانا ميشرا
منذ أن غيَّرت الهند سياسة “التطلع إلى الشرق” الخاصة إلى سياسة “الفعل تجاه الشرق” (AEP)، يُنظر إليها على أنها تسعى إلى تعزيز مشاركتها مع أعضاء الآسيان على وجه الخصوص ودول الشرق والشرق الأقصى بشكل عام، وذلك على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف. ووفقًا لذلك، ففي إطار سعيها إلى سياسة “الفعل تجاه الشرق”، عزَّزت الهند مشاركتها الثنائية مع فيتنام باستمرار رغم العديد من الاختناقات والصراع المستمر في بحر الصين الجنوبي.
ففي 26 أغسطس 2020، تمَّ عقد الاجتماع السابع عشر للجنة الهندية الفيتنامية المشتركة من خلال الفيديو كونفرنس. وترأس الاجتماع وزير الشؤون الخارجية “إس جايشانكار” ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الفيتنامي “فام بنه مينه”. ويهدف الاجتماع إلى بناء مشاركة ثنائية متعددة القطاعات. ومن ثمَّ، فقد غطى القطاعات المتعلقة بالتجارة والاقتصاد والتعاون العلمي والتكنولوجي. ثانيًا، أصبح الاجتماع مهمًا أيضًا على خلفية العدوان الصيني المتزايد على حدود مختلفة مما ينطوي على تداعيات أوسع على كل من الهند وفيتنام. وقد دخلت الهند بالفعل في مواجهة عسكرية مع الصين في منطقتي وادي جالوان وبحيرة بانجونج تسو. كما تواجه فيتنام عدوانًا صينيًا في مناطقها الاقتصادية الحصرية. لذلك، يجب أيضًا النظر إلى التقارب الثنائي على أنه محاولة على المستوى الثنائي لتعزيز بناء العلاقات ضد عدو مشترك للحصول على ميزة استراتيجية في أي احتمال.
وكان من المقرر أن يتم عقد المؤتمرات عبر الفيديو لتقييم التطور حتى الآن في مجالات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وأيضًا لتحديد المسار المستقبلي لتعزيز المشاركة. كما استكشف البلدان طرق إضافية للمشاركة الاقتصادية والدفاعية التي تحدث في الوقت الحاضر على المستوى الثنائي. كما اتفقا على استكشاف المشاركة المستقبلية في مجالات مثل الطاقة النووية السلمية، والفضاء، والعلوم البحرية، والتقنيات الجديدة. كما تمت مناقشة القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين. وقد أكدت الهند مرارًا أن فيتنام يجب أن تستفيد من قدرة الهند الاقتصادية ومطالبها.
أبعاد التعاون الثنائي بين الهند وفيتنام
دعت الهند فيتنام لتكون جزءًا من مبادرة المحيطين الهندي والهادئ (IPOI) والتعاون في جميع القطاعات التي تشكل جزءًا من هذا البرنامج. وتطمح الهند لرفع مستوى مواقعها الاستراتيجية في المنطقة البحرية.
وبناءً على ذلك، تعدُّ خطوة مهمة اتخذتها الهند لإدارة الأمن البحري والحفاظ عليه في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتأمين أصولها الاستراتيجية على المياه وداخلها. وقد أطلق رئيس الوزراء “ناريندرا مودي” مبادرة المحيطين الهندي والهادئ في قمة شرق آسيا في 4 نوفمبر 2019. وهي مبادرة عالمية للتعاون الإقليمي. وتقوم على سبع ركائز مركزية تشكل أساس الأمن البحري. وهي البيئة البحرية والموارد البحرية وبناء القدرات وتقاسم الموارد والحد من مخاطر الكوارث وإدارتها والعلوم والتكنولوجيا والتعاون الاقتصادي. وتعتبر دعوة فيتنام مهمة لأنها تواجه أيضًا مشكلة مماثلة للعدوان والتوسع الصيني في منطقة المحيط الهندي. وبالتوازي مع هذه المبادرة، فإن الآسيان لديها “نظرة مستقبلية على المحيطين الهندي والهادئ” وذلك لتحقيق الأمن المشترك والازدهار والنمو للجميع في المنطقة.
وتتجه الأوضاع في بحر الصين الجنوبي أيضًا من سيئ إلى أسوأ حيث نشرت الصين، مؤخرًا، طائرات مقاتلة وقاذفة H-6J في جزيرة وودي، وهي جزء من جزر “بارسل” المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. وقد اعترضت فيتنام بشدة على مثل هذا الحشد العسكري واحتجت عليه، واتهمت الصين بتعريض الوضع في المنطقة للخطر. وتمَّ توقيع الشراكة الاستراتيجية بين الهند وفيتنام في عام 2007. إذ تمَّ رفعها لاحقًا إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام 2016. وقد أدى ذلك إلى تسريع الزيارات الخارجية والتعاون بين البلدين. فالهند هي واحدة فقط من الدول الثلاث التي ترتبط فيتنام معها بشراكة استراتيجية شاملة.
وخلال عهد رئيس الوزراء “مانموهان سينغ” في عام 2011، وقَّعت الذراع الخارجية لشركة النفط والغاز الهندية على اتفاقية مدتها ثلاث سنوات مع شركة “بترو فيتنام” لتعزيز التعاون في قطاع النفط والغاز. وذلك لزيادة التنقيب عن النفط والغاز في بحر الصين الجنوبي. ومع ذلك، فقد بدأت سفينة المسح الصينية Haiyang Dizhi 8 وسفينتا خفر السواحل في عام 2019، إجراء مسح في الكتل النفطية التي كانت داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لفيتنام، حيث كانت الهند صاحبة المصلحة الرئيسية في ذلك. وهكذا كانت الصين تتدخل في مشاريع لتعطيل أنشطة التنقيب عن النفط التي تجري في المنطقة.
وكررت الحكومة الهندية وأعادت التأكيد على خطتها لإطلاق مشاريع الأثر السريع (QIP) التي تعدُّ جزءًا من برامج المساعدة الإنمائية للحكومة في شرق آسيا. وتهدف هذه البرامج إلى تعزيز وتحديث مرافق البنية التحتية في القطاعات الهامة للصحة والصرف الصحي والتعليم لصالح السكان المحليين. وقد وافقت الهند على 12 مشروعًا في إطار “برنامج مشاريع الأثر السريع” ليتم تنفيذها في فيتنام. وكان سبعة منهم في إدارة الموارد المائية في منطقة “دلتا نهر ميكونغ” في فيتنام. وارتبطت خمسة منها بإصلاحات البنية التحتية التعليمية في فيتنام.
كما برز التعاون الاقتصادي التقني الهندي في اجتماع 26 أغسطس. وهو برنامج ثنائي للمساعدة من قبل حكومة الهند بدأ في 15 سبتمبر 1964. ومن خلال هذا البرنامج، يتم مشاركة الإنجازات التكنولوجية وتجربة التنمية مع المنحة الدولية على أساس الشراكة مع الهند. وتعدُّ فيتنام بالفعل واحدة من أكبر المتلقين لمنح برامج التعاون التقني. وقد تمَّ إطلاق هذا البرامجبسبب التقدم في توجهات التعلم عن بُعد وتطوير التكنولوجيا.
وتعدُّ فيتنام أيضًا جزءًا من مشروع “ميكونج جانجا” Mekong Ganga الذي تمت صياغته مع دول الآسيان الخمس، (الأربعة الأخرى هي كمبوديا، وجمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية، وميانمار، وتايلاند). كما ازدهر التعاون التعليمي بين الهند وفيتنام بسبب كل هذه التطورات. كما تمت مناقشة منح الدكتوراه، والمشاريع في إدارة الموارد المائية في منطقة “دلتا نهر ميكونغ” في فيتنام والعديد من القضايا الأخرى في مؤتمر عبر الفيديو عقد أخيرًا.
وبالتالي، فإن العلاقات الثنائية بين الهند وفيتنام تسير على الطريق الصحيح وسط تدخلات الصين المستمرة في بحر الصين الجنوبي، حيث يكون لكلا البلدين مجالات مصالحهما الخاصة. فقد كان كلاهما ضحيتان للتوسع الصيني ولا يزالان تحت ضغط الإصرار التوسعي الصيني المعاصر. ويواجه كلا البلدين مشاكل مماثلة للتدخل الصيني. لذلك، يوجد في ظل المشاركة الاقتصادية مصالح استراتيجية عميقة الجذور أيضًا. لذا، فمن مصلحة كلا البلدين الوقوف في وجه المخططات الصينية في بحر الصين الجنوبي وفي أماكن أخرى على طول حدودهما.
الخلاصة
تعدُّ فيتنام شريكًا مهمًا للهند داخل الآسيان. ومن المصالح طويلة الأجل لكلا البلدين أنهما يجب أن يتعاونا في المنتديات متعددة الأطراف مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (فكلاهما أعضاء غير دائمين حتى عام 2021)، وقمة شرق آسيا وما إلى ذلك. وتعدُّ مذكرة التفاهم بين المؤسسة البحرية الوطنية للهند ومعهد البحث العلمي للبحار وجزر فيتنام خطوة ممتازة لتعزيز التعاون في المنطقة البحرية.
كما تعدُّ فيتنام عضوًا مهمًا في الآسيان، وبالتالي، يمكن أن تكون نقطة ارتكاز لانخراط الهند المستمر مع “الآسيان” و”الشرق الأقصى والأدنى”. وتعدُّ فيتنام دولة مهمة فيما يتعلق بالهندسة الأمنية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. ومن ثمَّ، فقد أدركت الهند، عن حق، الأهمية الاستراتيجية لفيتنام في ضوء تطلعات الصين للهيمنة في بحر الصين الجنوبي وخدمة تطلعاتها في المحيط الهندي، وكذلك في المحيطين الهندي والهادئ.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر