اليابان: “سوجا” رهان أكيد في انتخابات القيادة | مركز سمت للدراسات

اليابان: “سوجا” رهان أكيد في انتخابات القيادة

التاريخ والوقت : الإثنين, 7 سبتمبر 2020

أوريليا جورج مولجان

 

تعتبر نتيجة الانتخابات على قيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني المقررة في 14 سبتمبر محسومة، لذا فهي انتخابات بالاسم فقط. حيث يكاد يكون من المؤكد أن كبير أمناء مجلس الوزراء “يوشيهيدي سوجا” سيخلف “شينزو آبي” كرئيس وزراء اليابان القادم في 16 سبتمبر. وهو ما يعدُّ تحولاً كبيرًا خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن كان موقفه السياسي على أرضية أكثر هشاشة.

ولا تزال الأجنحة المختلفة داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي هي اللاعب المهيمن في الانتخابات الرئاسية للحزب. فتاريخيًا، كان دورها الرئيس هو دفع قادة الحزب نحو منصب رئاسة الوزراء. فقد اعتاد رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي ورئيس وزراء اليابان، الطلب تقليديًا لدعم تحالف الفصائل التي تقود غالبية أعضاء البرلمان الليبرالي الديمقراطي.

وحسابيًا، فإن “سوجا”، رغم أنه لا ينتمي إلى أي جناح بالحزب، فمن الواضح أنه الفائز بموجب هذا المعيار. لا سيَّما أن تصويت القيادة سيكون مغلقًا أمام الأعضاء العاديين بسبب مزاعم صعوبة التصويت أمام جميع الأحزاب. ويحظى “سوجا” بتأييد خمسة من أصل سبعة فصائل من الحزب الليبرالي الديمقراطي، بالإضافة إلى اثني عشر، أو نحو ذلك، من أعضاء البرلمان من الحزب الديمقراطي الليبرالي غير المنتمين إلى فصائل. وهذا سيضمن لـ”سوجا” حوالي 276 صوتًا يمثلون 70% على الأقل من جميع أعضاء البرلمان الليبرالي الديمقراطي. وتشير هذه الأرقام إلى أن الانتخابات لن تشهد منافسة حقيقية.

وسيتم إجراء التصويت في 14 سبتمبر من خلال “الحرس القديم” للحزب الديمقراطي الليبرالي، مع تعمد حرمان المجلس التنفيذي للحزب من التصويت لأعضاء الحزب العاديين لتحقيق النتيجة المفضلة لديهم. ومن غير المرجح أن ينتج تغيير حقيقي عن هذا التنافس بعد الانتخابات التمهيدية للفروع التابعة للحزب الديمقراطي الليبرالي التي تمَّ الإعلان عنها أخيرًا لاختيار ثلاثة مندوبين من كل فرع للتصويت في الانتخابات. وقد أظهرت الاستطلاعات الأخيرة أيضًا أن “سوجا” يتفوق على المرشحين من الفصائل المتنافسة في الرأي العام، فلديه دعم بنسبة 38% مقارنة بـ”شيجيرو إيشيبا” الذي يحصل على دعم بنسبة 25% و”فوميو كيشيدا” بنسبة 5%.

وفي النهاية، يعود الأمر إلى حقيقة أن فصيلي “كيشيدا” و”إيشيبا” لا يمكنهما حشد سوى 66 صوتًا، أو 17% من أعضاء البرلمان الليبرالي الديمقراطي. ويبدو أنهم استسلموا لاستخدام الانتخابات كمحاولة تجريبية لحشد الدعم لعطاءاتهم تحسبًا للانتخابات الرئاسية المقبلة للحزب في سبتمبر 2021. ومن هذا المنظور، يُنظر إلى “سوجا” على أنه يقود إدارة تصريف أعمال فقط.

ولم يعرب المتنافسون المحتملون الآخرون على رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي ورئاسة الوزراء، كوزير الدفاع “تارو كونو”، ووزير البيئة “شينجيرو كويزومي”، عن اهتمامهم بمتابعة ما يرون أنه قضية خاسرة. فقد قال نائب رئيس الوزراء “تارو آسو”، إن “تارو كونو” لا يزال بحاجة إلى مزيد من الخبرة ليصبح رئيس وزراء جيدًا. واتهم “كويزومي” المدير التنفيذي للحزب بـ”الكذب” بشأن سبب استبعاد أركان الحزب من التصويت.

ما هي الآثار المترتبة على فوز “سوجا”؟

أولاً، من منظور سياسي حزبي، سيؤكد استمرار أهمية فصائل الحزب الليبرالي الديمقراطي كلاعبين رئيسيين في انتخابات الحزب الرئاسية.

ثانيًا، من منظور الحكومة والسياسة اليابانية، ستضمن إدارة “سوجا” استمرارية العملية السياسية القائمة حاليًا. إذ لم يكن “سوجا” مؤيدًا قويًا ومدافعًا عن سياسات “آبي” فحسب، بل قدم أيضًا التزامًا صريحًا لمواصلة هذه السياسات، قائلاً: “سأتخذ مبادرات رئيس الوزراء آبي وسأفعل كل ما بوسعي لدفعها إلى الأمام”. وقد أعلن “سوجا” أنه سيتولى مسؤولية السياسة الاقتصادية لـ”آبي” والمعروفة بـ”آبي نوميكس” Abenomicsولن يلغي اتفاقية الحكومة الحالية مع بنك اليابان بشأن التيسير النقدي. ومن المرجح أيضًا أن يتبع “سوجا” سياسات “آبي” الخارجية.

وهذا يثير السؤال عما إذا كانت اليابان ستنتهي – بما يعرف بإدارة “آبي” – بحكم الأمر الواقع.

حقيقة أن “سوجا” يفتقر إلى الكاريزما، ويبدو على هيئة الموظف السياسي ولديه جاذبية شعبية متواضعة، تناسب أيضًا رئيس الوزراء السابق. ومن غير المرجح أن ينقلب “سوجا” على إرث “آبي” أو يعارضه. وقد يكون هذا سببًا آخر لاتفاق “آبي” مع الأمين العام للحزب الديمقراطي الليبرالي “توشيهيرو نيكاي” ونائب رئيس الوزراء “آسو” على أنه يجب عليه تحويل دعمه الذي طالما كان لزعيم الفصيل “فوميو كيشيدا” إلى “سوجا”. والواقع أن “كيشيدا” واجه هزيمة مؤكدة ضد “إيشيبا”، المنافس اللدود لـ”آبي”، الذي كان يحظى دائمًا بدعم قوي من أعضاء الحزب الليبرالي الديمقراطي المحلي الذي يمثل أيضًا تحديًا طويل الأمد أكبر بكثير من إرث “آبي”.

و”سوجا” يبدو ماهرًا في التهرب من الأسئلة حول السياسة وتجنب المساءلة كمتحدث رسمي باسم الحكومة، بما في ذلك المماطلة والدفاع عن الفضائح التي لا يمكن الدفاع عنها، والتي تعرضت لها إدارة “آبي” بشكل متكرر. وهو ما يثير السؤال: هل سيبقى “سوجا” الناطق بلسان “آبي” حتى بعد أن يصبح رئيسًا للوزراء؟

كما أن دور “آبي” بعد الانتخابات الرئاسية للحزب الليبرالي الديمقراطي يبدو غير واضح. هل سيبقى في النظام الغذائي؟ هل سيدير ​​الأمور من وراء الكواليس؟ هل سيقود “سوجا” إدارة الوضع بجمع كافة خيوط “آبي”؟

بل إن السؤال الأكثر صعوبة هو: إن كانت حكومة “سوجا”، مثل حكومة “آبي”، فهل ستكون إدارة بقيادة “كانتي”. في ظل هذا النظام، يلعب أولئك الذين تمَّ تجنيدهم في منصب رئيس الوزراء التنفيذي من العالمين السياسي والبيروقراطي دورًا بارزًا في متابعة المبادرات السياسية نيابة عن رئيس الوزراء، وإخضاع كل من الحزب الحاكم ووزراء” كاسوميغاسيكي” في عملية صنع السياسات.

إن أحد الأمور المؤكدة هو أن “آبي” قد رفع – بلا شك سقف قيادة رئاسة الوزراء. وهو ما سيكون من الصعب التعويل عليه.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: منتدى شرق آسيا

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر