سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
روشني كابور
إن الانتصار الساحق للحكومة الحالية للرئيس “غوتابايا راجاباكسا” في الانتخابات الأخيرة سيعزز موقفها بلا شك. ومع ذلك، فإن العودة إلى مسار مركزية السلطات قد يحد من فرصته في إعادة انتخابه في غضون خمس سنوات.
لقد فازت حكومة الرئيس “غوتابايا راجاباكسا” بالأغلبية العظمى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بنسبة 59٪ من الأصوات. وحصلت المعارضة الرئيسية، بقيادة “ساجيث بريماداسا” Sajith Premadasa، على حوالي 23٪ من الأصوات.
وبينما كان من المتوقع أن تعمل الحكومة بشكل جيد، فإن النتائج الأخيرة لهذه الانتخابات تعدُّ غير مسبوقة. فقد حصل حزب “بودوجانا”، على 145 مقعدًا، أي أقل بخمسة مقاعد فقط من أغلبية الثلثين. وبالتالي، سيتطلب الأمر ببساطة خمسة مقاعد إضافية من الأحزاب الصغيرة لإجراء تغييرات في السياسة دون صعوبة كبيرة.
استغلال أزمة الفيروس الوبائي
أجريت الانتخابات في فترة “شهر عسل” بالنسبة للحكومة وكانت شعبيتها في أعلى مستوياتها على الإطلاق. فقد لاقت رسائل حملة الحزب الحاكم صدى لدى العديد من الناخبين. كما واصل مسارًا مشابهًا في الانتخابات الرئاسية لعام 2019 من خلال حملتها التي شنتها على منصة حول الأمن القومي والقيادة المركزية والتنمية الاقتصادية.
علاوة على ذلك، فقد حظي تعامل الحكومة مع أزمة “كوفيد – 19” ببعض الثناء، حيث كانت هناك إدارة فعالة لاحتواء الوباء مع معدل وفيات منخفض بلغ 11 حالة وفاة و2900 حالة إصابة مؤكدة.
كما أضفت هذه الانتخابات الشرعية على دور “ماهيندا راجاباكسا”، رئيس الوزراء، الذي قاد الحملة الانتخابية للحزب. لقد عاد للسلطة على الرغم من المزاعم بأن رئاسته شابها الكثير من الفساد والاستبداد والمحسوبية.
وقد أدت عودة عائلة “راجاباكسا” بعد توقف دام خمس سنوات إلى سيادة الشعور بالأمن والاستقرار السياسي الذي كان مفقودًا إلى حد كبير خلال الحكومة السابقة في عهد الرئيس السابق “مايثريبالا سيريسينا” ورئيس الوزراء السابق “رانيل ويكرمسينغ”.
التعديلات الدستورية
ستتمتع الحكومة الآن بسلطة إجراء تغييرات دستورية شاملة لتقوية صلاحيات منصب الرئيس. وقالت المؤرخة والباحثة السياسية “جاياديفا أويانجودا”: “لقد رأينا في الماضي عندما كانت الحكومات تتمتع بأغلبية الثلثين (وهي لا تتوفر للحكومة الحالية)، وقد كان هناك ما يدعو للقلق بشأن الضوابط والتوازنات”.
لهذا، من المحتمل أن تلغي الإدارة تعديلاً دستوريًا أقرته الحكومة السابقة للجبهة الوطنية المتحدة للحكم الرشيد (ياهابالانا) في عام 2015. وقد أدى هذا الإصلاح إلى تقليص سلطات الرئيس ومنح المزيد من الصلاحيات لرئيس الوزراء والبرلمان والقضاء والشرطة والمؤسسات الأخرى. كما تمَّ إنشاء لجان مستقلة لمراقبة الشرطة والقضاء.
وتزعم حكومة “غوتابايا” أن التعديل أدى إلى ضعف الحكم والقيادة. وترى أن استعادة السلطات التنفيذية الكاملة أمر حتمي لتنفيذ خطتها الخاصة التي تطمح لجعل البلاد مستقرة اقتصاديًا وعسكريًا، على الرغم من عدم تحديد جدول زمني لهذا المخطط. كما أن إلغاء الحد بفترتين للرئاسة سيمكن “ماهيندا” من خوض الانتخابات المقبلة.
لقد جادل العديد من المحللين بأن اتجاه مركزية السلطات يتزايد منذ وصول إدارة “غوتابايا” للحكم. ففي حين كان الجيش عادة يلعب دورًا رئيسيًا في المجتمع السريلانكي، خطى “غوتابايا” خطوة أخرى إلى الأمام من خلال تعيين العديد من الأفراد العسكريين السابقين والعاملين في مناصب مدنية مهمة.
فعلى سبيل المثال، تمَّ تعيين اللواء السابق “كمال جوناراتنا” وزيرًا جديدًا للدفاع ورئيسًا للجنة تنظيم الاتصالات في سريلانكا.
حقوق الإنسان وشواغل الأقليات
إضافة إلى ذلك، فإن العديد من المؤسسات مثل “أمانة المنظمات غير الحكومية” تخضع حاليًا لوزارة الدفاع. لذلك، فإن هناك مخاوف من أن تكون مساحات العمل المدني والحرية التي تمَّ استعادتها خلال فترة حكومة “ياهابالانا” تواجه تهديدات حاليًا.
لقد أصدرت عدة منظمات حقوقية دولية، بما في ذلك منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية، رسالة مشتركة تحث الحكومة الحالية على وقف الاعتقالات المستهدفة وترهيب النشطاء والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان.
ويتزايد القلق حاليًا بشأن ما إذا كانت الحكومة ستتخذ خطوات لحماية مصالح الأقليات. فقد كان انسحابها من قرار الأمم المتحدة 30/1 بشأن المساءلة والمصالحة في فبراير 2020، مؤشرًا واضحًا على أنها لن تتعاون مع المجتمع الدولي في التحقيقات الخاصة بالجرائم التي وقعت خلال فترة الحرب.
وعلى الرغم من التأكيدات التي قدمت لجالية “التاميل” بأنه سيجري تشكيل لجنة تحقيق محلية، لم يتم اتخاذ أية خطوات بهذا الصدد حتى الآن.
ويعدُّ تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تتخطى الانقسامات الحضرية والريفية، ظاهرة متنامية في البلاد خلال الفترة الأخيرة. ذلك أنه من الواضح أن سياسة “الحرق القسري” التي نفذتها الحكومة أساءت إلى مشاعر الجالية المسلمة بالنظر إلى أن حرق جثث الموتى يعدُّ انتهاكًا لطريقة الدفن الإسلامية.
وقد نشرت وسائل الإعلام المحلية مزاعم لا أساس لها من الصحة بأن المجتمع المسلم مسؤول عن انتشار فيروس كورونا.
التحديات المقبلة
لقد كان تأمين أغلبية برلمانية يمثل أحد التحديات التي تغلبت عليها الحكومة. وفي حين أن الإصلاحات الدستورية يمكن أن تنتظر، بات من المتعين إعطاء الأولوية للاقتصاد المتدهور والأمن القومي والمسائل العرقية. فقد انكمش اقتصاد البلاد بنسبة 1.6٪ خلال الربع الأول من عام 2020 بسبب وباء “كوفيد – 19” الذي أصاب قطاع السياحة بشكل كبير.
ومن ثم، فإن الحكومة تنتظرها مهمة صعبة تتمثل في إنعاش الاقتصاد وإعادة بناء ثقة المستثمرين في أعقاب الوباء الذي كان له أثر كبير. أمَّا على صعيد السياسة الخارجية، فقد شدد “غوتابايا” على أن إدارته ستتبع سياسة متوازنة الأبعاد والانخراط في مسار من عدم الانحياز.
ومع ذلك، ربَّما يكون الاتصال الدبلوماسي بين الدول الغربية وسريلانكا صعبًا، نظرًا لوجود انزعاج متبادل بين الاثنين خلال رئاسة “ماهيندا”. وبذلك، سيحتاج الغرب إلى قبول الحقائق على الأرض وإعادة التفكير في مشاركته مع “راجاباكسا”.
ورغم أن مهمة الحكومة قد تتوقف في الفترة المقبلة، لكن العودة إلى مسار الاستبداد المزعوم ومركزية السلطات قد يأتي بنتائج عكسية ويحد من فرصتها في إعادة انتخابها في غضون خمس سنوات. وعلى الرغم من فوز “ماهيندا” الساحق في الانتخابات الرئاسية عام 2010، فإنه أُطيح به في الانتخابات الرئاسية عام 2015 في ظل التأثيرات المناهضة لشغل المناصب العليا. كما قامت المعارضة بقيادة “سيريسينا” التي شكلت تحالفًا مع العديد من الهيئات السياسية والمدنية بحملة استهدفت كشف الحقائق الخاصة بالحكم الرشيد والشفافية والمساءلة والنزاهة. وقد كان صدى ذلك جيدًا لدى الجمهور. لكن هذه المرة، إذا تمكن “بريماداسا” من حشد المعارضة الرئيسية، فربَّما يزيد ذلك من الرصيد السياسي له بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية المقبلة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر