سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أعلن رئيس الوزراء المكلَّف، هشام المشيشي، التشكيلة المقترحة للحكومة التونسية المقبلة، التي سيتعيَّن عليها، بطبيعة الحال، الحصول على ثقة البرلمان؛ وهنا قد تواجه اعتراضاً من قوى سياسية لها ثقلها البرلماني ترفض فكرة حكومة التكنوقراط؛ الأمر الذي قد يقود إلى حل البرلمان، وعقد انتخابات جديدة.
أعلن رئيس وزراء تونس المكلَّف، هشام المشيشي (46 عاماً) أول من أمس الاثنين، وقبل ساعات من انتهاء المهلة الممنوحة له، التشكيلة المقترحة لحكومته، ولم يكن مفاجئاً أن يقدم المشيشي حكومة تكنوقراط مستقلة عن الأحزاب والقوى السياسية؛ حيث إنه أكد ذلك مرات عدَّة؛ على الرغم من اعتراض قوى سياسية وازنة في الساحة السياسية على فكرة تشكيل حكومة كفاءات، ودفعها في سبيل تشكيل حكومة حزبية سياسية.
ولا شك أن الذي دفع المشيشي إلى اختيار حكومة تكنوقراط على الرغم من هذا الاعتراض، الذي قد يهدّد بعدم منح البرلمان حكومته الثقة، هو إدراكه الأهمية الكبيرة للنأي عن الصراعات السياسية الطاحنة بين القوى السياسية المختلفة، التي قادت إلى انهيار حكومة سلفه، إلياس الفخفاخ.
وتشير طبيعة التشكيل، الذي أعلنه المشيشي، إلى حرص الرجل على اختيار شخصيات مستقلة بالفعل ومشهود لها بالكفاءة؛ حتى يقلل من حدَّة الرفض المتوقَّع من القوى السياسية التي ترغب في تشكيل حكومة حزبية، ومن هذه الشخصيات علي الكعلي، وهو مصرفي اقتصادي ليبرالي، اختاره المشيشي وزيراً للاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار؛ بعد أن قرر دمج الوزارات الاقتصادية في إطار إعادة هيكلة للحكومة. وتضمَّن هذا التشكيل تعيين توفيق شرف الدين وزيراً للداخلية، وإبراهيم البرتاجي وزيراً للدفاع، وعثمان الجرندي وزيراً للخارجية، ووليد الزيدي وزيراً للثقافة، وسيكون أول وزير كفيف في تاريخ تونس، في حال حصلت تشكيلة المشيشي على ثقة البرلمان.
وكما سلف القول؛ فإن حكومة المشيشي، التي تضم 28 عضواً ما بين وزراء وكتَّاب دولة، تحتاج إلى الحصول على الثقة في البرلمان خلال الأيام المقبلة. وفي حال فشلها في تحقيق هذا الهدف، ربَّما بسبب اعتراض الحزبين الكبيرين في البرلمان («حركة النهضة» و«قلب تونس»)؛ فإن للرئيس حق حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة. وقد سبق للمشيشي أن عرض قائمة تشكيلة الوزراء المقترحة على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للتثبُّت من خلو سجلاتهم من أي شبهات فساد، أو تضارب مصالح، أو قضايا تهرب ضريبي، حيث إن شبهة تضارب المصالح قد أدت إلى انهيار حكومة الفخفاخ؛ وهو ما يتسق مع سعي المشيشي وهدفه أن تكون حكومته المقترحة فوق مستوى الشبهات، وفوق مستوى التحزب؛ ما يسهّل له مهمة نيل ثقة البرلمان.
ولا شك أن فشل المشيشي -الذي تعهد، لدى تسليمه قائمة التشكيل المقترَح للرئيس قيس سعيد، بأن تعمل حكومته، في حال إقرارها، باستقلال تام- في الحصول على ثقة البرلمان سيعني استمرار فشل القوى السياسية في التوافق، ومن ثم استمرار الأزمة السياسية القائمة في البلاد، التي أدت إلى إطاحة حكومة الفخفاخ، وهي الأزمة التي كانت لها تأثيراتها السلبية الحادة في الأوضاع الاقتصادية، التي زادت تدهوراً بسبب تداعيات أزمة جائحة فيروس «كورونا» المستجد، (كوفيد-19)، وهنا تجدر الإشارة إلى أن «المعهد الوطني للإحصاء» في تونس قد أكد، في تقرير حديث، أن اقتصاد البلاد انكمش بنسبة 21.6 بالمئة في الربع الثاني من العام الجاري على أساس سنوي، كما ارتفعت نسبة البطالة لتصل إلى 18 بالمئة في الربع الثاني.
على هذا النحو، سيكون موقف البرلمان من التشكيل الحكومي الذي اقترحه المشيشي نقطة تحول في المسار الانتقالي الذي تعيشه تونس منذ إطاحة نظام زين العابدين بن علي؛ فإما أن ينال هذا التشكيل ثقة البرلمان، وتتجه تونس إلى استقرار سياسي ولو مؤقتاً؛ وإما أن يرفض البرلمان الحكومة المقترحة؛ الأمر الذي سيعمّق الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد؛ وهذا الوضع سيكون له المزيد من التداعيات السلبية على الوضع الاقتصادي؛ وهو أمر إن تحقق سيفاقم من التظاهرات والاحتجاجات التي تشهدها تونس؛ التيقد تؤدي إلى دخول البلاد في حالة من عدم الاستقرار.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر