سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
رينجيساي تشيكوهوميرو
وصل المبعوثون الخاصون للرئيس “سيريل رامافوزا” إلى زيمبابوي بالعاشر من أغسطس وعادوا إلى جنوب إفريقيا في اليوم التالي، تاركين الوضع كما كان من قبل مع آمال ضئيلة جدًا في التغيير. فالصحفي الشهير “هوبويل تشينونو” والناشط المعارض “جاكوب نغاريفهوم” لا يزالان في السجن. كما يستمر الفساد بلا هوادة في حكومة زيمبابوي المتعجرفة كما كانت دومًا.
وقد تجاهل المبعوثون المعارضة السياسية، فتمَّ إلغاء اجتماع مع حركة التغيير الديمقراطي الذي تشكل في الآونة الأخيرة. ويبدو أن مواطني زيمبابوي الآن في حيرة من أمرهم حيث يحاولون فك رموز ما جاء مبعوثو جنوب إفريقيا من أجل القيام به.
ويبدو أن العرض قد انتهى قبل أن يبدأ. فللحظة وجيزة، كان هناك أمل في أن تقوم حكومة جنوب إفريقيا باستدعاء إدارة “منانجاجوا” بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. وقد جاء ذلك بعد أسابيع من الاحتجاجات المستمرة بسبب قيود “كوفيد – 19” على التجمعات، والحملات التي انطلقت على “تويتر” ضد اعتقال الصحفيين البارزين ونشطاء المعارضة، وكذلك اليأس العام من حالة البلاد.
وقد أشارت حكومة “رامافوزا” لأول مرة علنًا إلى بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان في زيمبابوي عبر سلسلة تغريدات من وزارة الخارجية والتعاون الدولي. ويعد ذلك خروجًا ملحوظًا على التدخلات السابقة، حيث تجنبت الوزارة إصدار أي تصريحات بشأن زيمبابوي، أو أصدرت بيانًا فاترًا يقترب من التضامن مع الحكومة في هذا البلد.
كما خرج المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، من خلال الأمين العام “آسي ماجاشول” Ace Magashule، قائلاً بقوة إن التطورات في زيمبابوي “لا مبرر لها”. ومثل هذه الاستجابة الجريئة من الاتحاد الوطني الأفريقي لزيمبابووي لم يسمع بها منذ أن بدأت الأزمة في زيمبابوي منذ أكثر من عقدين.
وحتى في ذروة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والصراعات السياسية، مثل: جولة الإعادة لعام 2008، والعنف الذي أعقب الانتخابات عام 2018، والقمع الوحشي للاحتجاجات في يناير 2019، اختارت جنوب إفريقيا دائمًا الدبلوماسية الهادئة والنهج السلمي. فلم تدن أبدًا بشكل صريح تجاوزات حزب الاتحاد الوطني الإفريقي لزيمبابوي.
ويبدو أن حركة “حياة الزيمبابويين مهمة” #Zimbabweanlivesmatter قد حركت الآن أحزاب المعارضة في جنوب إفريقيا لدفع حكومة الاتحاد الوطني الأفريقي لزيمبابووي إلى التحرك في هذا الصدد. ومن الواضح أن الحملة التي انطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي قامت بها جماعة “المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية” (EFF) وزعيمها “جوليوس ماليما” ضربت الوتر الصحيح.
فقد دعت هذه الحركة “رامافوزا” لكبح جماح الرئيس “إيمرسون منانجاجوا” بتهديده بالزحف إلى المفوضية العليا في زيمبابوي ودفع رئيس جنوب إفريقيا لإلغاء أوراق اعتماد المفوض السامي. لذلك يمكن اعتبار إرسال المبعوثين ردًا على تهديدات هذه الحركة وليس رغبة حقيقية في كشف الحقيقة حول التطورات في زيمبابوي، وإيجاد حلول للأزمة المستمرة منذ فترة طويلة.
وتعد الرسالة الكامنة في التحركات الدبلوماسية جيدة مثل المبعوثين الذين يحملونها. ذلك أن تكوين وولاية وفد جنوب إفريقي مفيد في هذا الصدد. ففي حين أن رئيسة البرلمان السابقة “باليكا مبيتى”، هي عضوة رفيعة المستوى الاتحاد الوطني الأفريقي لزيمبابووي ، إلا أنها لا تملك النفوذ السياسي الذي يجب أن يؤخذ على محمل الجد من قبل الحزب، ولا حتى الجاذبية والنزاهة التي يجب احترامها من قبل الزيمبابويين بشكل عام. ويُنظر إلى “مبيتي” على أنها ودودة ولطيفة مع رئيس زيمبابوي ومن غير المرجح أن تكون صريحة معه.
فالوزير السابق “سيدني مفامادي”، وهو مفاوض وخبير شارك في محادثات المؤتمر من أجل ديمقراطية جنوب إفريقيا (كوديسا)، لكن لديه تاريخ حافل بتجاهل المعارضة الزيمبابوية.
ومع انطلاق أعمال المبعوثين، فقد كانت المهمة مشؤومة حتى قبل انطلاقها. فقد تجاهلت المعارضة والمجتمع المدني الذي نبه حكومة جنوب إفريقيا إلى الأزمة في المقام الأول. وبالنسبة للعديد من الزيمبابويين، فقد بدا هذا الإرسال الدبلوماسي أشبه بممارسة علاقات عامة أكثر من كونه محاولة حقيقية لإيجاد حلول.
وبالتساؤل حول نهاية اللعبة الدبلوماسية لبريتوريا، نجد أنه من غير المحتمل أن يكون لمبعوثي جنوب إفريقيا تفويضًا بجمع الحقائق، حيث غادروا البلاد دون التعامل مع أي شخص سوى “منانجاجوا”. كما لا يوجد الوضوح الكافي بشأن وجود خطة عمل محددة لحل أزمة زيمبابوي المتفاقمة من جانب حكومة “رامافوزا”.
كما يثار التساؤل: هل سيؤدي اهتمام جنوب إفريقيا الأخير بمشاكل زيمبابوي إلى المحادثات؟ لقد تمَّ بالفعل الترويج للمفاوضات على أنها مفتاح لحل كل ما هو خطأ في البلد. لكن على أي أساس ستُجرى المحادثات، وهل بالإمكان أن تكون الأجندة والنتائج للخصوم المصممين على إبادة بعضهم البعض.
الفساد والمحسوبية
إن المحسوبية هي شريان الحياة بالنسبة للحزب الحاكم في زيمبابوي؛ ذلك أنه من غير المحتمل حل هذه المشاكل من خلال المحادثات. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحزب الحاكم ليس لديه أي رغبة في التفاوض. لكن الحزب لديه تفويض انتخابي واضح منذ عام 2018، ما يؤهله للاستمرار فيما يفعل حتى النهاية. إذ لا توجد حوافز حقيقية للحزب حتى يقوم بإصلاح نفسه، كما أنه لن يقوم بأي دور تضامني مع المعارضة إلا في خيالات جماعات المعارضة ذاتها. وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن يكون حل الوضع الراهن في زمبابوي مسؤولية جنوب إفريقيا وحدها. إذ ينبغي أن تقود “مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية” (سادك) استجابة جماعية وموحدة. وما دامت الـ”سادك” في موقف صامت، تبدو جنوب إفريقيا مقيدة، ما يجعل حركة “حياة الزيمبابويين مهمة” تواصل السير في طريقها الضال. وبدلاً من إرسال مبعوثين، يجب على “رامافوزا” تحفيز الاستجابة الإقليمية من خلال إعادة زيمبابوي إلى جدول أعمال “مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي”، أو على أقل تقدير، أن يبعث برسالة واضحة مفادها أن الدول الأعضاء ستُحاسب على انتهاكات حقوق الإنسان وأن الكتلة الإقليمية تراقب ذلك.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: مؤسسة الدراسات الأمنية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر