سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تسبَّب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد بتراجع حركة التجارة العالمية، وخاصة أن الصين، التي بدأ انتشار الفيروس من أراضيها، وتعدُّ المحرك الأول لعمليات الإنتاج والتوريد إلى معظم دول العالم، اتخذت إجراءات صارمة للحد من انتشار الوباء، تبعتها في ذلك معظم دول العالم، التي أغلقت حدودها هي الأخرى أمام حركة الاستيراد، وعطَّلت حركتي الإنتاج والنقل في الداخل.
نتيجة لتوجُّه الدول نحو اعتماد سياسات الإغلاق، التي حدَّت من حركة التجارة، وقلَّصت حجم النمو الذي كان مأمولاً في هذا القطاع قبل انتشار الوباء، قالت منظمة التجارة العالمية، في تقريرها نصف السنوي الصادر مؤخراً، إن «التجارة العالمية تضرَّرت بفعل قيود جديدة ومتراكمة على الاستيراد، في الوقت الذي تحتاج فيه الاقتصادات إلى إعادة بناء في ظل أزمة كوفيد-19». لكن في المقابل أشارت المنظمة إلى تراجع قيود التصدير التي كانت مفروضة على كمامات الوجه الجراحية والأدوية والمعدات الطبية.
وكانت منظمة التجارة العالمية قد أشارت، في تقديراتها للربع الثاني من عام 2020، في يونيو الماضي، إلى تراجع التجارة العالمية بنسبة 18% على أساس سنوي، لكن مديرها العام، روبرتو أزيفيدو، قال خلال عرضه التقرير نصف السنوي «إنه على الرغم من أن الأثر الكامل للجائحة لم ينعكس بعدُ في إحصاءات التجارة، فإن التوقعات تشير إلى أنه سيكون كبيراً»؛ الأمر الذي ينبئ بأن التجارة العالمية ستكون إحدى كبرى ضحايا الوباء والإجراءات التي اتُّخِذت لاحتوائه. وفي إبريل الماضي توقعت منظمة التجارة العالمية تراجع تجارة السلع العالمية بما بين 13% و32% في العام الجاري، على أن تتعافى بما بين 21% و24% في عام 2021، حيث قال أزيفيدو بشأن ذلك: «تراجع التجارة الذي نراه حالياً ضخم تاريخياً، في الواقع سيكون الأشدَّ منذ بدء الاحتفاظ بسجلات. ولكنْ ثمة جانبٌ إيجابيٌّ هنا: إن الوضع كان يمكن أن يكون أسوأ كثيراً»، في إشارة إلى استجابة الحكومات سريعاً لتقليص إجراءات الإغلاق، والتوجه تدريجياً نحو الانفتاح في حركة الإنتاج ونقل البضائع والسلع وتوريدها.
وأمام تلك المؤشرات كلّها؛ فإنه بالإمكان القول إن تراجع معدلات التجارة العالمية بات أمراً محسوماً؛ نتيجة توالي التقديرات المتشائمة التي يصفها خبراء بـ «السيئة». وبرغم تقليص سياسات الاحتواء إلى حدودها الدنيا؛ فإن هؤلاء ما زالوا يخشون عودة موجات جديدة من الوباء، تجعل الدول مضطرة إلى فرض حالة من الطوارئ التي قد تقلّص حرية حركة الملاحة والشحن، وتجبر الموظفين والعمال على البقاء في منازلهم؛ ما يوقف عجلة الاقتصاد مجدَّداً، ويضع حركة الإنتاج والصناعة والتوريد أمام ضربات أخرى خلال النصف الثاني من العام الجاري.
إن أهمية إعادة إنعاش التجارة العالمية تأتي انطلاقاً من مجموعة من الأسباب؛ إذ لا يمكن تحقيق النمو من دون استمرارية التبادل السلعي مع الخارج؛ وبالتالي ولكي نأخذ بمنحنيات التجارة الدولية نحو الصعود؛ فلا بدَّ من البحث عن آليات جديدة فيما لو اضطرت الدول إلى اتخاذ سياسات لاحتواء فيروس «كورونا المستجد»؛ كأن تستثني هذه الإجراءات العاملين في هذا القطاع من فرض القيود على الحركة والتنقل، وأن تحرص على مواصلة حركة الإنتاج للسلع الحيوية التي تعتمد عليها اقتصادات كل دولة أو إقليم في الإنتاج والتوريد، وأن يتم عقد اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين الدول تقلّص الإجراءات الحمائية، وتشجع المنتجين والتجار على إنتاج السلع وتوريدها بين الدول.
وحتى يتم تحويل التحديات، التي نجمت عن تفشي الوباء والإجراءات المتخذة لاحتوائه، إلى فرص؛ فإن الأولوية لدعم التجارة الدولية تكمن، وفق خبراء، في تنويع الدول سلاسل التوريد؛ لتمكينها من تخفيف أي أثر قد ينجم عن انقطاعها بسبب «كورونا». كما بات من المهم تقوية المنصات الرقمية؛ لطرح فرص متنوعة للاستثمار، وتعزيز أنشطة التجارة الإلكترونية، وخاصة أن حصتها من مبيعات التجزئة العالمية شهدت نمواً كبيراً خلال أزمة «كورونا»، فاق التوقعات التي كانت تقول إنها ستصل إلى 16% هذا العام، بقيمة تبلغ 26 تريليون دولار.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر