سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
وايلدر أليخاندرو سانشيز
تعتبر بعثة الأمم المتحدة المتعددة المهام لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى، لاعبًا محوريًا في شؤون الدولة الإفريقية، التي تواجه عدم الاستقرار الداخلي بسبب العديد من حركات التمرد على أراضيها، بجانب ما تعانيه من أزمات ناتجة عن جائحة “كوفيد – 19”. وتعدُّ جمهورية بيرو إحدى الدول المساهمة في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى، التي لها تاريخ طويل من المشاركة في عمليات حفظ السلام.
وفي مقابلة حصرية مع الكابتن “جيسيكا تشوكيسينغو أكوستا” من جيش بيرو، تشرح أنشطة الشركة الهندسية لبيرو التي تعمل حاليًا في البعثة الأممية في جمهورية إفريقيا الوسطى، والعمليات التي تقوم بها قوات حفظ السلام التي تضم بينها عددًا من الجنود الإناث.
مينوسكا وبيرو
حتى مارس، كان لدى البعثة الأممية، التي تتخذ من بانغي عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى مقرًا لها، 13252 فردًا، بينهم أكثر من 10 آلاف جندي من الوحدات وأكثر من ألفي ضابط شرطة.
وقد تمت الموافقة على هذه البعثة أول مرة في 10 أبريل 2014 بعد أن انزلقت البلاد لحالة فوضى أدت إلى الإطاحة بالرئيس “فرانسوا بوزيز” عام 2013 من قبل تمرد قاده تحالف يعرف باسم “سيليكا”، الذي يعني “التحالف” بلغة السانغو المحلية، وهو ما أدى إلى أعمال عنف ذات دوافع دينية. وسرعان ما هبطت قوة مختلطة من القوات الفرنسية والإفريقية في البلاد في محاولةٍ لاستعادة النظام وحفظ الاستقرار. ثم تعززت هذه القوة من قبل وحدة إضافية من الاتحاد الأوروبي.
وحتى 31 مايو، بلغ إجمالي مساهمة بيرو في تلك البعثة الأممية 204 من أفراد الوحدات و6 خبراء و9 من الموظفين، ليصبح الإجمالي 219 فردًا، وفقًا للمعلومات المتوفرة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وقد تمَّ نشر الفرقة الخامسة من سرية المهندسين البيرويين في جمهورية إفريقيا الوسطى، بقيادة العقيد “كارلوس سانشيز”، في يناير الماضي.
ماذا تفعل قوات حفظ السلام البيروية؟
تشمل مهام شركة الهندسة البيروية مسح التضاريس، وضغط التربة، وتسوية الأراضي كجزء من بناء المطارات، وبناء صيانة وإصلاح المطارات غير المعبدة، وبناء وصيانة مهابط الطائرات العمودية، ونقل المعدات إلى مناطق البناء، بجانب أمور أخرى.
وتشير الكابتن “تشوكيسينغو” إلى بعض المشاريع التي أنجزتها شركة”في كونتينجينت”V Contingentمنذ وصولها إلى جمهورية إفريقيا الوسطى، التي شملت بناء طريق غمبيا – نوفو، وإصلاح ثلاثة جسور في أمادا. إضافة إلى ذلك، وحتى وقت كتابة هذه السطور، كانت الإصلاحات جارية على طريق بوار- بوسيمبيلي، حيث يتم تركيب جسر “أكرو” Acrowالمسبق الصنع بطول 15 مترًا في بوكارانجا. كما تقدم الشركة الهندسية البيروية أيضًا الدعم اللوجستي لنقل المياه إلى مخيمات اللاجئين والمعارضين داخل منطقة عملياتها.
وأوضحت الكابتن “تشوكيسينغو” أن أحد المشاريع التي تنفذها الخوذ الزرقاء في بيرو هو بناء مهبط للطائرات العمودية في بوار، بما في ذلك ثلاث مناطق للهبوط، ومساحة لسيارات الأجرة، ومشروعات أخرى، ستكون بمثابة المقر التشغيلي لوحدة حفظ السلام من بنجلاديش. وبحسب صحيفة “فاينانشال إكسبريس” في بنجلاديش، فإن “القوات الجوية لبنجلاديش (BAF) سترسل فرقة تتكون من ثلاث طائرات هليكوبتر مسلحة من طراز MI-171مزودة بأنظمة الرؤية الليلية و125 فردًا” إلى البعثة الأممية.
أمَّا بالنسبة لجائحة “كوفيد – 19″، فتعلق الكابتن “تشوكيسينغو” بثقة قائلة: “بينما يتقيد نشاطنا إلى حد ما، فإن عملياتنا لن تتوقف، حيث جئنا إلى جمهورية إفريقيا الوسطى بهدف واحد وسيتم تحقيقه”.
مستقبل الإناث المشاركات في عمليات حفظ السلام
لدى الشركة الهندسية البيروية في بعثة الأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى حاليًا 26 امرأة من العاملين في حفظ السلام. ومن بين الضابطات العسكريات في الوحدة هناك الضابطات وضابطات الصف والفنيات، وكذلك أفراد البحرية من مهندسات عسكريات، وطبيبة، وطبيبة نفسانية، وعاملات بالتمريض العسكري، بالإضافة إلى عدد منهن يقمن بعمليات أخرى، مثل: الاتصالات، والاستخبارات، والترجمة، والمهام الإدارية، والدعم اللوجستي في أركان القيادة. كما أن شركة “كونتينجينت”، وللمرة الأولى، لديها خبير قانوني يعمل على قضية بالغة الأهمية، وهي منع الاعتداء والاستغلال الجنسيين، ويدير أيضًا التعاون المدني العسكري مع سلطات جمهورية إفريقيا الوسطى.
هنا يمكن أن نلاحظ كيف أن مشاركة قوات حفظ السلام على درجة من الأهمية والفائدة بالنسبة للسكان المدنيين في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تظل البعثة على اتصال مباشر مع النساء والأطفال وتعمل على مساعدتهم. إضافة إلى ذلك، يمكن أن نلاحظ أن النساء المحليات أكثر انفتاحًا وتفاعلاً مقارنة بالعاملات في بعثة حفظ السلام؛ وهو ما يساعد في دعم العمليات، إذ يؤدي ذلك إلى خلق شعور عام بالثقة.
فخلال عمل البعثة كان أفرادها مسؤولين عن تنسيق عدد من المشروعات من خلال المهندسين البيرويين الذين عززوا البنية التحتية لمركز يهتم بالأطفال والمراهقين. وقد ساعدت تلك المشروعات على تحسينات في المنطقة لتفادي مخاطر الأمطار، وكذلك تحسين وصول المركز إلى مياه الشرب.
وكما ذكرنا سابقًا، فإلى جانب قوات حفظ السلام من بنجلاديش والكاميرون ونيبال، تقوم بعثة حفظ السلام بالتعاون مع السكان المحليين بأنشطة لمنع الاستغلال والاعتداء الجنسيين في الدولة الإفريقية.
إن زيادة مشاركة الإناث في عمليات حفظ السلام تعدُّ ذات منفعة مزدوجة، حيث تفوز جميع الأطراف. ليس فقط السكان من الإناث يشعرن براحة أكبر في التعبير عن بعض مخاوفهن تجاه الجنديات التابعات للبعثة ممن يرتدين الخوذ الزرقاء. لكن، كما كانت تشير بعض عضوات بعثة حفظ السلام في بيرو، فإن هذه العمليات تساعد النساء على “تقدير أنفسهن أكثر، وتساعدهن على الإيمان بأنفسهن”.
تنضم النساء المحليات إلى البعثة الأممية – وفقًا لبعضهن – من أجل توسيع معرفتهن وخبرتهن في الشؤون العالمية؛ حيث تتاح لهن الفرصة للمشاركة في مثل هذه التجربة الفريدة على المستوى الشخصي والمهني، ومساعدة المناطق التي تحتاج إلى السلام والأمن. وقد اعتبر بعضهن أن تلك المشاركة تمثل فرصة لا يمكن رفضها.
وقد أوصى مجلس العلاقات الخارجية، وهو إحدى المؤسسات المرموقة، بزيادة عدد المشاركات في عمليات حفظ السلام. وتفسيرًا لتلك التوصية يقول المجلس إنه في ناميبيا ورواندا وجنوب إفريقيا، كان السكان المحليون ينظرون إلى أفراد الشرطة النسائية المشاركات بعمليات حفظ السلام على أنهن أكثر فعالية في تخفيف العنف المحتمل، وأقل تهديدًا، وأكثر تقبلاً بين المدنيين، إلا أن تلك العملية لا تزال على درجة عالية من التعقيد. كما يشرح “سكوت مورجان”، وهو محلل مقيم في واشنطن ومتخصص في الشؤون الإفريقية ورئيس مؤسسة “ريد إيجل” Red Eagle Enterprises، مؤكدًا أنه في وقت ما، خلال شهر يونيو، ستكون هناك فرصة لمعرفة إن كان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيمدد تفويض البعثة لمدة عام آخر أو لا.
ويوضح “مورجان” أن السؤال الأساسي الذي يجب أن يوضع في الاعتبار هو: هل تحسن الوضع على الأرض، أم أنه ازداد سوءًا، أم أنه لم يحدث أي تغيير على الإطلاق؟ هنا نجد أن شيئًا واحدًا فقط هو الذي بات مؤكدًا، وهو أنه كالعديد من بعثات حفظ السلام الأخرى النشطة في جميع أنحاء العالم، كان لهذه المهمة نصيبها العادل من الجدل (بما في ذلك ادعاءات الاعتداء الجنسي ضد بعض أفراد قوات حفظ السلام التابعة للبعثة). ويضيف “مورجان” أنه مع ذلك، كان هناك بعض النجاح في استعادة الاستقرار إلى البلد الذي عانى طويلاً.
وفي فبراير 2019، عادت الآمال عندما توصلت حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى إلى اتفاق مع 14 جماعة متمردة في محاولة لاستعادة السلام إلى البلاد. لكن الاتفاق لا يزال ضعيفًا مع استمرار ظهور تقارير متفرقة عن العنف في المناطق النائية. ونتيجة لذلك، قامت منظمات إنسانية مختلفة، مثل مجلس اللاجئين النرويجي، بتعليق عملياتها، أخيرًا، في مقاطعة “بامنجو بونجوران” Bamingui-Bangoran، بسبب العنف الذي شهدتها المنطقة.
إضافة إلى ذلك، فإن علم الأمم المتحدة لا يجعل قوات حفظ السلام محصنة من العنف منذ شهر مارس الماضي، فقد قُتِلَ عناصر من قوات حفظ سلام من بوروندي على يد عناصر مناهضة لـ”بالاكا” في غريماري، التابعة لمحافظة أواكا. وبوجه عام، تكبدت البعثة الأممية نحو 106 قتلى.
ولا يزال الوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى معقدًا بسبب استمرار العنف وتهديد فيروس كورونا الجديد المتفشي. وفي ظل هذا السيناريو المعقد والخطر نجد أكثر من اثني عشر ألفًا من أفراد حفظ السلام المعينين للبعثة الأممية في جمهورية إفريقيا الوسطى، ومع العدد المتزايد من المشاركات النساء، مثل الكابتن “جيسيكا تشوكيسينغو أكوستا”، تواصل بيرو تقاليدها الطويلة في المشاركة في عمليات حفظ السلام.
أخيرًا، إن كون المرء يعمل جنديًا في بعثة أممية لحفظ السلام، هو عمل شاق وخطير، لكنه مهم أيضًا ويستحق أن يسعى العسكريون لأن يكونوا جزءًا منه لفترة طويلة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: جيوبوليتيكا مونيتور
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر