العلاقات اليابانية الأميركية بعد “كوفيد – 19” | مركز سمت للدراسات

العلاقات اليابانية الأميركية بعد “كوفيد – 19”

التاريخ والوقت : الإثنين, 15 يونيو 2020

فومياكي كوبو

 

يصر الكثيرون على أننا نشهد بوادر نظام عالمي جديد في ظل جائحة “كوفيد – 19” الحالية. لكن في شرق آسيا، هناك عدد من المظاهر التي تشير إلى أننا ما زلنا نعيش، على الأقل جزئيًا، في نفس العالم من الجغرافيا السياسية بمستوى عالٍ من التوتر.

فالسفن الصينية تواصل التدخل في المنطقة المتاخمة والبحر الإقليمي لليابان بالقرب من جزر سينكاكو. وفيما بين يناير ومارس 2020، دخلت 289 سفينة صينية المنطقة المتاخمة، بزيادة وصلت إلى 57% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وفي 11 أبريل، عبر الأسطول البحري الصيني مع أول حاملة طائرات في البلاد “لياونينغ” من خلال مضيق “مياكو” قبالة أوكيناوا. في 9 مايو، أفاد خفر السواحل الياباني بأن سفينتين من خفر السواحل الصيني اقتربتا ولاحقتا قارب صيد يابانيًا في المياه الإقليمية اليابانية بالقرب من جزر سينكاكو في بحر الصين الشرقي. كما تمَّ إطلاق وابل من الصواريخ الكورية الشمالية من الأرض والطائرات المقاتلة خلال شهر أبريل.

وفي حين يصعب على اليابان التعامل مع عدم القدرة على التنبؤ من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أقر في الآونة الأخيرة في يونيو 2019، أنه ما دامت اليابان ليست مضطرة للدفاع عن الولايات المتحدة، فإن التحالف غير عادل ويجب تغييره، إذ تمكنت اليابان من تحقيق علاقات جيدة نسبيًا مع إدارة ترمب.

إن أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو العلاقة الشخصية بين رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبي” والرئيس ترمب. بجانب موقف إدارة ترمب الصارم تجاه الصين.

ورغم عيوبها، من وجهة نظر بعض المسؤولين الحكوميين اليابانيين، فإن إدارة ترمب يبدو أنها تخدم مصالح الأمن القومي الياباني بشكلٍ أفضل من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما فيما يتعلق بمجموعة معينة من القضايا، بما في ذلك علاقاتها مع الصين.

ومع ذلك، فإن اليابان تفضل المزيد من القدرة على التنبؤ والفهم العميق للآليات الأساسية للتحالف مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترمب. ولا تزال لديها الرغبة في أن تكون الولايات المتحدة عضوًا في الشراكة عبر المحيط الهادئ. كما تتمنى ألا تفرض الولايات المتحدة عقوبات على الصلب والألمنيوم القادم من اليابان. إذ لا تتبنى اليابان مزاعم وزير الخارجية “مايك بومبيو” التي تفيد بأن فيروس “كوفيد – 19” نشأ في مختبر في مدينة ووهان الصينية دون أدلة قوية. وتفتقد اليابان القيادة العالمية القوية للولايات المتحدة كما يتضح من عقيدة “ترومان” أو “خطة مارشال”، التي لا تبدو متاحة بين أولويات الإدارة الحالية. أمَّا بالنسبة لدبلوماسيي اليابان، فسيكون من المفجع أن يستيقظوا يومًا ما ليجدوا الولايات المتحدة والصين متحدتين في تقسيم المحيط الهادئ، أو حتى العالم أجمع. وعندما صرحت “سوزان رايس”، مستشارة الأمن القومي السابقة لأوباما، بأنه “عندما يتعلق الأمر بالصين، فإننا نسعى إلى تفعيل نموذج جديد لعلاقات القوى الكبرى” في عام 2013، وهو ما أثار قلق الدبلوماسيين اليابانيين. وفي عام 2014، أشار وزير الخارجية الأميركي السابق “جون كيري” إلى أن أحد أهم التهديدات الوجودية الملحة للمنطقة الآسيوية يأتي من تغير المناخ. لكن تصريحاته فشلت في أن تلقى صدى لدى دول مثل اليابان المعرضة لتهديدات أمنية تقليدية من كوريا الشمالية والصين.

وفي هذا السياق، يوافق العديد من المسؤولين والسياسيين في اليابان على سياسات الرئيس ترمب بشأن الصين، إن لم يكن بدون تحفظات، على الأقل من منظور مقارن. وعلى الرغم من عدم وجود طريقة للتأكد من الإدارة التي تعمل بشكل أفضل بموضوعية بالنسبة لليابان، فقد تغير سلوك الصين إلى حد ما من وجهة نظر يابانية بعد مواجهة ضغوط متزايدة من إدارة ترمب في العديد من الجهات. وعلى سبيل المثال، كانت الصين حريصة على قبول دعوة اليابان إلى الرئيس “شي جين بينغ” في زيارة دولة، كان من المقرر إجراؤها في أبريل، ولكنها تأجلت بسبب الجائحة.

وينبغي للولايات المتحدة التغلب على أزمة”كوفيد – 19″ الحالية في أسرع وقت ممكن، ليس فقط لأجل مصالحها الخاصة، ولكن أيضًا لمصالح حلفائها، بما في ذلك اليابان. فإذا استمرت الأزمة لفترة أطول وأصبح الوضع أكثر خطورة، فإن الاقتصاد الأميركي سوف يعاني أضرارًا أكبر. ومن المحتمل أن يتطلب هذا الوضع خفضًا في نفقات الدفاع والمساعدة الخارجية، مثل تعزيز الاتصال الرقمي في دول الآسيان، وعلى وجه التحديد عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى ذلك.

كما أن السياسة الأميركية تبدو أكثر عرضة لخطر أن تصبح أكثر اضطرابًا، مما يدعو إلى تمرد أوسع نطاقًا ضد مؤسسة السياسة الخارجية لصالح الانعزالية المتزايدة. فقد كانت الانتخابات الأميركية في عام 2016 نتيجة حتمية لمثل هذه الثورة. وحتى الآن، هناك رد فعل عنيف ضد نصيحة خبراء الصحة العامة في الكفاح ضد”كوفيد – 19″، الذي لقي تحريضًا ضمنيًا على الأقل من قِبَل الرئيس ترمب وإدارته.

وبالطبع، لن تستمر الحالة الراهنة للولايات المتحدة في عهد الرئيس ترمب إلى الأبد. ومع ذلك، يمكن توقع أن يأتي زعيمٌ ثانٍ (أو حتى ثالث) يشبه ترمب في المستقبل القريب في السياسة الأميركية، نظرًا للطبيعة الراسخة لمناهضة النخبوية في البلاد. وبالتالي، يجب أن يكون كل حليف للولايات المتحدة على استعداد لهذا السيناريو. إن إدارة الولايات المتحدة يمكن التنبؤ بها نسبيًا، ذلك أنها ليست لينة بشكلٍ غير معقولٍ في مواجهتها للصين التي قد تكون عُملة نادرة ومفيدة في السنوات القادمة. وإدراكًا لهذا الاحتمال، تعمل اليابان على تسريع انتقالها بهدوء نحو اعتماد أكبر على الدفاع الذاتي، الذي ربَّما يحتاج إلى زيادة وتيرته.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: منتدى شرق آسيا

 

 

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر