سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
موراي هانتر
يبدو أن الجيش التايلاندي قد غيَّر استراتيجيته في التمرد المستمر منذ عقدين والذي أودى بحياة 7 آلاف شخص، معظمهم من المدنيين، داخل عمق المحافظات الحدودية الجنوبية للبلاد. واتخذ موقفًا عدوانيًا جديدًا مع تقنيات المراقبة الجديدة، واعتبار المتمردين الآن مجرمين بشكلٍ أشد من الانفصاليين أنفسهم.
لقد كان الجيش يتفاوض على مدى العامين الماضيين مع منظمة “مارا باتاني”، التي يفترض أنها تمثل مجموعات التمرد بالعمق الجنوبي. وقد كانت المحادثات متوقفة حتى أواخر العام الماضي، عندما أُعلن أن المحادثات المباشرة بدأت بالفعل مع مجموعة التمرد الرئيسية “باريسان ريفولوسي باتاني”.(BRN)
على الرغم من التزام تلك المجموعة المتمردة بالتفاوض على اتفاق مع الحكومة الملكية التايلاندية، وتعهدها من جانب واحد بوقف جميع الأنشطة خلال وباء “كوفيد – 19″، فإن القوات العسكرية لا تزال تقوم بما يبدو أنه غارة مستهدفة على ثلاثة متمردين في منزل في قرية “باكاروسونج” Pakaruesong، في منطقة “نونجشيك باتاني”، خلال شهر مايو.
وتخضع العمليات العسكرية التايلندية لمكافحة التمرد لقيادة الجيش الرابع مباشرة، ومقره في منطقة “ناخون سي ثامارات”. فالجيش الرابع لديه مئات القواعد الدائمة داخل المحافظات الجنوبية حيث يعمل من خلال قواعد واضحة في المنطقة الحدودية، إذ ينتشر أكثر من 100 ألف فرد من العسكريين وشبه العسكريين.
وقد اعتاد الجيش التايلاندي في “بانكوك” على إرسال فصائل وعناصر مخصصة بانتظام لإجراء تمارين تدريبية خاصة، واختبار معدات جديدة، وتطوير التكتيكات داخل المقاطعات الحدودية.
وما دام الجيش فضَّل نهج الاعتماد على القوة الناعمة؛ فقد تمَّ الشروع في العديد من مشاريع تطوير البنية التحتية، وتمَّ تنفيذ العديد من المبادرات. كما أن العديد من الضباط من ذوي الرتب المتوسطة الذين يمتلكون إحساسًا بالتاريخ لديهم تعاطف مع قضية المتمردين، وبالتالي فإنهم ينظرون إلى أية تسوية تفاوضية على أنها الحل المحتمل على الأرجح.
ومع ذلك، ففي أغلب الأحيان كان هناك اتجاه متشدد داخل الجيش لديه وجهة نظر لا هوادة فيها تجاه التمرد، ترى أن أفراد هذه المجموعة ليسوا سوى عناصر إجرامية وإرهابيين يمكن هزيمتهم بالقوة، وأن ما بين ألف وألفين من المتمردين والمتعاطفين معهم ليس لديهم دعم من جانب المجتمع، وبالتالي يمكن مطاردتهم والتعامل معهم بقسوة.
وتتمثل إحدى نقاط ضعف الجيش في عدم قدرته على جمع المعلومات الاستخبارية البشرية. غير أنه لا توجد شبكة رسمية لجمع المعلومات الاستخبارية الشخصية التي تنتج استخبارات يمكن التصرف بناءً عليها. لهذا، لم يتمكن الجيش من التسلل إلى أي مجموعات متمردة طوال تاريخ أعمال التمرد.
وبالتالي، فقد تمَّ تطوير تقنية المراقبة مع أنظمة الدوائر التلفزيونية المغلقة، والبيانات البيومترية، وبرامج الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تتطابق مع البيانات البيومترية داخل نظام الدوائر التلفزيونية المغلقة؛ وهو ما يتيح في الوقت الراهن إجراء عمليات مراقبة التكنولوجية على نطاق واسع في جميع أنحاء المقاطعات الحدودية الجنوبية، حيث يتطلب تشغيل الهاتف المحمول داخل المحافظات الجنوبية منذ فترة طويلة تسجيل المستخدم للأرقام المحددة. ففي يونيو من العام الماضي، أمرت قيادة عمليات الأمن الداخلي بأن يُطلب من جميع مستخدمي الهواتف المحمولة تسجيل بطاقات الهواتف المحمولة الخاصة بهمSIM من خلال نظام التعرف على الوجه. ودافع العقيد “واتشاراكورن أونغون”، نائب المتحدث الرابع بالجيش، عن المتطلبات الجديدة، مشيرًا إلى أن مخطط التعرف على الوجه ضروري لتحديد المتمردين الذين ينشرون قنابل الهاتف المحمول المتفجرة.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم الحكومة بجمع عينات الحمض النووي لمطابقة البيانات البيومترية من سكان المقاطعات الحدودية الجنوبية. ويمكن استخدام هذه المعلومات كأدلة الطب الشرعي للمساعدة في تحديد الجناة المتورطين في حوادث العنف داخل المنطقة. وتُجمع مواد الحمض النووي قسرًا عندما يُحتجز المشتبه فيه، أو عند نقاط التفتيش، أو أثناء عمليات البحث في المنازل والمدارس الإسلامية. فالتقارير تشير إلى أن “المناطق الحمراء” التي تعتقد الحكومة أن المتمردين نشطون فيها بشكل خاص، تشهد الكثير من حالات استهداف المتعاطفين على وجه التحديد لجمع الحمض النووي القسري.
ووفقًا للناشطين الميدانيين، فإن جمع البيانات الحكومية والبيانات البيومترية الحكومية عند تسجيل الهواتف، يُحدث مناخًا من الخوف بين السكان المسلمين في الملايو، مما يؤدي إلى استياء الجيش. وقد أدى ذلك إلى بعض التردد تجاه السلطات الصحية التي تجري اختبارات “كوفيد – 19” بين السكان المسلمين الملايو. فقد انتقد توصيف الحمض النووي القسري للمسلمين الملايو في الجنوب في عام 2015 من قبل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، حيث يمكن أن تصل هذه الممارسة إلى التطهير العرقي. ذلك أن الجمع بين البيانات البيومترية وبيانات الحمض النووي، إلى جانب “المراقبة الإلكترونية عبر الشاشات” واسعة النطاق عبر المناطق الحدودية، يوفر الآن للجيش أداة مراقبة معقدة في عملياته المضادة للتمرد. ويمكن استخدام برامج الذكاء الاصطناعي للتمييز بين المتمردين المحتملين المختلطين مع عامة السكان في المدن عبر المنطقة، عند نقاط التفتيش وفي الغارات. ومن المحتمل أن يتغلب هذا النظام المتكامل الجديد على ضعف قدرات الجيش على جمع المعلومات الاستخبارية، ويمنح الآن الميزة التي كان الجيش يسعى إليها دائمًا، ليتمكن من العثور على المتمردين.
إحدى مزايا هذه الأنظمة تكمن في أنه يمكن سحب الأفراد العسكريين الماديين من المدينة لأن شاشات المراقبة الإلكترونية تعدُّ هي الآن الوسيلة الأساسية للمراقبة. وبحسب التقارير الواردة، فإن هناك 8 آلاف ومئتي كاميرا مراقبة يتم التحكم فيها خارج مركز مراقبة الدوائر التلفزيونية المغلقة التابع لمكتب بلدية “باتاني”.
أصبحت المراقبة البيومترية حاليًا هي الأداة الرئيسية لمكافحة التمرد في الجيش، ذلك أن هناك خطرًا من أن تؤدي استراتيجية المراقبة الجديدة إلى تقويض أي نجاح مستقبلي لمحادثات السلام.
وقد أدانت شبكة “باريتان ريفولسي باتاني”، في وقت سابق من شهر مايو، الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في أخذ عينات الحمض النووي القسري، إلى جانب القتل العمد والمستهدف لثلاثة من متمردي هذه الشبكة خلال شهر رمضان.
كما يعمل نظام المراقبة الفائقة الجديد على تحسين قدرة الجيش على البحث عن أنشطة التمرد وقمعها، وهو ما يعدُّ مؤشرًا على أن المتمردين ينظرون حاليًا إلى المجرمين، وليس الانفصاليين من قبل الحكومة. ومع ذلك، قد يكون يكلف هذا ثمنًا باهظًا مع خيبة أمل مسلمين الملايو في طرق جمع البيانات الحكومية.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر/ سينتينال آسيا
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر