سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أنوتاي
يقول المحللون إن قرار رئيس الوزراء المجري “فيكتور أوربان” بتسليم سلطات الطوارئ التي وصفها المنتقدون بأنها “ديكتاتورية”، يمكن أن يظهره كفائز في حرب علاقات عامة محتدمة منذ مارس.فقد أعلن رئيس الوزراء القومي الشعبوي، يوم الجمعة الماضي، في بلغراد أثناء زيارته لحليفه السياسي، الرئيس الصربي “ألكسندر فوتشيتش”، “أنا مستعد لإعادة سلطاتي الإضافية إلى البرلمان في مايو.”وستعني هذه الخطوة غير المتوقعة التخلي عن القدرة على الحكم بمرسوم دون حد زمني، وهو جزء من “قانون مواجهة جائحة كورونا” المثير للجدل الذي قال المعارضون إنه يهدد أيضًا بعرقلة استقلالية وسائل الإعلام.
وفي خطوة مفاجئة أخرى، بعد خمسة أيام فقط، أعلنت الحكومة المجرية أنها أغلقت منطقتي عبور مثيرتين للجدل على طول الحدود الصربية بعد أن قضت محكمة العدل الأوروبيةأنه من غير القانوني احتجاز طالبي اللجوء لأكثر من 28 يومًا.ويشير القراران، ظاهريًا، إلى أن المجر تحاول إعادة تنظيم نفسها مع أوروبا بعد سيل من الانتقادات الدولية بشأن التراجع الديمقراطي والمخاوف المتعلقة بسيادة القانون. لكن بعض الخبراء يتشككون في أن “أوربان” قد يكون له دوافع خفية.
وقالت “مارتا باردافي”، الرئيسة المشاركة للجنة حقوق الإنسان في هلسنكي المجرية، إننا نرحب بإغلاق مناطق العبور. وهو ما يعدُّ اتجاهًا جيدًا، ولكن من المهم أن ترى الخطوات التي ستتبع ذلك. وينطبق الشيء نفسه على عودة سلطات الطوارئ.
وقال “باردافي” إنه كان من الخطر بالنسبة لـ”بودابست” أن تتجاهل قرار محكمة العدل الأوروبية، قبل أيام قليلة من تولي ألمانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر من كرواتيا في يونيو. وقد أشارت برلين بالفعل إلى أن تعزيز سيادة القانون يمثل أولوية.
ومنذ شهر مارس، اتُهم “أوربان” بممارسات ديكتاتورية في الاتحاد الأوروبي بعد أن منحه البرلمان سلطات الطوارئ دون شرط للتغلب على المشكلة. لكن رئيس الوزراء القوي جادل بأنه كان بحاجةٍ للقدرة على الحكم بمرسوم، وحتى بدون برلمان، إذا لزم الأمر، للاستجابة بسرعة وحزم لأزمة الفيروسات التاجية.
وقد فسر العديد من النقاد مشروع القانون الذي تمَّ تمريره في 30 مارس على أنه حكم بالإعدام للديمقراطية البرلمانية واتهموا “أوربان” بالخطأ بإغلاق المجلس التشريعي، وهو ما لم يحدث على الإطلاق.
وعلى العكس من ذلك، تحدث “أوربان” في الجلسات العامة عدة مرات واستخدم أغلبية الثلثين الكبرى لدفع عدد من مشاريع القوانين المثيرة للجدل، مثل تصنيف تفاصيل خط سكة حديد بلغراد/ بودابست الممول من الصين، وحرمان المتنقلين من الحقوق الأساسية، والتبرع بأموال إضافية لأقلية قريبة من الحكومة.ويقول محللون إن “أوربان” يمكن أن يصور نفسه على أنه منقذ الأمة من ويلات الوباء، بعد شهرين تقريبًا، مع انخفاض عدد القتلى في المجر بأقل بكثير من معظم دول أوروبا الغربية والجنوبية الأوروبية.
إضافة إلى ذلك، يمكن لآلة دوران “أوربان” أن تصوره كمدافع عن بلاده أمام الانتقادات التي لا أساس لها من أحزاب المعارضة ووسائل الإعلام الليبرالية اليسارية والمؤسسات الأوروبية.وسيتم تقديم مشروع قانون يسلم سلطاته الطارئة إلى البرلمان في 26 مايو، ومن المتوقع أن يمضي الأمر على هذا النحو.
إن التوقيت هو كل شيء في السياسة، كما قال رئيس الوزراء الكندي السابق “بيير ترودو”. ويقول منتقدو “أوربان” إنه ليس من قبيل الصدفة أن الرجل الذي يحب تحدي كل شيء بينما يتراجع الجميع.وإلى جانب الغضب المشتعل بين السياسيين المعارضين المجريين ووسائل الإعلام الرئيسية في أوروبا الغربية، تصاعدت التوترات داخل حزب الشعب الأوروبي، وهو أكبر تجمع سياسي في البرلمان الأوروبي.
إذ تمكن حزب الشعب الأوروبي من إيقاف حزب ” فيديس” الذي يرأسه “أوربان” في مارس الماضي وسط مخاوف بشأن خرق مزعوم للمعايير الديمقراطية، وتنامي أصداء الأصوات التي تضغط من أجل طرد الحزب بالكامل منذ ذلك الحين.
وتعهد رئيس حزب الشعب الأوروبي “دونالد تاسك” بتسوية القضية بحلول سبتمبر. ويمكن أن يأتي القرار بشأن ما إذا كان سيتم طردحزب “فيديس” في منتصف المحادثات الحاسمة حول ميزانية الاتحاد الأوروبي طويلة المدى التالية، التي لا تبشر بخير بالنسبة للمجر.
ولا تزال إمكانية تعليق أموال الاتحاد الأوروبي للبلدان التي لا تلتزم بالمبادئ الأوروبية لسيادة القانون على الطاولة. وأكثر من ذلك، كما تقول المصادر، إن ألمانيا ربَّما تكون قد أشارت دبلوماسيًا إلى أنه من خلال لوحة مليئة بالقضايا الملحة الأخرى، ليس لديها رغبة في التعامل مع “المشكلة المجرية”. لكن لا يعتقد الجميع أن الضغط جاء من الخارج.إذ يذهب “أوجستون صامويل مراز”Agoston Samuel Mraz، مدير معهد “نيزبونت”Nezopont، الذي ينظر إليه على أنه قريب من الحكومة، إلى أنه “كان هناك سباق زمني واضح. ومع انخفاض عدد الإصابات، تمَّ إدخال تدابير تخفيف، وبدأ الخطاب العام حول العواقب السياسية”. فقد أراد “أوربان” منع المعارضة من أخذ زمام المبادرة والمطالبة بإعادة سلطاته الإضافية، وهو بذلك يعتبر تجاوزهم.
كما اعترف “مراز” بأن حزب”فيديس” يتبع ديناميكياتحزب الشعب الأوروبيعن كثب. ويمتلك حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني الكثير من النفوذ داخل حزب الشعب الأوروبي، ومن المرجح أن يلعب دورًا مهمًا في تقرير مصير حزب “فيديس”.وفي هذه الأثناء، انتقدت وسائل الإعلام الألمانية بشكل متزايد المجر و”أوربان”.
وقال “مراز” إنه تمَّ توقيع اتفاقية رمزية بعدم الاعتداء بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء “أوربان” في برلين العام الماضي. وبذلك فقد أصبح السياسيان، اللذان انتقد بعضهما البعض علانية، أكثر ودًا بكثير. فالألمان ببساطة لا يريدون التعامل مع القضية المجرية طوال الوقت.
ووفقًا لـ”بيتر كريكو”، مدير معهد العاصمة السياسية الناقد للحكومة في بودابست، فإنه من غير المعتقد أن “أوربان” استسلم، على هذا النحو، على الرغم من أنه وجد أن الإعلان عن عودة سلطات الطوارئ الخاصة به جاء مباشرة قبل اجتماع “فيسجارد 4” المشترك مع المستشارة الألمانية “ميركل”. وقد كان أحد الموضوعات المطروحة على الطاولة هو صندوق بقيمة 500 مليار يورو لتمويل الانتعاش الاقتصادي بعد الإصابة بفيروس كورونا في الاتحاد الأوروبي.
وقال “كريكو” إنه يعتقد بأن “أوربان” حقق أهدافه، وقد قلل من الحقوق الديمقراطية وحقوق الموظفين، وفرض ضرائب خاصة ووزع الأموال على أصدقائه من القلة المحيطة به. وكان بإمكانه فعل ذلك بدون حالة الطوارئ، لكن الأمر كان سيستغرق وقتًا أطول، وكان سيكون هناك مزيد من التدقيق العام. لكن بعض الخبراء قالوا إن “أوربان” قام بلعبة ماكرة من البداية، حيث نجح في مناورة منتقديه والإيقاع بهم في الفخ. ويقولون إنه بعد إعادة سلطات الطوارئ، يمكنه أن يعلن نفسه ديمقراطيًا مثاليًا، وأنه متهم ظلمًا بانتهاك سيادة القانون.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية في بروكسل، فإن “أوربان” ببساطة يحب الصراخ حتى يتمكن من القتال ضد قوى خارجية شرسة، وأنه في الواقع يستمتع بالعرض.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: بلقان إنسايت
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر