سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أكانكشا خولار
توضح البيانات المصنفة حسب النوع والجنس المتوفرة حتى الآن بخصوص فيروس “كوفيد ـ 19” عددًا متساويًا تقريبًا من الحالات المؤكدة بين الرجال والنساء. ومع ذلك، فإن معدلات الوفيات تبدو أعلى بين الرجال (2.8%) من النساء (1.7%). فمن منظور المرض العضوي، يبدو أن الفيروس يصيب النساء أقل من الرجال. ومع ذلك، ففي مثل تلك الحالات الطارئة، لا يعمل الأمر في فراغ. إذ يمكن أن تؤدي آثارها الاجتماعية والاقتصادية السلبية إلى تفاقم التفاوتات الموجودة مسبقًا وخلق تفاوتات جديدة. وعلى الرغم من أن هذه الآثار تبدو خطيرة للجميع، فمن المرجح أن تؤثر على النساء أكثر.
العمل في قطاع الصحة
ترجع آثارفيروس “كوفيد ـ 19” غير المتناسبة على النساء إلى حقيقة أن غالبية العاملين في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم من النساء. ومع جهود العاملين في مجال الرعاية الصحية في طليعة مكافحة الوباء، فإنهم أكثر عرضة من معظم المصابين بالمرض. وللتوضيح، فإن إسبانيا لديها حاليًا 40 ألف حالة مؤكدة من “كوفيد ـ 19″، من بينها 5400، أي حوالي 14% من المهنيين الطبيين. وفي إيطاليا، نجد أن 9% من إجمالي الحالات بين العاملين الصحيين، كما تأثر حوالي 3300 طبيب وممرض في الصين.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تمثل النساء حوالي 70% من العاملين في قطاع الرعاية الصحية والاجتماعية. وهذا يعني أن عددًا أكبر نسبيًا من المهنيات الطبيات يتعرضن للفيروس على أساس يومي مقارنة بنظرائهن من الذكور. ويؤدي النقص العالمي لمعدات الحماية الشخصية (PPE)مثل الأقنعة والقفازات والمعقمات إلى تفاقم هذا السيناريو.
تقسيم العمل في الأسرة
كما أن عمليات الإغلاق التي تفرضها الدولة والتي يتم تبنيها في جميع أنحاء العالم لها أيضًا بُعد جنساني، وهو ما أصبح أكثر تركيزًا في الأسر التقليدية حيث تتحمل النساء بالفعل نسبة كبيرة من عبء العمل المنزلي. لكن: هل يمكن أن يترتب على ذلك المزيد من الأعباء؟ فالبلدان الأكثر تقدمًا تكافح بشكل أكبر نسبيًا من أجل التكافؤ بين الجنسين لوضع المرأة على قدم المساواة نتيجة القوالب النمطية الجنسانية التي ما زالت سائدة والأعراف الاجتماعية التمييزية. ونتيجة لذلك، تميل النساء في الغالب إلى القيام بالأعمال المنزلية، بما في ذلك واجبات تقديم الرعاية. ووفقًا لمنظمة العمل الدولية، تتحمل النساء على الصعيد العالمي نحو 76% من إجمالي مسؤوليات تقديم الرعاية غير مدفوعة الأجر، وهو ما يزيد على الرجال بثلاثة أضعاف.
ونتيجة لذلك، فمع القيود المفروضة على الحركة، وإغلاق الأعمال التجارية والمدارس، ومع وجود كل فرد من أفراد الأسرة في المنزل، من المحتمل أن يستمر عبء هذه المسؤوليات المنزلية غير مدفوعة الأجر على عاتق النساء، ولا سيما في الأسر التقليدية. وهذا يمثل مشكلة خاصة بالنسبة للنساء اللواتي لديهن مسؤوليات مهنية ويعملن من المنزل بسبب عمليات الإغلاق.
العنف القائم على نوع الجنس
يمكن أن تكون إجراءات الحجر الصحي المطولة عاملاً محفزًا خطيرًا لتصعيد العنف المنزلي، مما يُعَرِّض الضحايا لخطر أكبر بكثير من ذي قبل. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي في حياتها اليومية. واستنادًا إلى احتمالية أن تؤثر عمليات الإغلاق هذه على الشركات وزيادة الصعوبات المالية، والتي قد تكون مصحوبة بارتفاعات في استهلاك الكحول والقلق والاكتئاب، يعتبر كل ذلك أسبابًا للعنف ضد المرأة، ويمكن توقع أن يتصاعد العنف المنزلي القائم على نوع الجنس.
وقد تمَّ توثيق هذا بالفعل في الهند منذ بدء الإغلاق على مستوى الدولة، فقد حدثت زيادة مضاعفة في العنف القائم على نوع الجنس، مع تسجيل 257 شكوى في الأسبوع الأخير من مارس 2020 (23 مارس – 1 أبريل) وحده. وفي إسبانيا، ازدادت المكالمات إلى الخط الساخن للعنف المنزلي بنسبة 18%، وسجل موقع الخط الساخن الذي تديره الدولة زيادة بنسبة 270% في عدد حالات العنف الجنسي. هذا الاتجاه مرئي عالميًا.
التقسيم الأنسب لمكان العمل
إن التداعيات الاقتصادية للأوبئة تبدو مفهومة جيدًا. إذ تشير الأبحاث إلى أن النساء أكثر عرضة للتسريح في مثل هذه البيئة. وفي الوضع الحالي، فإن الوظائف غير الرسمية وبدوام جزئي هي الأكثر عرضة للتعليق. وفي كل من الاقتصادات المتقدمة والنامية، تقوم النساء في الغالب بالعديد من وظائف القطاع غير الرسمي. فعلى سبيل المثال، نجد أنه في جنوب آسيا، تعمل أكثر من 80% من النساء في الوظائف غير الزراعية في وظائف غير رسمية، وفي إفريقيا جنوب الصحراء، نجد أن 74%، وفي أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تصل النسبة إلى 54%. حتى في الاقتصاد الرسمي، فإن العديد من الصناعات التي تتأثر بشكل مباشر بعمليات الإغلاق مثل السفر والسياحة والأغذية والمشروبات وإنتاج الغذاء وما إلى ذلك، تتمتع بمشاركة نسائية عالية.
ومن الواضح أن النساء يبدون في وضع سلبي أكبر في بيئة اقتصادية سلبية بالفعل. حيث يمكن أن يتفاقم هذا الأمر في أي أزمة اقتصادية أثارتها جائحة”كوفيد ـ 19″. إذ توضح الدراسة التي نشرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من بين أمور أخرى، كيف يتم إنشاء الوظائف أثناء الأزمة الاقتصادية وبعدها في الغالب من أجل الرجال وعرضها عليهم.
استنتاج
بشكل عام، من الواضح أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية متعددة الأبعاد لوباء”كوفيد ـ 19″ لها بُعد جنساني كبير. وبالتالي، ستكون السياسات التي تستجيب للاعتبارات الجنسانية ضرورية للتخفيف من آثار الوباء بطريقة مستدامة ومنصفة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: معهد دراسات الأمن والسلام
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر