سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
د. أريج زعير
بدا واضحًا من وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، في برنامج منطقة الاختلاف أنه غير مُهتم بالتقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان أو الاستخبارات الأجنبية. إذ رأى مضيف البرنامج، تيم سيبيستيان، أنه “إهانة لعقولهم”، يقصد بها عقول المجتمع الاستخباراتي الأجنبي. وقد يبدو للشخص العادي من الوهلة الأولى أن ما قاله “سيبيستيان” هو الصواب، ولكن للقارئ لما آلت إليه تقارير المجتمع الاستخباراتي أخيرًا، فإن الجبير هو مصيب تمامًا.
ولكي نعرف ما هي وجهة نظر الأكاديميين والخبراء بالمجتمع الاستخباراتي الأميركي، فنحن فقط بحاجة إلى أن نقرأ مقالة الدكتور “آدهيل” الذي تمنى من خلالها أن يتعدى المجتمع الاستخباراتي الأميركي كتابة التقارير باستخدام التحليل القصصي ونسج الخيالات إلى اتباع طرق علمية وعقلانية لدعم تقاريرهم. ولقد أورد “آدهيل” عدة اقتباسات لخبراء وأكاديميين مطلعين على المجتمع الاستخباراتي يبدون استياءهم لما آل إليه المجتمع الاستخباراتي.
فعلى سبيل المثال، قال “مايكل جيرمان”، عضو الاتحاد الأميركي المدني، “إذا كنت تعتقد بميزانية سنوية تتعدى الـ70 مليار دولار، أن يكون المجتمع الاستخباراتي قد وظف أكثر الطرق العلمية صرامة وعمل دراسات علمية لدعم فرضياته وقياس مدى جدية برامجه، فأنت مخطئ”.
بالإضافة إلى ذلك، قال “روبرت جيرفز” الذي كان يعمل على مقربة من الاستخبارات الأميركية “إن ما كتبه مركز الاستخبارات الأميركية في مسألة إيران، لا يختلف عمَّا يكتبه صحفي لعالم اجتماعي، إنهم يرمون كاهلهم على المصادر محاولين بذلك افتعال قصة، ومتجاهلين طرق التحليل العلمية وكأن الأطر النظرية والنظريات البديلة غريبه عنهم”.
وقد يبدو أكثر الاقتباسات حدة، هو ما أورده عن “توماس كين”، رئيس لجنة الحادي عشر من سبتمبر، الذي كان منزعجًا عندما سنحت له الفرصة لقراءة التلخيص اليومي لرئيس الولايات المتحدة الذي يعتبر الأكثر سرية من قبل الاستخبارات الأميركية. فعندما قرأ “كين” التقرير الذي ظن أنه التقرير الأكثر قدسية، والذي كتب بواسطة أفضل الأشخاص في الاستخبارات، لم يجد سوى قمامة من الأوراق التي لا تستحق أكثر من درجة رسوب إذا قدمها أحد طلابه في جامعة دريو.
أخيرًا، كان ما أورده عن الرئيس السابق للاستخبارات الأميركية، “كارمين ميدينا” حينما عزا هذا الضعف في التقارير الاستخباراتية إلى اعتمادهم على التحليل القصصي في استنتاجاتهم، وهو تحليل الأحداث بناءً على نسج سلسلة من القصص المتتابعة وليس الاستنتاج العلمي الذي قد يظن عضو الاستخبارات أن الاستنتاج القصصي هو مصدر موثوق وشرعي لتلخيص استنتاجاته ولكن لصناع القرار هو أمر غير مقبول.
ولقد صرح الجبير في أكثر من مرة في المقابلة أن هذه التقارير مبنية على نسج القصص وغير مقنعة نهائيًا. وربَّما تكمن المشكلة في التحليل القصصي في الاعتماد على حادثة أو قصة وحيدة جاعلة من عضو صحفي أقرب منه إلى عالم اجتماعي. إذ إن ما يهم العلماء هو البحث في تكرار الأحداث ومعرفة الخلفية المشتركة لها للخروج بنظرية قد تفيد في تنبؤ الأحداث المسقبلية.
فعلى سبيل المثال، لم تتطرق أي من التقارير التي تهاجم ملف السعودية في حقوق الإنسان إلى ما يُسمى بالنظرية البديلة التي تقوم بدورها بنفي النظرية الأساسية. لأن النظرية الحقيقية يجب أن تكون قابلة للتكذيب، وليس أن تكون محكمة في جميع نواحيها. وقد أوضح الجبير في أكثر من موقف عن وجود تفسير آخر لهذه الأحداث التي لم يتجرأ أحد على اختبارها: هل هي حقيقية أم لا؟ لذلك، لقد كان الجبير محقًا في رفضه لهذه التقارير كونها تفتقد النقد والطرق العلمية التي كان يجب أن يتم اتباعها من المجتمع الاستخباراتي الذي لم تجعل منه أكثر من حكواتي ينسج القصص حول الأحداث متمنيًا إقناع صُناع القرار.
دكتوراة – جامعة طيبة
[email protected]
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر