سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
آنا ويسلاندر
تقدم “آنا ويسلاندر” أفكارها حول مؤتمر ميونيخ للأمن العالمي الذي عقد في نهاية الأسبوع الماضي على خلفية ارتباك الأوروبيين حول دورهم في العالم.”آنا ويسلاندر” هي مديرة شمال أوروبا في المجلس الأطلسي والأمين العام لرابطة الدفاع السويدية.
إن دخول فندق “بيريتشر هوف Bayerischer Hof “خلال مؤتمر ميونيخ للأمن(MSC)، فهذا أمر رائع جدًا. وبوصفي سويدية، فإنني لست معتادة على الزحام، لذا فأنا غير مرتاحة. لكن هناك وجهًا مألوفًا لرجل طويل القامة وهو رئيس وزراء السويد السابق “كارل بيلت”.
كنا نجلس في المقهى، وبالتدريج اعتدت على المناخ العام للمنطقة التي تستضيف حوالي 40 رئيس دولة، وأكثر من 100 وزير خارجية ووزير دفاع، بالإضافة إلى أعضاء في البرلمانات وكبار المديرين التنفيذيين و1300 صحفي. ثم أشخاص مثلي يعملون خبراء من مراكز الفكر والأكاديميات.
لقد تمثلت السمة الرئيسة للمؤتمر في كونه يضم مجموعة من قادة العالم، الذين يلقون خطابات في قاعة الجلسات العامة الكبرى.
إنه لأمر مدهش أن نقارن بين النظرة القاتمة للرئيس الألماني “فرانك فالتر شتاينماير” للعالم وهتاف وزير الخارجية الأميركي “مايك بومبيو”، والتي تركز على فكرة أن “الغرب هو المنتصر”؛ لكن التركيز الأهم كان على كلمة وزير الدفاع الأميركي “مارك إسبر” الذي حدد التهديد الصيني بالتفصيل، في حين أن الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” بالكاد ذكر الصين، لكنه تحدث على نطاق واسع حول روسيا.
وعندما يظهر وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” إلى المسرح، يشير إلى الإنفاق العسكري الأوروبي، وأن الوقت قد حان للتخلي عن فكرة “التهديد الروسي” الوهمية.
لقد تمثلت الفكرة الجوهرية للمؤتمر في “تراجع الغرب” الذي يضم الدول الأوروبية الراغبة في الانغماس بالمشكلات. وقد بدا الكثير من الأميركيين غاضبين من ذلك. لكن “ماذا يعني ذلك؟ إن الأمر لا يدعو للتفاؤل بما فيه الكفاية.”
ومن ناحية أخرى، فإن مؤتمر ميونيخ للأمن قد بدا في مجمله وكأنه مؤتمر ألماني، إذ عكس نغمة التشاؤم والإحساس بالعجز المترسخة لدى ألمانيا، التي تكافح من أجل الحفاظ على الاتحاد الأوروبي على الرغم من خروج المملكة المتحدة وتأثر العلاقات عبر المحيط الأطلنطي، إلى جانب فرنسا الطموحة والمضطربة أيضًا، بالإضافة إلى التغلب على الجمود السياسي الداخلي، الذي تغذيه في الآونة الأخيرة “أنيجريت كارنباور” المرشحة لخلافة “أنجيلا ميركل.”
باختصار، فإن التحديات تبدو كثيرة ومستوى الدعم يبدو أيضًا منخفضًا. بينما يمكننا سماع الأصوات الألمانية التي تعالت في مؤتمر ميونيخ، إذ كان بإمكان ألمانيا القيام ببعض المساعدة الإضافية. وهنا، كان من الممكن للدول الأوروبية الصغرى أن تحدث فرقًا.
وأمَّا ما يتعلق بالأمن والدفاع، فإن لدول الشمال الأوروبي ودول البلطيق ووسط وشرق أوروبا وجهات نظر مشتركة حول تهديد روسيا، وذلك بشأن أهمية العلاقات عبر الأطلنطي.
كما أنها تشاركها الشكوك تجاه الرؤية الفرنسية للحكم الذاتي الأوروبي، والتي تعتبر بعيدة المدى، كما أنها فكرة فرنسية بحتة. وبدلاً من ذلك، فإنها تتفق مع التأكيد الألماني على الركيزة الأوروبية داخل الناتو، والتي تتعاطف مع الجهود الألمانية لاستخدام آليات صنع القرار المتعدد الأطراف.
ومع ذلك، فإنها ليست حريصة مثل الألمان على مناقشة المفاهيم المجردة مثل “الحكم الذاتي الاستراتيجي”، وفكرة “الجيش الأوروبي”، و”تشكيل بنية جديدة للأمن والثقة مع روسيا”. أمَّا بالنسبة للدول الصغرى، فإنها أشبه بترفٍ لا يستطيعون تحمله. لكن الملاحظ على ذلك الوضع أنه يسبب الارتباك ويعيق العمل المتواصل.
بالإضافة إلى ذلك، تأتي مسألة قيادة الحليف الأكثر أهمية وهو الولايات المتحدة كمسألة مهمة. حيث تراقب الولايات المتحدة النقاش الأوروبي، ولكنها لا تحصل على إجابة لأسئلتها حول: ما هي المشاكل المطلوب منها أن تحلها؟ وأين الأموال المطلوبة لذلك؟ وحتى نكون منصفين، فإن الأميركيين يبدون مصابين بحالة من الفصام عندما يتعلق الأمر بالدفاع الأوروبي.
ففي الوقت الذي دعت فيه الولايات المتحدة إلى تحمل الأوروبيين مسؤولية أكبر في الدفاع عن أمنهم منذ الستينيات، نجد أنه بمجرد أن تحرك الأوروبيون، أصبح الأميركيون يشعرون بالقلق والشك. لكن يمكن القول إن هناك مجالاً لنهج أميركي بنَّاء. لذا، فإن الأميركيين في حاجة ماسة إلى تقديم الدعم والمساعدة أيضًا.
ولكسر حالة الجمود، يجب على أوروبا إغلاق النقاش حول الحكم الذاتي والاتفاق على حقيقة أن غالبية الدول الأوروبية لا ترغب في الذهاب إلى أبعد من الموقف الفرنسي. فبالفعل هناك قدرة على إدارة الأمن الأوروبي بوسائلهم الخاصة، لكن لا يمكن مقارنتها بما لدى الولايات المتحدة.
ولتحقيق ذلك، يجب أن تصبح ألمانيا أكثر صراحة في النقاش حول رؤية خاصة بالأمن والدفاع عن أوروبا. وفي هذه الحالة، تحتاج برلين إلى دعم دول الشمال الأوروبي ودول البلطيق ووسط وشرق أوروبا أيضًا.
وتتمثل الفكرة العامة هنا في جعل هذه الدول أكثر قدرة على التنسيق فيما يتعلق بمصالحها المشتركة، والإبقاء على موقف متحيز، والعمل على تحسين قنوات الاتصال مع برلين، والعمل بشكل منتظم لتحقيق هذه المصالح.
إن الانتقال من الحديث إلى العمل في أوروبا من شأنه أن يريح الأميركيين ويمهد الطريق لخطوات ملموسة إلى الأمام نحو ركيزة أوروبية في إطار الناتو، ومن ثم يتم تطويرها في حالة من الوئام في ظل التعاون الدفاعي العميق تحت مظلة الاتحاد الأوروبي.
ومع انتهاء مؤتمر ميونيخ للأمن خرجنا من فندق ” بيريتشر هوف”ولم ننل قسطًا وافرًا من النوم بعد ثلاثة أيام مكثفة من العمل. وأثناء رحلة العودة إلى “غارميش بارتنكيرشن”، حيث أقيم مؤقتًا في مركز جورج مارشال لإجراء الأبحاث، أفكر في السياق الموسع لما حدث بمؤتمر ميونيخ.
وعلى الرغم من أزمة فيروس كورونا، وأزمة تغير المناخ والمخاطر الناجمة عن ظهور سباق تسلح جديد، فإنني أشعر بالحيوية. لقد أثار الأشخاص الموهوبون والملهمون الذين قابلتهم خلال عطلة نهاية الأسبوع شعورًا بالأمل وقلقًا بداخلي.لكن ذلك نتيجة جيدة لمؤتمر مهم أحسنت إقامته المؤسسات في ميونيخ.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر:يورو أكتف Euro Active
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر