“البزنس” والثقة! | مركز سمت للدراسات

“البزنس” والثقة!

التاريخ والوقت : الخميس, 13 يوليو 2017

هادي الفقيه

 

بعد أن بويع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وليًا لعهد المملكة، يمكن الجزم بأن العلاقات السعودية الأميركية ستنتقل من مرحلة مزدهرة عقب الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى مرحلة ذهبية إذا ما عرفنا أن مهندس تطوير العلاقات قبل تتويجه وليًا للعهد هو الأمير محمد الذي يتزامن وجوده في هذا الموقع القيادي الكبير مع إدارة أميركية “واضحة”؛ إذ سيكون حجر الزاوية في هذه العلاقة، هو “البزنس”، أو إنعاش العلاقات الاقتصادية إلى مرحلة الشراكة، كذلك التعاون الحقيقي لمكافحة الإرهاب. وهذا كله يأتي بعد ثمانية أعوام عجاف مع إدارة أوباما الباهتة.
وبذكر السيد باراك، فإنه يقال للرجل الذي يتذاكى أكثر من المطلوب، ثم يخسر لأسباب تفاهة، بأنه “نجح في الرياضيات ورسب في الخط”، حيث كانت مادة الخط ينجح فيها حتى الأغبياء؛ لأنها لا تتطلب أكثر من أن تنسخ ما يكتبه المعلم على السبورة أو في دفتر الخط. هذا المثل ينطبق على أوباما الذي بالغ في أن يصنع من نفسه معجزة، فتحول من صاحب عقيدة، إلى أن يرى نفسه قائدًا روحيًا للديموقراطية العالمية، أكثر من موقعه السياسي ليحاول نشر عقيدته قدر المستطاع، فكان مؤمنًا وداعمًا لما سمي بـ”الربيع العربي”، وكاد أن يخسر أهم حليف في الشرق الأوسط، وهي الدولة التي لم تخذل الولايات المتحدة لما يقارب الثمانية عقود، المملكة العربية السعودية.
في مقال نشرته “فورين بولسي” مطلع العام الجاري للبروفيسور غريغوري غوس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة A&M والخبير في شؤون الخليج، قال فيه “سأل مالكولم تورنبول، رئيس وزراء أستراليا، أوباما عما إذا كان يرى السعوديين أصدقاء، رد أوباما قائلاً: “إنه أمر معقد”. وهذا الرد يلخص طريقة تفكير أوباما وكيف تعامل مع المملكة لدورتين رئاسيتين.
في مايو 2003، وسط أكثر الأوقات صعوبة بعد 11 سبتمبر، وفي الوقت الذي أبدت المملكة عدم موافقتها على الحرب على العراق، قدَّم الكاتب نفسه نصيحة للإدارة الأميركية في تقرير بحثي لمعهد بروكينغ عن مستقبل العلاقات الأميركية الخليجية وحمل عنوان “نقطة التحول: مستقبل العلاقات الأميركية مع دول الخليج”.
إذ أوصى غريغوري نصًا: “يجب أن يركز جدول الأعمال الأميركي مع المملكة العربية السعودية على قضايا السياسة الخارجية التي يكون فيها تعاون الرياض ضروريًا للمصالح الأميركية، والتي تشمل: سياسة النفط والاستقرار الإقليمي، والدور السعودي في العالم الإسلامي الأكبر، سواء من حيث قضايا الحرب على الإرهاب العملية، مثل تقاسم المعلومات الاستخباراتية، وتمويل الإرهاب”.
وطلب البروفيسور غوس من صناع القرار في البيت الأبيض: “يجب على واشنطن ألا تنخرط بشكل علني في القضايا السياسية الداخلية الحساسة في المملكة العربية السعودية، مثل حقوق المرأة، أو دور المؤسسة الدينية”. وهذه كانت واحدة من سقطات إدارة أوباما التي كانت تحشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة.
كما قال بيل كلينتون، وهزم رجل النفط والمخابرات والحرب جورج بوش الأب، “إنه الاقتصاد يا غبي”، أقول لأوباما إنه “البزنس يا غبي”، والأمر ليس معقدًا، إلا لمن أراد أن يكون كذلك، فالصديق الحقيقي هو من بقى ثابتًا في كل الظروف. كلمة “بزنس” تختصر كل شيء، فلا يبدأ التعامل في “البزنس”، إلا مع الثقة، ولا يتفق الطرفان، إلا بضمانات أن تستمر الشراكة في أجواء آمنة.
شخصيًا أريد أن يكثر ترمب من القول(jobs, jobs) :، لنقول “مصالح وقوة، مصالح وقوة”. مستقبل العلاقات السعودية ــــ الأميركية بعد أن أصبح الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد، وهو مهندس الانتقال بها إلى مرحلة المتانة والشراكة، ستشهد ولادة مشاريع أسطورية اقتصاديًا، إذ سيكون رأس الحربة في نحر الإرهاب عسكريًا وفكريًا.

كاتب وصحافي ـــ متخصص في الاتصال الاستراتيجي*
@Hadi_Alfakeeh

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر