إنتاج الطاقة يتحرك للأمام | مركز سمت للدراسات

إنتاج الطاقة يتحرك للأمام

التاريخ والوقت : الخميس, 12 ديسمبر 2019

تود رويال

 

وجد برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والعديد من المنظمات البحثية العاملة في الكونسورتيوم في تقريرٍ حديثٍ “أن دول العالم تسير على الطريق الصحيح لإنتاج أكثر من ضعف كمية الفحم والنفط والغاز التي يمكن حرقها في عام 2030”. وقالت شركة بريتيش بتروليوم (BP)، وقد أقرت إحصائيات شركة World Energy 2019، بأنه “بلغ إجمالي الاحتياطات العالمية المؤكدة من النفط، أي الكميات التي يمكن استردادها من الخزانات المعروفة في ظل الظروف الاقتصادية والتشغيلية الحالية،1.730 تريليون برميل بنهاية عام 2018”. والآن، فإن العالم لديه الكثير من النفط، كما أننا لسنا قريبين من الوصول إلى ذروة النفط، والاستهلاك في حالة نمو وفقًا لآخر توقعات الوكالة الدولية للطاقة. هذا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، حيث ارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2018، بنسبة 2.7 في المئة لأول مرة منذ عام 2014. ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة (EIA) تسارعت وتيرة الارتفاع من انبعاثات الغاز الطبيعي، لكن انبعاثات الفحم انخفضت بنسبة 4%. وساهم النمو الاقتصادي المصحوب بصيفٍ أكثر سخونة، وفصول الشتاء الباردة في زيادة الانبعاثات في الولايات المتحدة. وقد ساعد الاستخدام المتزايد والمتجدد لمزارع الشمس والرياح أيضًا في نمو الانبعاثات نظرًا لأن الألواح الشمسية وتوربينات الرياح تقدم طاقةً متقطعة لمصادر الكهرباء التي تحتاج إلى دعمٍ مستمرٍ للوقود الأحفوري من الفحم ومحطات الطاقة التي تعمل بالغاز الطبيعي. وسوف يتجاوز إنتاج الوقود الأحفوري التخفيضات التي أقرتها اتفاقية باريس للمناخ (PCA) والتي تهدف إلى الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة أقل من 1.5 درجة مئوية، أو عند درجتين مئويتين قبل المستوى الصناعي. فالازدهار المتنامي في الصين والهند وإفريقيا والولايات المتحدة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة مكاسب الإنتاج وتجاوز اتفاقية باريس.

يستند هذا التحليل إلى سياسة الطاقة من خلال ثمانية من أكبر أنواع الوقود الأحفوري ومنتجي المعادن العميقة في العالم، وهي: “أستراليا وكندا وروسيا والولايات المتحدة والصين والهند وإندونيسيا والنرويج”. وتشكل هذه البلدان الثمانية 60% من إنتاج الوقود الأحفوري المحلي والعالمي. ودول الشرق الأوسط لا تفصح عن أرقام الإنتاج.

يرجع إنزعاج الموقّعين على اتفاقية باريس للمناخ إلى الاستكشاف والإنتاج العالمي المتزايد للوقود الأحفوري. فالصين والهند، وكذلك نصف الكرة الآسيوي المزدهر، الذي يطلق عليه الآن “القرن الآسيوي”، تستخدم المزيد من النفط والفحم والغاز الطبيعي اليوم وفي المستقبل المتوقع. وفي حين أن الاستثمارات الجديدة في الطاقة النظيفة “سقطت بدرجة كبيرة؛ فقد ارتفع توليد الطاقة الذي يعمل بالفحم إلى مستوى جديد في العام الماضي”، وهو ما يعني أن مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية المستخدمة في الطاقة لتوليد الكهرباء، لا تتجاوز الوقود الأحفوري في أي وقت قريب.

يتضح من عمليات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم والتي تمَّ التنقيب فيها واستخدامها، أنها زادت خلال العامين الماضيين، حيث “يمثل الفحم 47٪ من إجمالي توليد الطاقة في 104 دول”. وقد أكد أكثر من مليار شخص في الهند أن الفحم هو الدعامة الأساسية الكهربائية لهم على مدار الثلاثين سنة القادمة.

إن المصدر الوحيد للطاقة الخالية من الكربون (التي لا تحتوي على أي نسبة كربون)، هي الطاقة النووية. إنها الطاقة التي تحتل فرنسا فيها المركز الأول عالميًا لتوليد الكهرباء. إذ تتوافق محطات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز الطبيعي مع المعايير العالمية. فإذا كان الوقود الأحفوري بالفعل ينمو، فإن الطاقة النووية المضادة للانبعاثات المتزايدة، هي أفضل خيار كهربائي متاح في ظل القيود التكنولوجية الحالية التي تقيد الانبعاثات.

يتوقع “فاتح بيرول” رئيس وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن يستمر قطاع الصخر الزيتي في الولايات المتحدة في نمو هائل. وقال بيرول “إن الولايات المتحدة ستشكل معظم إمدادات النفط العالمية”. وسيؤدي ذلك إلى سد الفجوة بالنسبة للبلدان الآسيوية التي تحتاج إلى المزيد من النفط والغاز الطبيعي. وبجانب ذلك، تستمر هذه الطفرة التي بدأت أثناء إدارة أوباما في الصعود وتغيير الجغرافيا السياسية العالمية بطرقٍ غير متوقعة لا تنطوي على جيوش تقليدية أو صراعات عالمية واسعة النطاق. وهذا يعدُّ أمرًا إيجابيًا لازدهار الاقتصاد العالمي.

يغرق العالم في الوقت الراهن بالنفط والغاز الطبيعي والفحم، سواء أحببنا ذلك أم لا، وفقًا لإحصاءات شركة بريتيش بتروليوم لعام 2019. لكن صناع السياسة العالمية يتسببون في مشكلات أكثر من الحلول عن طريق تبني مصادر الطاقة المتجددة وحظر الوقود الأحفوري. حيث تستند “الصفقة الخضراء الجديدة لأوروبا” إلى أدلة علمية غير محققةٍ تتسبب في إثارة الزعماء البيئيين أمثال “مايكل شيلنبيرغر” على الخطاب الزائد للمناخ.

إن تبني سياسات طاقة الاحترار العالمي من شأنه أن يؤدي إلى نتائج تلحق الضرر بالبيئة من “ملايين ريش التوربينات الريحية السامة التي يتم إرسالها إلى مدافن النفايات”، إلى انقطاع التيار الكهربائي عن الشبكة في أستراليا وبريطانيا العظمى ومدينة نيويورك (فضلاً عن دفع 6 مليارات دولار لدافع للرياح، ودعم الرياح، وتكلفة إضافية)، إلى مدينة تكساس التي تحمل تكاليف الكهرباء المتزايدة دون داع للذهاب نحو 100% من الطاقة المتجددة. إننا نشهد حاليًا كوارث في طاقة الرياح بكندا وأوروبا (خاصة ألمانيا) وأيرلندا، كما أن تكاليف التنظيف البيئي باتت أعلى من الوقود الأحفوري مقارنة بمستوى دفع الضرائب التي يحصل عليها المتدربون ودافعي الضرائب.

هنا يرغب المرشحون الديمقراطيون البارزون للرئاسة الأميركية في القضاء على الوقود الأحفوري عن طريق استبداله بالطاقات المتجددة، وفقًا لـ”بورن دريسن”، لكنهم غير قادرين على فهم عواقب تأثير الوقود الأحفوري على كل جزء من حياتنا.

وتعدُّ تقنية التكسير الهيدروليكي في كاليفورنيا خامس أكبر اقتصاد في العالم، دون توضيح كيف تحل هذه الحالة القوية اقتصاديًا محل أكثر من 6000 منتج ناشئ عن برميل النفط الخام. فمن شأن هذه القرارات المتعلقة بالوقود الأحفوري أن تجعل شركات، مثل: العملاق المالي الدولي “تشارلز شواب” تغادر الدولة وتضر بالمصالح الاقتصادية الأميركية والأمن القومي، وهو ما يؤثر في النهاية على مصالح الناتو والاتحاد الأوروبي والمصالح الأمنية الجيوسياسية والعالمية لأميركا والتي تمثل حجر الزاوية في النظام الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية بقيادة الولايات المتحدة. وتحاول الولايات المتحدة أن تعزز اقتصادها وتنزع الكربون، وهو ما يعزز أهمية الوقود الأحفوري والطاقة النووية والطاقة المتجددة. لكن مصادر الطاقة المتجددة الشائعة من الشمس والرياح لتوليد الكهرباء، تواجه مشكلات بسبب الفوضى، كما أنها باتت متقطعة وغير مستقرة. مرة أخرى، فإن الطريقة الوحيدة “لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة”، وإنتاج طاقة خالية من الكربون إلى الكهرباء، تكمن في المزيد من محطات الطاقة النووية. فمن “بيركلي” بكاليفورنيا إلى “بروكلين” بماساتشوستس التي صوتت أخيرًا لحظر الغاز الطبيعي، والتي لا تستخدم الكهرباء إلا في التدفئة وتكييف الهواء واستخدام الأجهزة، وهو ما يعدُّ تصويتًا على خفض هذه المدن اقتصاديًا. إذ يتم تلبية احتياجات الكهرباء في ماساتشوستس بحوالي 50 بالمئة من الغاز الطبيعي، لكن الدولة لديها نقص في خطوط الأنابيب الجديدة. ولتلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي، تستورد ماساتشوستس 12% من الغاز الطبيعي من روسيا.

إن ما نراه حاليًا يمثل معضلة الوقود الأحفوري، وتغيرًا في المناخ، والاحترار العالمي المنشأ من صنع (الإنسان)، وسياسات الطاقة القائمة على هذه الأماكن لتخليص العالم من الكربون وغازات الاحتباس الحراري “بما يمثل مشكلة في العالم”؛ فقد بدت الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية والأمم المتحدة أكثر اهتمامًا بالبيئة من ملياري شخص على مستوى العالم بدون كهرباء. ومن المثير للدهشة، أن الولايات المتحدة يمكن أن تغلق البلد كله حرفيًا عن أي مصدر للطاقة وأن الانبعاثات العالمية ستظل تنمو وفقًا لشهادة الكونجرس الأميركي في عام 2017. فالتلوث العالمي سيظل، ما يعني استمرار التأثير على الصحة العامة، وبخاصة أمراض الجهاز التنفسي التي أضحت في تزايد ملحوظ، وهو ما يرجع إلى أن أحد أكبر مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البلدان النامية.

هنا يثار التساؤل: ماذا لو حان الوقت للبدء في طرح أسئلة جدية حول صحة التغير المناخي التي هي من صنع الإنسان؟ وكيف يمكن “للانطلاقة العلمية” مثل تكنولوجيا التقاط الكربون القادمة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن تنقذنا بدلاً من مصادر الطاقة المتجددة؟ وعلى ذلك، فمن الصعب الوثوق بهذه التحذيرات عندما لا يتحقق أي تنبؤ مروع من الخمسين سنة الماضية بسبب الاحتباس الحراري. وفي هذا السياق ألقت الناشطة المناخية “غريتا ثونبرج”، خطابها الحماسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في خريف هذا العام، وكذلك حينما أرسلت مجموعة من 500 من العلماء والمهندسين المتخصصين في الغلاف الجوي تسمى “أصدقاء العلوم” خطابًا مسجلاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة “تفيد بضرورة اتباع سياسات للطوارئ والمناخ بهدف إفادة حياة الناس” في حين ينمو الوقود الأحفوري. لكن الغرب بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا يعتقدون أن ثاني أكسيد الكربون سيدمر الكوكب، ما يعني أن معضلة الوقود الأحفوري مقابل مصادر الطاقة المتجددة تؤدي إلى تزايد استياء حالة الكوكب. ولا يبدو أن السيناريو المخيف للاستدامة البيئية يتزامن مع النمو الاقتصادي أخيرًا. وبالتالي، فإن هذه اللعبة النهائية المتمثلة في تخليص العالم من 6000 منتج، والأسعار المقبولة للكهرباء، ودعم النمو الاقتصادي لدول العالم الثالث، كل ذلك يبدو على المحك، حيث باتت دون أية إجابات عن كيفية استبدال الوقود الأحفوري بالألواح الشمسية وتوربينات الرياح والسيارات الكهربائية.

وفي حين يقول بعض المتخصصين إن مصادر الطاقة المتجددة ستنجح، فإذا بالواقع يقول عكس ذلك. إذ يشهد العالم ضياع الكثير من الوظائف ويتأثر الكثير من الاقتصادات التي تتدهور حاليًا في الدول الحديثة، بل قد تعم الفوضى. ومن ثَمَّ، نجد قدرًا ملحوظًا من تزايد معدل نمو الوقود الأحفوري على الصعيد العالمي، ومشاهدة الصين والهند وروسيا وإفريقيا ودول أخرى تتراجع عن النظام الذي يقوده الليبراليون.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: أوراسيا ريفيو 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر