سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
فريدريكو فريس
بعد إغلاق مَقار الاقتراع بكافة أرجاء الأرجنتين، مساء السابع والعشرين من أكتوبر الماضي، وبعد احتساب الأصوات، تمَّ الإعلان عن “ألبرتو فرنانديز” المنتمي لحزب العدالة البيروني (PJ) رئيسًا مُنتَخبًا للأرجنتين. وقد حصَلَ “فرنانديز” على 48% من الأصوات، حيث فاز بدون الحاجة إلى جولة انتخابية ثانية. وفي الأرجنتين، يجب أن يحصل المرشحون على 45% من الأصوات أو 40% من الدعم بفارق عشر نقاط عن أقرب منافس.
“ألبرتو فرنانديز”، هو سياسي محترف شغل سابقًا منصب رئيس الأركان للرئيس الراحل “نيستور كيرشنر”، وكذلك لزوجته وخليفته، “كريستينا فرنانديز كيرشنر” (CFK). ومع ذلك، غادر “فرنانديز” المنصب في عام 2008 بسبب خلافات مع سياسات “كيرشنر” الأخيرة، ليصبح واحدًا من أكثر منتقدي “كريستينا فرنانديز” صوتًا. وبالنظر إلى هذا الصدام، لم يكن الأمر متوقعًا عندما أعلن “فرنانديز” و”كريستينا” في شهر مايو أنهما سيخوضان السباق الانتخابي، مع بقاء “كريستينا” في منصبها نائبة للرئيس.
ورُغم هذه المطابقة غير العادية، فقد كان “فرنانديز” يفضل الفوز بالانتخابات. وتمَّ تعزيز هذا الاحتمال بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية الوطنية في 11 أغسطس. مع التركيز على دعم “كريستينا” في الانتخابات، وقد فاز المرشح الرئاسي على كلٍّ من الناخبين في بيرو الأرجنتين.
ويأمل مؤيدو الرئيس “ماوريسيو ماكري” أن تتبع حكومة “فرنانديز” الجديدة أجندةً أكثرَ اعتدالاً وعمليةً، لكن لا شك في أنها تشهد خروجًا عن المسار الحالي، مع تداعياتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ. فبصرف النظر عن مدى انحراف “فرنانديز” بحدةٍ عن مسار سلفه، لكن من الواضح بالفعل أن حكومته ستنحو تجاه التغيير في العديد من القضايا الرئيسية في الشؤون الخارجية.
وتتمتع الأرجنتين بتاريخ حافل مع صندوق النقد الدولي (IMF)، حيث تخلفت عن سداد ديونها في عام 2001 وقطعت علاقاتها مع المنظمة من عام 2006 إلى 2015. لكن عندما يتولى “فرنانديز” منصبه في 10 ديسمبر، سيرث أوضاعًا اقتصادية في حالة ركود وفي خضم أزمة الديون، مع زيادة مستويات التضخم والفقر.
بجانب الأوضاع المخيبة للآمال التي يعاني منها النمو الاقتصادي إلى جانب التنفيذ غير الكامل للإصلاحات الاقتصادية بما يفسر الحالة المزرية للاقتصاد الأرجنتيني. وفي هذا السياق، حاول “ماكري” تحرير الاقتصاد تدريجيًا، لكنه في النهاية فقد الزخم والدعم السياسي من شعبه بما يفرض الحاجةلخفض النفقات، وهو ما ينعكس بدوره على زيادة الديون التي تعاني منها البلاد جرَّاء قرض صندوق النقد الدولي البالغ 56 مليار دولار، وهو الأكبر في تاريخ المنظمة.
ويريد “فرنانديز” تجنب سياسات التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي، وأعرب عن رغبته في إعادة هيكلة ديون البلاد، وإعادة جدولة مواعيد سدادها. ومع ذلك، يبدو أن أعضاء الحملة لا يوافقون على الانطلاق للأمام، إذ يجب على الرئيس القادم تقديم حججٍ مقنعةٍ على أن لديه نظرة اقتصادية إيجابية وإطارًا سياسيًا متينًا إذا رغب في الاستمرار في تلقي القروض من المؤسسات النقدية. وبالتالي سيبدو ما إذا كان “فرناندز” سيبرم صفقة مع دائني الأرجنتين تكون أمرًا حاسمًا في تحديد مسار ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية.
علاقات “ميركوسور“
بعد عشرين عامًا من المناقشات، احتفل مؤيدو سياسات التجارة الحرة بالإعلان عن اتفاقية التجارة بين السوق المشتركة الجنوبية “ميركوسور” والاتحاد الأوروبي هذا العام. وتُقدِّر قيمة العلاقات التجارية بين الكتلتين بحوالي 85 مليار دولار في عام 2018. وهي الصفقة التي شهدت بالفعل معارضة على جانبي المحيط الأطلسي، حيث ستواجه قدرًا من التدقيق من قِبَل إدارة “فرنانديز”. وعلى الرغم من إعلانه تأييدًا لتلك الاتفاقية التجارية، فقد شكَّك الرئيس المنتخب في المعاهدة، كما أنه لم يستبعد إمكانية مراجعتها.
ويدرس رئيس البرازيل، “جِيير بولسونارو” Jair Bolsonaro، الذي انتقد مرارًا “ميروكوسور”، إمكانية دعم تعليق عضوية الأرجنتين في هذه الاتفاقية أو حتى طرد البرازيل من هذه الكتلة التجارية تمامًا، كما يدرس أيضًا إمكانية قيام “فرنانديز” بتأخير تنفيذ المعاهدة أو عرقلة تنفيذها. وكان عام 2018 شهد تبادل البلدان أكثر من 26 مليار دولار من السلع والخدمات.
فنزويلا
مع تدهور الأزمة الفنزويلية، من المُرجَّح أن يعكس انتخاب “فرنانديز” انخفاضًا في دعم حكومة “خوان غايدو” المؤقتة. وينتقد قائد الأركان الجديد السياسة الخارجية لـ”ماكري”، ويرفض التدخل، ويعلن أنه يرغب في أن يحل الفنزويليون هذه المشكلة. ولهذا فقد هدَّد “فرنانديز” بمغادرة مجموعة “ليما” نتيجة للمعارضة الصارمة التي يبديها الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه موقف “مادورو”. ذلك أنه يفضل تبني موقف أكثر تشابهًا مع كل من المكسيك وأوروغواي، اللتين رفضتا حتى الآن اتخاذ موقفٍ حازمٍ سواء لصالح “نيكولاس مادورو” أو ضده. لكن يبقى السؤال الرئيسي والمتعلق بالدرجة التي ستكون عليها عودة الدعم الأرجنتيني لـ”مادورو”، أو ببساطة فقدان القيادة الأرجنتينية في مجموعة “ليما” والمجتمع الدولي على نطاق أوسع. فقد اتصلت وزارة الخارجية الأميركية بالفعل بالزعيم الأرجنتيني في محاولةٍ لإقناعه بالتخفيف من موقفه من فنزويلا من أجل الحفاظ على الدعم للضغط الإقليمي المستمر على “مادورو”.
العلاقات بين الصين وروسيا
في الوقت الذي تكافح فيه الأرجنتين لسداد قروض صندوق النقد الدولي، أصبحت الصين وروسيا مصدرين جذابين للاستثمار وشركاء تجاريين نشطين؛ حيث يسعى “فرنانديز” لجعل الأرجنتين “أقل اعتمادًا” على الولايات المتحدة. كما التقى المسؤولين الصينيين والروس خلال حملته الانتخابية. بجانب ذلك، فإن الدولتين لديهما خطط لبناء مشاريع طموحة للبنية التحتية والطاقة، بما في ذلك بناء محطات طاقة نووية. ولهذا فقد وقَّعت الصين، على وجه الخصوص، التي زاد وجودها في البلاد، صفقةً لفتح سوقها أمام صادرات فول الصويا الأرجنتيني في سبتمبر 2019، حيث ينظر إليها معظم الأرجنتينيين بشكل إيجابي.
استنتاج
لا يواجه “فرنانديز” مهمةً سهلةً في توجِيه الأرجنتين نحو طريق الرخاء. إضافة إلى ذلك، فإن التوترات الاجتماعية الحالية وعدم الاستقرار في أميركا اللاتينية، وبقية القضايا حول العالم، تضع مستقبل البلد على مفترق طرق. وذلك على الرغم من أن نتائج إدارة “فرنانديز” الجديدة تبدو غير مؤكدةٍ، فإن عودة السياسات “البيرونية” إلى الأرجنتين تضمن توجهات سياسات الرئيس الحالي “ماكري”، فضلاً عن إعادة التنظيم مع الحكومات اليسارية في المنطقة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: المجلس الأطلنطي
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر