سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ريكاردو أنتونوسي
مثلها مثل باقي العلاقات الشائكة، تعتبر العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والطاقة النووية، علاقة يصعب قطعها. ولكن عادة ما يكون الشيء الأصعب هو الخيار الصائب الذي ينبغي فعله.
وفقًا للأرقام الصادرة عن اليوروستات، في 2017 كان هناك 14 دولة تابعة للاتحاد الأوروبي لديها مفاعلات نووية ومصانع نووية مسؤولة عن توليد 25% من الكهرباء المنتجة في الاتحاد الأوروبي في هذا العام.
حوالي ربع الكهرباء التي ننتجها تأتي من الذرة، وهو ما يعني أن الوقت ما زال مناسبًا للحديث عن مستقبل الطاقة النووية.
عادة ما يتم التعامل مع الطاقة النووية باعتبارها أداة للتعامل مع تغيير المناخ، لأنها قادرة على إنتاج الطاقة مع الحفاظ على قلة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وهو ما يصل إلى صفر أثناء مرحلة الإنتاج.
ولكن، وفقًا لتقرير وضع الصناعة النووية العالمية لعام 2019، نلاحظ انخفاض إجمالي تكلفة مصادر الطاقة المتجددة مقارنة بتوليد الطاقة من الفحم ودورة الغاز المركبة بنسبة 88% للطاقة الشمسية، و69% لطاقة الرياح. وفي نفس الوقت، تزيد تكلفة الطاقة النووية بنسبة 23%. وحاليًا، يميل المستثمرون أكثر إلى الاستفادة من الطاقة المتجددة حتى وصلت الاستثمارات في طاقة الرياح إلى 134 مليار دولار أميركي، والطاقة الشمسية إلى 139 مليار دولار أميركي، في حين جذبت الطاقة النووية استثمارات بمقدار 33 مليار دولار أميركي.
وهذه المعلومات تؤكد أن الطاقة النووية تجذب استثمارات أقل من القطاع الخاص، وترجع أسباب ذلك إلى أن الطاقة النووية أعلى تكلفةً وأكثر تعقيدًا من الناحية التكنولوجية، وتطبيقها على نطاق كبير يتطلب وقتًا أطول.
كما أن مخاطر التكلفة الإضافية بسبب التأخير مثل ما حدث في “هينكلي بوينت سي” Hinkley Point C، و”فلامانفيل” Flamanville، و”أويكيلوتو” Oikiluoto، تعتبر سببًا أساسيًا لانعدام الثقة في الطاقة النووية كخيار مثالي لتنظيف مزيج الطاقة.
وهذا التأخير لا يمثل خطرًا على المستثمرين فحسب، ولكن من ناحية أخرى يمثل خطرًا على المواطنين، وذلك لأنه كلما زاد الوقت ارتفع مقدار الانبعاثات المصاحبة للطاقة النووية؛ لأن عمليات بناء محطات الطاقة في حد ذاتها تلوث البيئة، كما أن الانبعاثات لا تنخفض في الفترات التي تتأخر خلالها عمليات البناء.
ويلاحظ تأثير هذه الاتجاهات الاقتصادية في مزيج الطاقة في الاتحاد الأوروبي، الذي جاءت سعته الإضافية في عام 2018 من المصادر المتجددة، وبشكل أدق حوالي 371 تراواط ساعة من طاقة الرياح، و128 تراواط ساعة من الطاقة الشمسية بالمقارنة بعام 1977.
وبشكل عملي، يعيد الاتحاد الأوروبي تشكيل مزيج الطاقة من خلال تفضيل مصادر الطاقة المتجددة على الطاقة النووية، ولذا من المتوقع أن تأتي القرارات التي تتخذها كبرى المؤسسات بما يتناسب مع هذا الميل العام. ولكن الأمور أكثر تعقيدًا من ذلك.
يبدو من آخر المؤشرات للمؤسسات الأوروبية، أن الطاقة النووية لا تزال ضمن استراتيجيتنا لتحقيق إنتاج الطاقة المستدام، ومن أهم هذه القرارات قرار وزراء الاتحاد الأوروبي لتضمين مشروعات الطاقة النووية في خطة التمويل المستدامة مما يؤهلها للاستثمارات الخضراء.
هناك حوالي 180 مليار يورو سنويًا من الاستثمارات الإضافية، وحتى يتم تحديد هذه الاستثمارات، اقترحت المفوضية في مايو الماضي، نظامًا لتحديد المشروعات التي ينبغي تضمينها. ووضع المجلس ستة أهداف لتحديد المشروعات المؤهلة، وهي: تخفيف تأثير تغير المناخ، والتكيف مع تغير المناخ، والاستخدام المستدام للمياه والموارد البحرية، والتحول لاقتصاد دائري، يشمل تقليل النفايات وإعادة تدويرها، وتقليل التلوث والسيطرة عليه، وحماية التنوع الحيوي والنظم البيئية.
وحتى يستحق أي مشروع التمويل المستدام يجب أن يساهم بشكل جوهري على الأقل في واحد من هذه الأهداف الستة بدون التأثير سلبًا على الأهداف الأخرى. وهذه المعايير لا تستبعد الطاقة النووية من المشروعات المؤهلة وفقًا لما طلبته ألمانيا، والنمسا، ولوكسمبرج، وهي الدول التي طالبت بذلك كجزء من إطار العمل؛ ولهذا السبب ظهر الانقسام بين الدول الأعضاء.
ويؤكد ذلك أن مصالح الدول مثل فرنسا، التي تعدُّ اللاعب الرئيسي في مجال الطاقة النووية في أوروبا ودول أوروبا الشرقية، والتي تعتمد على الفحم وتخطط لزيادة سعتها النووية من خلال مفاعلين نووين بسعة إجمالية 2.4 جيجا واط في بلغاريا بحلول عام 2026، ومفاعلين نووين بسعة 1200 ميجا واط لكل واحد في جمهورية التشيك، ومفاعلين صغيرين بسعة 900 ميجا واط، ومحطة طاقة نووية سعة ثلاثة جيجا واط سيتم بناؤها في بولندا بحلول عام 2029، وأخرى بحلول عام 2030، وخطة إحلال لمحطة الطاقة بسعة 1200 ميجا واط لمفاعل بوهنيس في سلوفاكيا – تحافظ على دور الذرة في استراتيجيتنا للطاقة على الرغم من جهود المؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي لاستبعادها من الاستثمارات الخضراء.
تحمي السياسة أكثر من الاقتصاد العلاقة بين الطاقة النووية والاتحاد الأوروبي، والخطر في ذلك يكمن في أن الكثير من المصادر ستتجه للحل الأغلى والأقل كفاءة مما يبطئ عملية التحول.
ومما لا شك فيه يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إجراء مناقشة حول الطاقة النووية تركز على النتائج بدلاً من المخاوف؛ لأن هذه الرؤية تساعد من يدعمون هذا الخيار غير الفعال على ادعاء أن أي معارضة لآرائهم نابعة من الخوف من الطاقة النووية وليست قائمة على دلائل.
يجب أن تتغير علاقتنا مع الطاقة النووية حتى تنتهي تمامًا.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: brusselstimes
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر