الاقتصاد القطري.. أرقام تتهاوى | مركز سمت للدراسات

الاقتصاد القطري.. أرقام تتهاوى

التاريخ والوقت : السبت, 8 يوليو 2017

سامية قاصد

 

بات الاقتصاد القطري أمام اختبار هو الأصعب في تاريخه، بعدما واجه هزة عنيفة على خلفية استمرار العزلة الخليجية للدوحة التي تتمسك برفض الاستجابة للمطالب العربية، الذي اعتبرته الدول الأربع المقاطعة «استمرارًا من الدوحة في نهج سياسية دعم الإرهاب والتطرف، وتفتيت مجلس التعاون الخليجي، وتهديد الأمن القومي العربي».
تتزامن الهزات التي يتعرض لها الاقتصاد القطري مع ضبابية مآلاتالصدام على خلفية التطورات التي شهدتها الأزمة خلال اليومين الماضيين، والتي جاءت بعد ساعات من إعلان وكالة «موديز» عن تخفيض النظرة المستقبلية لقطر إلى «سلبية» بسبب «المخاطر المالية» لأزمة قطع العلاقات، التي توقعت إزاءها الوكالة الدولية أن تستمر إلى عام 2018.

البورصة تعاني
الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد القطري، شملت كافة القطاعات دون استثناء، على رأسها بورصة الدوحة التي خسرت نحو 15 مليون دولار من قيمتها السوقية (أي نحو10%) منذ بدء المقاطعة التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر في 5 يونيو؛ بحسب ما كشفت عنه وكالة «بلومبرج»، التي قالت “إن المقاطعة العربية كبدت البورصة القطرية أسوأ ضربة في تاريخها، واعتبرت أن الحل الوحيد لوقف نزيف الخسائر، هو أن تسفر الحلول الديبلوماسية عن نتائج إيجابية”.(1)

القطاع المصرفي
وكذلك تلقى القطاع المصرفي هزات قوية، إذ خسر بنك قطر الوطني نحو 3 مليارات دولار من قيمته السوقية لعام 2017، وهي أكبر خسارة في قطاع المصارف، أي أنّه تراجع بنسبة10%. كما تعرضت العملة القطرية لأزمة غير مسبوقة، بعدما شهد الريال تداولات عالمية بسعر بلغ 3.81 ريال مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى منذ عام 1980 (أي منذ نحو 37 سنة)، بسبب إجراءات البنوك العالمية، التي تلجأ إما إلى الامتناع عن التعامل بالريال القطري، وإما إلى طلب سعر منخفض لشرائه.(2)
وتحدثت تقارير صحفية دولية عن هزة عنيفة للقطاع المصرفي القطري بعدما اتجه العديد من المستثمرين إلى سحب ودائعهم من البنوك القطرية، وهو ما يضع الجهاز المصرفي في ورطة كبيرة، جراء عجزه عن سداد الالتزامات العاجلة. وتحدثت التقارير أيضًا عن مخاوف تواجه البنك المركزي القطري من احتمالات نقص السيولة، وهو ما دفع المؤسسة المصرفية القطرية إلى الامتناع عن اللجوء إلى الاحتياطي النقدي لرفع قيمة العملة المحلية للاحتفاظ بقدر كافٍ من السيولة يمكن من خلالها استيراد الاحتياجات الاستهلاكية.(3)

الاستثمارات الخارجية
ولم تجد قطر بدًا من تفادي مزيد من الخسائر على الاقتصاد، سوى اللجوء إلى عمليات تسييل سريعة لبعض استثماراتها الخارجية بما خفّض من قيمتها فيما يعرف بـ«انكماش الأصول»، وهو ما سيترك تداعيات كبيرة على الاقتصاد القطري؛ لأنه سيؤدي إلى تراجع قيمة الأصول القطرية في الخارج.(4)

الخطوط الجوية
منذ إعلان الدول العربية الأربع تعليق حركة الانتقال الجوي مع قطر، والخطوط الجوية القطرية تتلقى خسائر فادحة، بسبب زيادة زمن الرحلة وزيادة مدة التشغيل وتكاليف الوقود، وهو ما أدى إلى انصراف الركاب عن الخطوط الجوية القطرية لصالح شركات طيران أجنبية، وجعل الخطوط القطرية تواجه مخاطر بأن تصبح الخاسر الأكبر؛ إذ إن رحلاتها إلى أماكن مثل دبي وأبوظبي والرياض والقاهرة، تُقدَّر بعشرات الرحلات يوميًا، وبلغت الخسائر ذروتها بإعلان الخطوط الجوية القطرية أنها ألغت طلبيات شراء أربع طائرات إيرباص من طراز A350-900.(5)

الأمن الغذائي والتجارة
الأمن الغذائي لقطر اتخذ مكانة متقدمة في سلسلة الخسائر والمخاطر التي واجهت الدوحة، بخاصة أنّ البلدان الصحراوية تعاني مصاعب في زراعة المحاصيل الغذائية. ويمثل المنفذ البري الوحيد مع السعودية، نافذة قطر إلى العالم الخارجي، حيث تعبرهيوميًا مئات الشاحنات المحملة بالبضائع، ويأتي 40% من غذاء قطر عن طريق هذا المنفذ.(6)
إن المؤشرات السابقة، إضافة إلى الاستناد على تقارير بشأن التبادل التجاري بين قطر ودول الخليج العربي خلال 2016، الذي شكَّل نحو 84% من إجمالي التبادل التجاري بين قطر والدول العربية، تعني أن قطر ستواجه خلال الفترة المقبلة تضخمًا غير مسبوق، وهو ما دفع بعض السكان إلى تغيير العادات في محاولة للتأقلم مع الوضع، إذ باتوا أكثر حذرًا في الإنفاق بسبب غموض مستقبل البلاد.
وقطاع التجارة في قطر يواجه أيضًا صعوبات كبيرة، ذلك أن السعودية والإمارات من أهم الشركاء التجاريين لقطر، إذ إن الدولتين تأتيان في المرتبة الأولى والثانية من حيث تصدير المواد الغذائية إلى قطر، بإجمالي 310 ملايين دولار. وقد اعترفت الحكومة القطرية رسميًا بحجم الخسائر التي تكبدتها، عندما قال وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إن تكلفة الشحن ارتفعت إلى 10 أمثالها بسبب مقاطعة الدوحة.(7)

التصنيف الائتماني
وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، قرأت المؤشرات والتداعيات،وتنبأت بالمستقبل الذي ينتظر الدوحة جراء الأزمة، ما دفعها إلى تغيير النظرة المستقبلية لقطر إلى سلبية، إذ رأت الوكالة ارتفاع احتمالية استمرار حالة عدم اليقين لفترة طويلة تمتد إلى عام 2018، معتمدة على أن حل الخلاف خلال الأشهر القليلة المقبلة «غير مضمون»، وهو ما دفع بصحيفة «الجارديان» البريطانية الشهيرة إلى إبراز مؤشرات تعكس حالة من التراجع الكبير في اقتصاد قطر ربَّما تدفعه إلى الانهيار حال استمرَّ الخلاف.(8)

باحثة في الشؤون العربية*
@samiakased111

المراجع:
-1بلومبرج تكشف حجم خسائر البورصة القطرية من المقاطعة

-2 الريال القطري يتعرض لأزمة غير مسبوقة

-3 الجارديان: 4 مؤشرات لانهيار اقتصاد قطر

-4 قطر تبدأ عمليات تسييل سريعة لاستثماراتها 

-5 الخطوط القطرية تلغي طلب شراء 4 طائرات: ‭A350‬‬‬
-6 خسائر الاقتصاد القطري من المقاطعة

-7 تكلفة الشحن ارتفعت إلى 10 أمثالها بسبب إجراءات الدول المقاطعة
-8 موديز تخفض نظرتها المستقبلية لقطر إلى سلبية

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر