سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
فيصل الشمري
كان العالم على موعد مع تسريبات خطيرة لوثائق إيرانية سرية فضحت دور طهران الخفي في التدخل بشؤون العراق، والدور الشيطاني للجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس.
الوثائق هي جزء من أرشيف الاستخبارات الإيرانية السرية، حصل عليها موقع Intercept الذي تشارك في نشرها مع “صحيفة نيويورك تايمز” في وقت واحد.
بعد الاطلاع على تسريبات ٧٠٠ وثيقة استخباراتية إيرانية، وتقرير Intercept، سوف أتعرض لما كشفته تلك الوثائق عن حقيقة ما تكنه إيران للمملكة العربية السعودية، ودورها في تكوين محور الشر الذي سبق وحذَّر منه سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
أفصحت التسريبات عن اجتماع عُقد عام 2014 في تركيا، جمع بين كلٍّ من جماعة الإخوان الإرهابية، والحرس الثوري الإيراني المصنف كتنظيم إرهابي أيضًا، برعاية النظام التركي. لكن ما الرابط بينهم؟ لقد اتفقوا على التآمر ضد السعودية.
كان هدفهم المشترك في هذا الاجتماع هو السعودية، وهو ما سبق أن ذكرناه وحذرنا منه في مقالات عديدة عن خطر الإخوان وتحالفها مع إيران. كما حذرنا أيضًا من السيطرة شبه الكاملة على العراق، وحذرنا من التوسع الإيراني وأهدافه لعزل السعودية جغرافيًا.
فبعد السيطرة على سوريا والعراق ولبنان من ناحية الشمال، جاء الاجتماع الثلاثي لنقل المؤامرة والسيطرة جنوبًا في اليمن.
إن السعودية كانت عقبة كؤودًا أمام مشروعات محور الشر، فعطلت خطط دول عظمى في المنطقة، فيما عرف بـ”الربيع العربي”. لقد تصدت السعودية لمخططات ذلك الربيع، عندما تمكنت من الحفاظ على البحرين، وعندما ساعدت مصر ووقفت بجانب الشعب المصري، وحينما رفضت التدخل في ليبيا.
لقد أخذت السعودية على عاتقها مواجهة مخطط القوى الدولية في إعادة خريطة المنطقة؛ لأنها تعلم عواقب ما يحدث على العالم العربي.
لهذا، فإن الاجتماع الثلاثي في تركيا كان برعاية قوى دولية؛ لأن السعودية عطلت هذه الأهداف بتدخلها الحاسم في صالح الشعوب العربية ضد ما يسمى الإسلام السياسي المتآمر مع قوى دولية وإقليمية وعلى رأسها إيران وتركيا.
وفق المعلومات الواردة في الوثائق المسربة، فإن ممثل الإخوان طالب الحرس الثوري الإيراني بالعمل ضد السعودية في اليمن من خلال توحيد صفوفهما، في ظل “تشاركهما في العداء للسعودية” بسبب وقوفها مع مصالح واستقرار العالم العربي وضد المخططات الإقليمية والدولية.
كما تؤكد الوثائق أن تنظيم الإخوان عمل على التخابر مع المسؤولين الإيرانيين قبل عزل الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وحافظ الطرفان على الاتصال بعد عزله.
في اجتماع تركيا كان السؤال عما إذا كان لا يزال بإمكانهم العمل معًا؟
لقد داوم الإخوان وقناة الجزيرة على مهاجمة السعودية، تحت زعم أنها تحارب فصيلاً سنيًا (الإخوان)، رغم أن ما فعلته السعودية ما هو إلا تعطيل لأهداف الفوضى الخلاقة التي كانت المملكة تعلم تمامًا خفايا هذه الفوضى وما يحاك ضدها وضد الدول العربية.
فقد قادت السعودية الوساطة بين اليمنيين إبان احتجاجات 2011، وهي الوساطة التي انتهت بتنازل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عن الحكم، ثم انتخاب الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي، فحافظت على اليمن من الفوضى.
في نهاية 2014، وبعد اجتماع مثلث الشر، بدأ الحوثي التحرك ضد الشرعية اليمنية بالتعاون مع علي عبدالله صالح. وفي بداية 2015 بدأت “عاصفة الحزم” التي لم يتوقعها المتآمرون والقوى الدولية والإقليمية.
“عاصفة الحزم” كانت رد فعل سريع جدًا على التآمر الإخواني التركي الإيراني ضد العالم العربي، وتمكنت السعودية من قلب المعادلة، عبر الانتصار للحكومة الشرعية والشعب اليمني ووقف المؤامرة.
إن خلاصة ما أكدته تلك التسريبات، أننا أمام مخطط ثلاثي للتآمر على الأمة العربية، ولكل طرف منهم أهدافه الخاصة.
فبالنسبة لتركيا، فإن أردوغان تحرك سياساته الخارجية أهداف خاصة تتعلق بأوهام زعامة العالم الإسلامي، لكن وجود السعودية الدولة القوية المحورية وقبلة المسلمين ذات الثقل في العالم يعطل ذلك.
أمَّا إيران، فإن هدفها هو إعادة الأمجاد الفارسية، كما أن لها أغراضًا، أو بالأحرى أطماعًا اقتصادية، فالإيرانيون يريدون الوصول إلى البحر المتوسط والسيطرة على اقتصاد العراق.
أمَّا الإخوان، فهم مرضى بشراهة السلطة، ويرغبون في الوصول للحكم في العالم العربي بدعم من قوى دولية.
إذًا، أهداف دول محور الشر إيران – تركيا مع العملاء الإخوان كلها تعطلت على صخرة السعودية، وبالتالي كان طبيعيًا ومنطقيًا أن يكون هدفهم المشترك في اجتماع 2014 هو تقسيم السعودية، التي كانت السد العظيم ضد المؤامرات على العالم العربي.
إذا رجعنا إلى الوراء، ومن باب التذكرة التي تنفع المؤمنين، فسنجد أن السعودية مع كل دولة عربية لها مواقف مشرفة لمصلحة العالم العربي.
لقد سطر السعوديون تاريخًا بالدم على جبهات القتال في فلسطين والدول المواجهة لإسرائيل: الأردن وسوريا ومصر، ناهيك عن تقديم المال لدعم كل ذلك، بالإضافة إلى مواقف خفية ومعلنة، على رأسها الوقوف بجانب مصر وسوريا في حرب أكتوبر، وكلها تنطلق من حس عروبي وقومي، ومواقف أخلاقية حميدة، ومسارات بطولة قدمها السعوديون، حكومة وشعبًا.
أيضًا، في القضية الجزائرية، كان موقف السفير السعودي مشرفًا عندما دخل مقر الأمم المتحدة عام 1955، حاملاً للعلم الجزائري. كما أعلن في عام 1958 أن يوم “15 شعبان” من كل عام سيكون “يوم الجزائر”، يتبرع فيه الشعب السعودي بالمال لمساعدة الشعب الجزائري في طريق نضالهم لتحرير بلادهم من الاستعمار الفرنسي.
وعلى ذكرى فلسطين، فإن قضية فلسطين من الثوابت الرئيسية لسياسة السعودية، وقدمت من أجل ذلك الدعم العسكري والمادي والسياسي منذ بدء الصراع، كما طرحت مبادرات لحل القضية الفلسطينية، تمثلت في: مشروع الملك فهد للسلام (المشروع العربي للسلام)، الذي أعلن في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في مدينة فاس المغربية عام 1982م، ووافقت عليه الدول العربية، وأصبح أساسًا للمشروع العربي للسلام، كما كانت هذه البادرة أساسًا لمؤتمر السلام في مدريد عام 1991م.
ومن بين جهود السعودية في المنطقة، فإن مؤتمر الطائف من أجل لبنان يعدُّ أكثرها شعبية بين ملايين من شعوب المنطقة، فقد أسهمت السعودية بهذا الاتفاق في إنقاذ لبنان من أتون الحرب القذرة، وقبلها كانت المواجهة بالوجود والمشاركة مع قوات الردع العربية لحفظ الأمن في هذا البلد.
أمَّا في الكويت، فقد وقفت السعودية في المواجهة ضد غزو الجار العربي للجار العربي حتى تحررت بعد استضافة الأشقاء الكويتيين في بلدهم الثاني. كما كان للسعودية مواجهة ضد السماح للقوات الأميركية بالانطلاق من الأراضي السعودية للعدوان على العراقي.
ويجب ألا ننسى دور السعودية في التوسط لرفع العقوبات عن ليبيا، ودعم استقرار اليمن تاريخيًا، والتوسط بين المتظاهرين والمجلس العسكري في السودان.
كل ما سبق غيض من فيض، والشواهد كثيرة جدًا على دور السعودية الريادي في نصرة القضايا العربية، وسردها هنا ليس من باب المن بالفضل، لكنه للتأكيد على دور السعودية التاريخي في العمل على مصالح الأمة العربية.
على الجانب الآخر، سنجد أن إيران جلبت الدمار أينما حلت، ولازمها دومًا الاقتتال الطائفي وسرقة الخيرات، ولعل التظاهرات العربية في العراق ولبنان ضد إيران خير دليل.
أمَّا الإخوان، فهم عملاء من أجل الوصول الى السلطة والتفرد بها، بينما لا تتردد تركيا في دعم الحركات المتطرفة في كل أرض عربية.
هذا، فإن كل مواطن سعودي يحب وطنه يجب أن يعي أن الهدف هو تقسيم وطنك إلى دويلات، هذا هو الهدف.
الحمد لله نحن دولة قوية عظيمة في قيادتها وشعبها، نحن الحق ونقف معه وهم الشر. كنا دائمًا على الموعد مع التغيرات الجيوسياسة الإقليمية والدولية.. حفظ الله الوطن.
كاتب ومحلل سياسي*
@Mr_Alshammeri
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر