البيان الرباعي العربي.. قطر تحت المقصلة وتركيا خارج الحسابات | مركز سمت للدراسات

البيان الرباعي العربي.. قطر تحت المقصلة وتركيا خارج الحسابات

التاريخ والوقت : الجمعة, 7 يوليو 2017

 

القراءة السطحيَّة للبيان الصادر عن الرباعية العربية، الذي جاء في ختام اجتماع وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات والبحرين في القاهرة، تعطي انطباعًا سريعًا بأن مضمون التعليق جاء سلبيًا ومتراجعًا عن تصعيد كان متوقعًا أو فارغًا من المضمون. بَيْدَ أنَّ نظرة أخرى متأنيّة تكشف عن أبعاد من وراء السطور بجوار مواقف وتحركات خلال الأيام الماضية تشير إلى أنَّ ثمّة جديدًا ستشهده الأزمة خلال الفترة المقبلة.

 

عامل الوقت
مع التسليم مبدئيًا بأنَّ حل الأزمة الحالية لن يكون وليد ليلة وضحاها، إضافة إلى حجم الأطراف المُؤثِّرة والمُتَأثرة بالأزمة، وثالثًا حجم التعقيد المرتبط بمصالح إقليمية ودولية على طرفي الخلاف، فإنَّ صورة أوضح تبدو لمن يدقق في بيان الرباعية العربية، بشأن مآلات الأزمة ومستقبل حلِّها.
كافة المؤشرات تؤكد أنَّ الحل بات بعيد المدى على جميع الصعد، بخاصة أنَّ المؤسسات الدولية الاقتصادية أعطت تقييمًا للاقتصاد القطري بصيغة سلبية، معتمدةً على أنَّ الحل لن يكون على المدى القريب، إذ خفَّضت وكالة «موديز» الدولية توقعاتها بشأن صكوك قطر غير المضمونة من «مستقر» إلى «سلبي»، وثبَّتت تصنيفها عند درجة «Aa3»، متوقعة أنَّه من غير المحتمل حل الأزمة بسرعة خلال الأشهر القليلة المقبلة، وهو ما ينطوي على مخاطر ستؤثر سلبًا في أسس الائتمان السيادية للدوحة. فلا استغراب من أن يأتي إعلان كحلقة في سلسلة اجتماعات، تحدد مآلات المستقبل للأزمة، وليس حلقة أخيرة وحسمًا لمسألة كما توقعه البعض.

 

أدوار دولية
وإذا أعطينا الاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، جانبًا من الأهمية، إضافة إلى بيان الرباعية العربية، وما أشار إليه بيان الرئاسة المصرية بشأن توافق رؤية البلدين حول الموقف من قطر، فإنَّ ملامح مستقبل الأزمة يبدو جليًا بأنّ الأطراف الدولية عليها مسؤولية أساسية في حل الأزمة.
كما أنَّ تحميل البيان الختامي، المجتمع الدولي، مسؤوليته تجاه مواجهة الإرهاب والتطرف المتنامي، بوصفها تمثل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، يعتبر دعوة صريحة لضرورة وجود أدوار دولية وإقليمية للضغط على قطر لقبول المطالب العربية.

 

سلمية الخيارات
النقطة البارزة في البيان الرباعي، تتمثل في «سلمية الخيارات»، إذ أكد الرئيسان المصري والأمريكي والبيان المشترك للدول الأربع، أنَّ «رؤية التعامل مع الأزمات الإقليمية الحالية، تسير على نفس الخط، بخاصة فيما يتعلق بالوصول إلى تسويات سياسية تسهم في أمن المنطقة واستقرارها»، وهو ما يعني استبعاد أي خيارات أخرى يتم الترويج لها.
وجاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بأنَّ ثمة إجراءات أخرى ستتخذ، ولكن في الوقت المناسب ووفقًا للقانون الدولي، وهو ما يشير إلى أنَّ الترتيبات الجارية تسير في اتجاه إمكانية فرض عقوبات على قطر خلال الفترة المقبلة. بَيْدَ أنَّ الدول العربية تسعى إلى محاولة صبغها صبغة دولية، وأن تتعاون بعض الأطراف المؤثرة في علاقتها بالدوحة، وهو ما يعني أنَّ البيان الرباعي لم يكن خاليًا من الإجراءات العملية.

 

حوار خالٍ من المساومات
ويبدو أنَّ البيان الرباعي استجاب للنقطة البارزة التي جاءت في الرد القطري على المطالب العربية، والتي تمثلت في طلب التمسك بالحوار لحل الأزمة، إذ قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إنَّ بلاده ترحب بأي جهود جديَّة لحل الأزمة مع جاراتها من خلال الحوار.
وكما أنّ البيان طالب بضرورة وجود الحكمة، وأنَّ تتبنى قطر قرارات صائبة، فإنَّ الدول الأربع تتمسك بعدم قبول أي مساومات أو تسويف على طاولة الحوار، وهو ما يعني أيضًا أنَّ جولة من المفاوضات بين الطرفين ستبدأ برعاية دولية قريبًا.. يُزكِّي ذلك التصريحات المتواترة، عقب الاجتماع، بأنّ المبادرة الكويتية لا تزال صالحة للطرح.
بَيْدَ أنَّ البيان اللاحق الذي أكمل معطيات البيان الذي أذيع من القاهرة، وكشف عن فشل المبادرة الكويتية مع تمسك قطر بموقفها، حمل في مجمله عدة رسائل، منها التفرقة بين الشعب القطري الذي يرتبط بصلات قرابة مع الدول الخليجية وبين نظام الحكم في الدوحة، مستندة في إجراءاتها المرتقبة إلى أنّ الحكومة القطرية لا تزال متمسكة بدعم الإرهاب وتفتيت منظومة مجلس التعاون الخليجي والأمن العربي والعالمي.

 

البيان نصَّ – صراحة – على أنَّ الإجراءات المرتقبة ستشمل تدابير سياسية واقتصادية وقانونية، وهي الإجراءات التي لا بدَّ من توافق دولي وإقليمي حول بنودها بما يشكل منظومة من المناقشات والحوارات التي تحتاج وقتًا لإقرارها.

 

تركيا خارج الحسابات
كما يحتوي البيان على إشارة هامة، تكمن في التغاضي عن التحركات التركية ودور أنقرة في الأزمة منذ بدايتها، وهو ما يعني أنَّ المصالح باتت كلمة السر في الخلاف، وأنَّ دولاً عربية تحاول الخروج من الأزمة بمكاسب خالية من أي خسائر، ولا سيما أنَّ الدول الخليجية ترتبط بعلاقات سياسية وأمنية قوية مع تركيا، بخاصة ما يتعلق بالملف «المواجهة مع إيران».
بَيْدَ أنَّ ذلك لا يعني أنَّ الدول الخليجية، تجري اتصالات وتنسيقًا بين أطراف أخرى للضغط على تركيا للعدول عن موقفها تجاه الدوحة، وهو ما يمثل عاملاً مهمًا في معادلة الخلاف، ربَّما تكشفه الأيام المقبلة.
ما سبق يعني أنَّ البيان الرباعي يحتوي على كمٍّ هائلٍ من الرسائل والإجراءات المرتقبة، ويكشف عن أنَّ المناقشات التي أجريت في القاهرة لم تكن فارغة بقدر احتوائها على قدر كبير من الدبلوماسية والتعقُّل في معالجة الأزمة من دون خسائر تتكبدها الدول الأربع.

 

وحدة الدراسات السياسية*

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر