سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
“يحتاج العالم إلى شيء من الهدنة”، كما كتب “ويستن هيو أودن” في قصيدته عصر القلق في عام 1947. ويبدو أن الوضع كذلك في بريطانيا بعد ثلاثة أعوام ونصف من التوتر والجمود بسبب الخروج المفترض للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أو “بريكسيت”. ولكن بدلاً من الاتفاق على هدنة، تقف البلاد على أعقاب أول انتخابات عامة في ديسمبر لأكثر من 100 عام. ومع اقتراب توافد الناخبين على مراكز الاقتراع، ينذر التصويت الثالث في أقل من أربعة أعوام بأزمة ديمقراطية ولا يشير أبدًا إلى ديمقراطية مفرطة.
فقد ظهرت عيوب ثقافتنا السياسية ومؤسساتنا جلية منذ عام 2016؛ حيث وجد النظام العدائي نفسه غير قادر، في ظل برلمان معلق، على حل قضية تتعلق بالدولة وتتخطى حدود سياسات الأحزاب العادية. واشتعلت نيران الاختلاف على وسائل التواصل الاجتماعي وبدا الرأي العام مستقطبًا. واضطرت المحاكم إلى التدخل في الوقت الذي تصرَّف فيه رئيس الوزراء، الذي يفتقر إلى التأييد الشعبي، باستهتار إزاء أحكام الدستور.
ولا تعتبر “بريكسيت” القضية الوحيدة التي تعاني الخلل في الجسم السياسي البريطاني. فقد أظهرت البرلمانات المتعاقبة عجزها عن إيجاد وحدة بين الأحزاب في التعامل مع أزمة الرعاية الاجتماعية التي تزداد كلما زاد عمر الشعب. أمَّا ما يتعلق بأزمة المناخ، فقد تمَّ وضع تواريخ متفائلة للوصول لهدف الخلو من أية انبعاثات، ولكن خارطة الطريق لتنفيذ هذا الهدف لا تزال غامضة.
وحاليًا، لا يزال نظام “الفائز بأكثر الأصوات” عائقًا أمام نتائج الانتخابات؛ إذ يخلق مقاعد آمنة تنزع الحيوية من الديمقراطية المحلية وتحقق الأغلبية البرلمانية بحصة قليلة من الأصوات. وعلى الإنترنت، تلوح الآمال أن يطلق العصر الرقمي العنان لعهد جديد من الديمقراطية التشاركية. ويثير الأمر ذاته القلق من التنمر وحدة الجدل وتأثير المحتوى السياسي غير المنظم على الـ”فيسبوك” وغيره من المنصات.
في الوقت الذي تواجه فيه بريطانيا الكثير من التحديات، تحتاج البلاد إلى إجراء حوار أكثر شمولية وأقل استقطابًا. وبالتالي، فهناك ترحيب كبير بدعوة منظمات المجتمع المدني لإعادة التفكير وإجراء إصلاح سياسي، وهو ما نُشر هذا الأسبوع في صحيفة “الجارديان”. وقد وقَّع على هذه الدعوة كلٌّ من منظمة Equality Trust، ومنظمة Electoral Reform Society؛ إذ تنادي منظمات المجتمع المدني بتأسيس مجلس خاص للشعب بعد الانتخابات يتم اختيار أعضائه عشوائيًا؛ بحيث يجتمع المجلس على مدار عامين قبل تقديم أي اقتراحات خاصة بالإصلاح الديمقراطي أو الدستوري. ويتعين على البرلمان العمل وفقًا لتوصيات هذا المجلس.
وقد ظهرت فعلاً فوائد هذا المنهج في إيرلندا، إذ اجتمع مجلس مكون من 99 مواطنًا تمَّ اختيارهم عشوائيًا لمدة عام ونصف وتوصلوا إلى اتفاق حول إصلاحات قوانين الإجهاض. وقد وافق البرلمان على مقترحات المجلس وأيدها الشعب في استفتاء مدني.
وقد حذَّر “روث فوكس”، رئيس جمعية “هانسارد” Hansard Society، قائلاً: “وصلت سمعة البرلمان وأعضائه إلى الحضيض”. وقد يساعد المجلس الخاص، الذي يعمل بالتوافق مع البرلمان الجديد، على تنقية الأجواء ومد جسور التفاهم بين “وستمنستر” والجمهور. وأهم من ذلك، فإن خلق حوار مدروس بين العامة من مختلف الخلفيات والآراء السياسية، قد يظهر المزايا السياسية لمبادئ التسامح والتفاهم. وقد التزم البرلمان فعلاً بتمويل جزئي للمجلس الشعبي الذي سيقام لدراسة مشكلة المناخ العام المقبل. وينبغي للحكومة القادمة أن تمضي قدمًا في تنفيذ مقترح المؤتمر الشعبي.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: the guardian
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر