سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
إس. إل. كيثيابونكالان
حينما تمَّ ترشيح “جوتابهايا راجاباكسا” Gotabhaya Rajapaksa رسميًا عن حزب “سريلانكا بودوجانا بيرامونا” (SLPP) للانتخابات الرئاسية المقبلة، كتبت مقالاً بعنوان، (سريلانكا: حالة السباق)، وفي هذا المقال أستعرض المزيد من النقاش الذي بدأته في الجزء الأول، حيث تمَّ تعريف تلك الحالة بشكل أكبر مع إعلان الحزب الوطني المتحد UNPأنه يقوم بالدفع بـ”ساجيث بريماداسا”، نائب زعيم الحزب.
مسابقة القطبين
كقاعدة عامة، تتسم الانتخابات الوطنية في سريلانكا بكونها تحظى بالكثير من الاهتمام. فالانتخابات الرئاسية تشهد الكثير من المرشحين. فعلى سبيل المثال، كان هناك 13 مرشحًا في الانتخابات الرئاسية لعام 2005، وفي عام 2015 كان هناك 19 مرشحًا. ومع ذلك، فإن الانتخابات الرئاسية بسريلانكا تعتبر في غالبيتها مسابقات ثنائية القطب، حيث يتنافس مرشحو التحالف الذي يرأسه الحزب الوطني المتحد وحزب الحرية السريلانكي (SLFP) على الفوز بالمنصب. وفي هذه المرة أيضًا، من المتوقع أن يكون هناك عدد كبير من المرشحين، لكن المسابقة ستكون بين “جوتابهايا راجاباكسا”، ومرشح الحزب الوطني المتحد. وبعبارة أخرى، سوف نشهد سباقًا ثنائيًا مرة أخرى.
ولذلك، فعندما أُعلن عن اسم “جوتابهايا” في شهر أغسطس، تمَّ تحويل الانتباه إلى الحزب الوطني المتحد، حيث أراد الناس معرفة مرشح هذا الحزب. ومع ذلك، استغرق الحزب 49 يومًا (منذ الإعلان عن اسم جوتابهايا) لاتخاذ القرار في النهاية. وقد كانت الحكمة التقليدية تكمن في أن الصراع الداخلي بالحزب الوطني المتحد الذي يحرض عليه يرتبط بسعي “بريماداسا” لأن يكون مرشح الحزب الوطني المتحد قد أخر اتخاذ القرار.
استراتيجية “رانيل ويكرسينغا” Wickremesinghe
في مقالتي الأولى حول هذا الموضوع، أشرت إلى أن السياسي السيريلانكي “رانيل ويكرسينغا” سيفوز إذا خاض الانتخابات بشكل جاد. وإني ما زلت أعتقد أنه سينجح إذا خاض الانتخابات فعلاً. حيث تنبني رؤيتي على أنه لم يكن متأكدًا من فوزه، لكن مع تأخر القرار، فإنه قد تمكن من الحصول على تنازلات من الجناح الموالي لـ”بريماداسا”. ووفقًا للتقارير الواردة من كولومبو، وافق جناح “بريماداسا” على السماح لـ”ويكرسينغا” بالاستمرار في موقعه كزعيم للحزب الوطني المتحد ورئيسًا للوزراء في الوقت نفسه.
كما جاءت الموافقة الفورية على طلب “بريماداسا” بالتنافس نيابة عن الحزب الوطني التقدمي بما يضفي عليه درجة كبيرة من الشرعية. وعلاوة على ذلك، لا يمكن إلقاء اللوم على “ويكرسينغا” إذا فشل “بريماداسا” في الفوز بالانتخابات في 16 نوفمبر المقبل. لذلك، لم يكن مفاجئًا أن يقترح “ويكرسينغا” نفسه اسم “بريماداسا” في اجتماع لجنة العمل التي عُقِدَت للبت في وضع المرشح. وبالتالي، كانت نتيجة الصراع الداخلي بالحزب الوطني المتحد بمثابة صيغة مربحة لكل من “بريماداسا” و”ويكرسينغا”.
جوتابهايا
من المؤكد أن ترشيح “بريماداسا” من شأنه أن يضفي المزيد من الجدية على السباق. ففي عهد “ويكرسينغا”، فاز التحالف الذي كان يقوده الحزب الوطني المتحد بأغلبية 3% من الأصوات الوطنية بالانتخابات المحلية لعام 2018. وبمساعدة من التحالف الوطني بإقليم التاميل TNA، الذي تحول إلى وكيلٍ للحزب الوطني التقدمي، كان بإمكان “ويكرسينغا” الحصول على حوالي 40% فقط من إجمالي الأصوات. وبالتالي فإن التنافس بين “جوتابهايا” و”ويكرسينغا” كان أشبه بعلاقة غرامية لكنها أحادية الجانب. وعلى ذلك، فإن وضع “بريماداسا” يبدو مختلفًا هذه المرة بما يهدد فرصة “جوتابهايا” في الانتخابات.
ومع ذلك، لا بدَّ من الإشارة إلى أنه على خلفية هذه الانتخابات المحددة، فقد بدأ “جوتابهايا” ولديه ميزتان نسبيتان. الأولى أن الحملة تقوم على أساسٍ متينٍ لأن حزبه لديه 45% من الأصوات الوطنية. وهي الأصوات التي كسب من خلالها حزب “سريلانكا بودوجانا بيرامونا” في الانتخابات المحلية عام 2018.
ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذا الجزء من الأصوات قد تراجع. لذلك، فإن التحدي الذي يواجهه هو الفوز بالـ6% الأخرى من الأصوات، حيث يحتاج المرشح الفائز إلى 50% فقط بالإضافة إلى صوتٍ واحد. كما أنه يمكن حل مشاكله إذا تمكن من استقطاب دعم الرئيس “سيريسينا” رسميًا بتنازلات كافية. فإذا تمكن حزب “سريلانكا بودوجانا بيرامونا” من إقناع “سيريسينا” بدعمه، فإن إمكانية فوز “جوتابهايا” بالانتخابات بنسبة 55% من الأصوات ستكون واردة ومحتملة بشكل كبير.
أمَّا الميزة الثانية، فقد كان لديه حوالي شهر ونصف من الوقت الإضافي للحملة، حيث كان الحزب الوطني المتحد بطيئًا جدًا في اتخاذ القرار. فقد كان مجتمعًا مع مجموعات مهمة، كما كان يشجع الناخبين المؤهلين من الخارج على العودة إلى سريلانكا للتصويت لصالحه. وتعتبر هذه الاستراتيجيات مثمرة في الموقف الإجمالي. أمَّا الأن فإن “بريماداسا” يحتاج هو الآخر إلى اللحاق بالركب.
استراتيجية معقدة
يبدأ “بريماداسا” السباق ولديه حوالي 33% من إجمالي الأصوات. وهكذا، فإنه يبدو أقل بنسبة 17% من الأصوات المطلوبة التي تبلغ 50%. لكن التحدي الذي يواجهه الآن هو قدرته على تشكيل ائتلاف لديه القدرة على الحصول على 17% من الأصوات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الاضطلاع بثلاث مهام محددة: الأولى هي إقناع الرئيس “سيريسينا” بالمصادقة رسميًا على “بريماداسا”، والثانية هي إقناع “جاناتا فيموكتي بيرامنا” بالانسحاب من السباق، أمَّا الثالثة فهي حصول التحالف الوطني بإقليم التاميل على دعم ترشيح “بريماداسا”.
لقد تفاوض الرئيس “سيريسينا” مع حزب “سريلانكا بودوجانا بيرامونا” وحزب الحرية السريلانكي من أجل التوصل إلى مرشح مشترك حينما فاز في انتخابات عام 2015. ومع ذلك فإن حزب “سريلانكا بودوجانا بيرامونا” خيب أمل الرئيس “سيريسينا” حينما رشح “جوتابهايا” من جانب واحد. وعلى الرغم من خيبة أمله، واصل حزب “سيريسينا” الحوار مع حزب “سريلانكا بودوجانا بيرامونا”، بل ولا تزال المحادثات مستمرة.
ومع ذلك، فأثناء التفاوض مع حزب “سريلانكا بودوجانا بيرامونا”، قام الرئيس “سيريسينا” بالترويج لـ”بريماداسا” كبديل لـ”ويكرسينغا”، مما أسهم في الترويج لفكرة أنه قد يدعم “بريماداسا” إذا تمَّ ترشيحه، والآن فقد تمَّ ترشيح “بريماداسا” بالفعل. لذلك، فمن الممكن نظريًا أن يقدم “سيريسينا” الدعم لـ”بريماداسا”. وهو قد يجعله يخسر حوالي 10% من أصوات الناخبين لصالح رصيد “بريماداسا”.
لقد كافح حزب “جافا جناتا” لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2015، والتي فاز فيها “سيريسينا”، حيث تمت تعبئة كل القوى المؤيدة للديمقراطية ضد “ماهيندا راجاباكسا”. لكن هذه المرة قام حزب “جافا جناتا” بالفعل بترشيح “أنورا كومارا ديساناياكي”. إذ إن لدى هذا الحزب حوالي 6% من إجمالي الأصوات. وإذا لم يتنافس حزب “جافا جناتا” فإن الأصوات المؤيدة له ستذهب إلى مرشح الحزب الوطني المتحد. وللفوز بهذه الأصوات فإنها “بريماسادا” عليه أن يقنع حزب “جافا جناتا” بسحب مرشحه وتوجيه الدعم له.
وقد تمثل أحد الأهداف السياسية لحزب “جافا جناتا” في إلغاء النظام الرئاسي. فالحزب يعتبر الكيان السياسي الوحيد الذي يعمل باستمرار على هذا المشروع. وبالتالي، فإن هناك طريقة لإقناع “جافا جناتا” بسحب مرشحه، في مقابل الوعد بإلغاء النظام الرئاسي. ففي الماضي، اتخذ هذا الحزب تلك المسألة كقضية بالنسبة له. وبالتالي، لن يكون من السهل إقناعه على سحب مرشحه. ومع ذلك، يمكن لـ”بريماداسا” أن يعزز موقفه إذا تمكن من الفوز على “جافا جناتا”، إذ ستكون هذه هي المهمة الأكثر صعوبة في مواجهة “بريماداسا”.
وسيؤدي فوز حزب “جافا جناتا” إلى منح “بريماداسا” ما يقرب من 50% من الأصوات المطلوبة، لكن ذلك ربَّما لا يكفي. وهنا تظهر أهمية الأصوات التابعة للتحالف الوطني بإقليم التاميل. ففي الانتخابات الأخيرة، صوت التاميل بأغلبية ساحقة لصالح المرشح “سيريسينا” الذي قدمه الحزب الوطني المتحد. لذلك، فإنه مع القليل من الإقناع، فإن تحالف التاميل سيصادق بشكل مباشر أو غير مباشر على “بريماداسا”، وسيكون من السهولة بمكان أن يحصل على الأصوات التابعة له. وبالتالي، فإن إقناع تحالف التاميل لن يمثل صعوبة في حالة تورط “رانيل ويكرسينغا، لأنه من المرجح أن يساعد على تنفيذ هذه الاستراتيجيات الثلاث بنجاح “بريماداسا” على الفوز في هذه الانتخابات.
إقليم الريف السنهالي
يعدُّ إقليم الريف السنهالي أحد القطاعات الذي يستهدفه “بريماداسا”، إذ يميل الناخبون في هذا الإقليم إلى تأييد “راجاباكسا”، وهو ما سيكون مصدرًا لقوة حملة “جوتابهايا”. وبالتالي، فإن اختراق هذا القطاع من الناخبين سيوفر القدرة على إضعاف حملة “جوتابهايا”. إذ لن يكون لدى “ويكرسينغا” الدعم الكافي في إقليم الريف السنهالي، ذلك أن قاعدته تتمثل في الطبقة الحضرية والمتوسطة بشكل ساحق. ومع ذلك، فإن “بريماداسا” لديه القدرة على اختراق هذا القطاع. كما أن لديه نظرة قومية تجاه الإقليم السنهالي، كما كان والده الرئيس السابق “راناسينغ بريماداسا”، يحظى بدعم وتقدير من جانب أبناء إقليم الريف السنهالي. وبالتالي، فمن المؤكد أن تكون لديه استراتيجيات تساعده على جذب الناخبين المؤيدين لـ”راجاباكسا” في إقليم الريف السنهالي.
ومن ثَمَّ، ففي هذه المرحلة، لا يمكن التقليل من أهمية “بريماداسا”. ومع ذلك، فإن نجاحه يعتمد على مجموعة معقدة من العوامل، بجانب التطبيق الفعال لهذه الاستراتيجيات. ومن ناحية أخرى، يتعين على “جوتابهايا” ضمان تأييد الرئيس “سيريسينا”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: أوراسيا ريفيو
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر