سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
*عبدالرحمن بن مساعد
ليس من الحكمة أن ترد بشكل مباشر أو سريع دون حسابات حتى لو كنت تدرك أنك لدغت، فللدول حساباتها، لكنها – وأتحدث عن المملكة – لا تنسى أو تتجاهل، ولا تتجاوز.
بالنسبة لي، شخصيًا، لا شك لدي أن إيران هي الجهة التي وراء الهجوم الذي وقع على بقيق وخريص، وأن هذا الهجوم لم يأتِ من الأراضي اليمنية، وبالتالي ليس الحوثي من وراء الهجوم وإن تبناه، بل جاء من شمال المملكة وبالتالي لا علاقة له بحرب اليمن، بل ما تعانيه إيران من عقوبات غير مسبوقة جراء تبعات إلغاء الاتفاق النووي من قبل أميركا وما تلاه. وقد تصرفت السعودية بحكمة وذكاء مع هذا الهجوم حين دعت لتحقيق أممي بالتنسيق مع الدول العظمى في مجلس الأمن. ولا شك عندي أيضًا أن هذا التحقيق سيفضي إلى مسؤولية إيران الكاملة عن هذا الهجوم، ووقتها سنسمع عن مواد في ميثاق الأمم المتحدة لم نسمع عنها منذ عصر صدام حسين.
كل ما سبق مقدمة لا بدَّ منها للوصول إلى إجابة سؤالين:
الأول: لماذا أقدمت إيران على هذا العمل المتهور بالهجوم على هدف يعتبر هجومًا ليس على السعودية فقط، بل على العالم بأسره واقتصاده؟
السؤال الثاني: ما الذي ينبغي على السعودية فعله تجاه هذا الهجوم؟
وفي رأيي أن الإجابة على السؤال الأول هي أن إيران تعاني بشكل غير مسبوق من العقوبات المفروضة عليها والتي وصلت لأول مرة لتصفير إنتاجها تقريبًا من النفط، وآخر هذه العقوبات ما ظهر اليوم ضد المصرف المركزي الإيراني، هذه العقوبات أصابت إيران في مقتل وإن استمرت ولو لشهور قليلة، فإن إيران تواجه خطر الإفلاس بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذا ما يفسر إقدامها بشكل متهور على إجراءات بدأت بإعادة تخصيب اليورانيوم مرورًا بحرب الناقلات وانتهاءً بالهجوم الأخير البالغ التهور على “أرامكو” في بقيق وخريص. أرى إيران تبحث عن حرب شاملة وأراها بما تفعله تبحث عن خيار الحرب الشاملة فلم يعد لديها ما تخسره..
نقطة إضافية.. لا أستطيع تخيل كيف يمكن لهم في طهران أن يتصوروا أنهم من الممكن أن يرسلوا الصواريخ مع الطائرات المسيرة لتضرب في نفس الوقت ويستطيعوا أن يخدعوا العالم بأن لا علاقة لهم بالهجوم ولن أزيد.. لكن هناك حالة من الحسابات الخاطئة وسوء التقدير، بفعل الضغوط الحادة على طهران، قد تطرح احتمالات انزلاق إلى مأزق هم أنفسهم فيه..!
نأتي للسؤال الثاني وماذا ينبغي للسعودية أن تفعل؟
أرى أن بلادي – كما أسلفت – تصرفت بحكمة حتى الآن مع ما جرى، فاللجوء للتحقيق الأممي وإلى مجلس الأمن كان ضروريًا لتكون الإدانة دولية لحدث مس اقتصاد العالم بأسره، ومن حق السعودية أن تعلن متى ما أثبت التحقيق الأممي بشكل نهائي أن إيران هي المسؤولة عن الهجوم أنها تحتفظ بحق الرد على هذا الاعتداء في الوقت المناسب الذي تراه لا الذي تفرضه عليها ظروف الطرف الآخر الذي يبحث، بل يستجدي الرد العسكري المباشر. في رأيي أن تغليظ العقوبات واستمرارها هو أفضل رد حالي على ما حدث وليس الرد العسكري الفوري الذي سيجيء وقته ولن يسقط بالتقادم، في الوقت ذاته لا بدَّ أن يصرف الجهد في تقوية الدفاعات السعودية ضد الصواريخ البالستية وغيرها والطائرات المسيرة، وليس هناك وقت مناسب أكثر من الآن لضمان تعاون الدول الكبرى للحصول منها على أفضل ما وصلت إليه التقنية في هذا المجال وهذا ما تفعله السعودية حاليًا. غني عن القول أن ما قام به الدفاع الجوي السعودي طوال السنين الماضية وما قام به من صده من مئات الهجمات عمل مشرف يدعو للفخر.. لكن للأمن تكلفة.. ويجب أن نمتلك أكثر نظم الدفاع تطورًا وآخر ما توصل إليه العلم من تقنيات ووسائل في هذا المجال، ليس فقط للدفاع عن أراضينا ومصالحنا، لكن لأشياء أخرى تمكننا من حرية الحركة باتجاه أعمال نشطة مع تحجيم تأثير الردود المحتملة..
خلاصة أخيرة:
إيران تتهاوى اقتصاديًا، والعقوبات تؤتي أكلها، وكل المؤشرات تقول إنها لن تصمد وستسقط، وما تصرفاتها المتهورة إلا بداية لهذا السقوط الذي يتسارع، ولن تسكت السعودية عن حقها في الدفاع عن شعبها ومقدراتها، ولا عن حقها في الرد على هذا الاعتداء السافر، ولكن في الوقت المناسب الذي تختاره، وليس الذي يختاره عدوها المتهور المخنوق الذي يبحث عن أي مخرج ولو كان هذا المخرج تأخير هلاكه وطريقة هذا الهلاك حتى لو كان عبر حرب شاملة.
* المصدر حساب الكاتب على تويتر
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر