سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أمجد المنيف
تناولت وكالات الأنباء المحلية والإقليمية والعالمية، خبر زيارة وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف، لجمهورية قبرص ولقائه نظيره القبرصي، في الأيام القليلة الماضية، وهو الخبر الذي يبدو عاديًا أو معتادًا، فالمملكة العربية السعودية دولة ذات ثقل إقليمي ودولي تسعى لتعزيز حضورها الدبلوماسي، والسياسي، والاقتصادي، وتعمل على إعادة ترتيب أهدافها وتحالفاتها وفقًا لرؤية السعودية 2030.
هذا ليس تحليلاً أو استنتاجًا صعبًا يحتاج إلى خبراء أو باحثين أو محللين أو مراقبين، فأي متابع بسيط للشأن السعودي أو الإقليمي أو العالمي بشكل عام، يستطيع فهم هذا الخبر ووضعه في نصابه الصحيح. ولكن ما الغريب أو المريب في الموضوع؟ طالعتنا وسائل الإعلام والمواقع والصحف التركية بالهجوم العلني غير المبرر من مسؤولين وإعلاميين أتراك على الزيارة باعتبارها تحريضًا لجمهورية قبرص للاستقواء على تركيا، وتمضي الاستنتاجات أو الأوهام التركية للقول بأن السعودية تسعى للرد على الموقف التركي من أزمة قطر بالوقوف إلى جانب جمهورية قبرص أو كما تسميها “قبرص اليونانية”.
والمثير في الموضوع هو أن تركيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعترف بجمهورية شمال قبرص، أو ما يعرف إعلاميًا بـ”قبرص التركية” كدولة مستقلة ذات سيادة، منذ عام 1983م، ضاربة عرض الحائط بكل قرارات الأمم المتحدة، بينما العالم بأسره يعترف بجمهورية قبرص التي انضمت إلى عضوية الاتحاد الأوروبي عام 2004م، ويقيم معها العلاقات الثنائية والعسكرية والاقتصادية وغيرها.
السعودية على مدار العقود الماضية سعت دائمًا وأبدًا إلى إقامة علاقات متينة مع كافة دول العالم، ولم تسعَ يومًا إلى خلق عداوات، بل كانت دائمًا سباقة إلى أن تكون سفيرة للسلام في كثير من مناطق الصراع والنزاع حول العالم، ناهيك عن أدوارها الإنسانية التي لا تتوقف.
وعلى الرغم من تعرض السعودية للكثير من المؤامرات والمكايد من بعض دول الجوار والتنظيمات ذات الأجندات العابرة للقارات، فإنها تعاملت بمزيد من الحكمة والصبر إلى أن خرجت الأمور عن نطاق الاحتمال، فكان لزامًا عليها من واقع مسؤوليتها أن تقوم بدورها في مكافحة الإرهاب والتطرف وداعميه ومموليه والمتسترين عليه مهما كلفها ذلك.
ما يجب أن يفهمه الأتراك أن السعودية ليس لديها مشكلة مع أي دولة كانت، وإنما مشكلتها هي مع الإرهاب وداعميه والمستفيدين منه، إذا كفت تركيا يدها عن زعزعة الاستقرار الإقليمي ودعم التنظيمات الإرهابية كجماعة الإخوان المسلمين وتوقفت عن التدخل في شؤون دول الجوار، فلا يمكن أن يكون هناك توتر. أما قضية قبرص فهي مسألة أخرى، فقبرص دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة مثل باقي دول العالم، ولا يعقل أن تخيف جزيرة صغيرة مثلها دولة بحجم تركيا.
وبعيدًا عن الارتباك التركي والضجيج غير المبرر والتصعيد غير المقبول الذي يصل إلى حد التدخل في شؤون الآخرين، فإن المملكة العربية السعودية تسير في الاتجاه الذي أرادته لنفسها وفق رؤيتها الجديدة في تطوير آفاق علاقاتها وشراكاتها مع كافة أقاليم وأقطار العالم، وفتح أسواق جديدة للاستثمار والسياحة، لمواطنيها بما لا يتعارض مع مصالح الدولة ولا يجعل من أحد يظن أنه يمكن أن يعرقل مصالح السعودية ورعاياها، أو أنه يمكنه ابتزاز السعودية أو مواطنيها تحت أي ظرف من الظروف. والسلام..
مدير عام مركز سمت للدراسات، وكاتب سعودي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر