صناعة الإرادة | مركز سمت للدراسات

صناعة الإرادة

التاريخ والوقت : السبت, 24 يونيو 2017

عبدالله الجنيد

آل سعود منذ توحيد شبه الجزيرة العربية وتأسيس الدولة الحديثة لم يشغلهم الحكم بقدر التأسيس لمؤسسة حكم معتمدة استدامتها على مكونها الوطني، وهو الأقدر على مواجهات كافة التحديات وهذا ما أثبته التاريخ. وها هي نفس المؤسسة تتعاطى اليوم وتحديات المستقبل برؤى تتجاوز التقليدية وببراغماتية تدرك طموحات الإنسان السعودي. القرار الملكي بتولية ولاية العهد لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، لم يكن تجاوزًا على إرث مؤسسة الحكم، بل إدراكًا منها بحجم مسؤوليات المملكة العربية السعودية وطنيًا، وجيوسياسيًا، وجيواستراتيجيًا. أما شخص صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف آل سعود، فإن السياسة لا يمكنها تجاوز التاريخ، وها هو اليوم أول من يبايع المستقبل واثقًا مطمئنًا.

اعتقد الكثيرون أن أكبر التحديات التي واجهتها هذه المؤسسة العتيدة، تمثلت في مواجهة عصف عجاج الربيع العربي، إلا أنها قراءة تبتسر الواقع. فالهوية العربية لما تمثله تاريخًا وجغرافيا، كانت الهدف الاستراتيجي للهجمة. لذلك كان كل التاريخ الإنساني لشبه الجزيرة العربية، هو ركيزة الهوية الوطنية حاضرًا ومستقبلاً، وإن اختزال التاريخ في حقبة أو دولة فيه انتقاص من تلك الهوية. من هنا جاءت الرؤية 2030 متبنية طموح مواطنيها وأهم عناصر نجاحها وثروتها الحقيقية. ولو أردنا قياس إرادة ذلك الإنسان، فسنجده عبر التاريخ الحديث المكتوب والمروي من محيطه الجغرافي المتصل إلى الهند ومصر.

تلك الإرادة السياسية والوطنية عمدت بكل ما استهدفت به المملكة العربية السعودية من تحديات، إرهابًا وسياسة واقتصادًا، إلا أن كل تلك التحديات أضافت لشخصيتها ولم تنتقص منها. من هنا أتى قرار نقل راية القيادة إلى مهندس الرؤية محمد بن سلمان، وليس ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان فقط. وهذه الرؤية غير مسبوقة، لأنها تتواءم ومسؤولية المملكة صانعة الاستقرار في عهد الفوضى. لذلك يتطلع العالم إلى دور سعودي أكبر يتناسب وتلك المكانة الروحية والاقتصادية والسياسية والتنموية. من هنا اقتضى الأمر الكثير من الإصلاح الإداري كجزء من إعادة الهيكلة بما يتناسب والأهداف المرحلية والاستراتيجية. وهذه العملية متصلة بفلسفة خادم الحرمين الشريفين في إدارة الحكم؛ لذلك جاءت الانتخابات البلدية ودور أكبر للمرأة في مجلس الشورى مكملة لبرامج التنمية الاجتماعية.

أهم ثوابت المملكة العربية السعودية هي خدمة الإسلام والمسلمين، لذلك فإن رأس الدولة هو خادم الحرمين الشريفين. وذلك القرار جاء تصديًا لسياسات استهدفت تسييس الشؤون الروحية وقدسية المكان، والقيادة السعودية حينها وإلى اليوم كانت تدرك خطورة ذلك ليس على سيادتها، بل على منظومة الشعائر والعبادات، أو ما قد يطالها من انحرافات وتشويه كما نراه اليوم من قبل أصحاب الطوائف المتكسبة روحيًا وسياسيًا.
اليوم ينطلق مشروع الدولة الرابعة بعزم كل نسائها ورجالها، دولة تنتمي للعالم من مركز قيادة وعضو مساهم بشكل أكبر في إرثها الإنساني ثقافيًا وصناعيًا وعلميًا. ويجب أن يفهم العالم أن الإنسان السعودي اليوم هو صانع أدوات تاريخه، ودولة تعي مسؤولياتها في البناء كما في فرض الاستقرار خليجيًا وعربيًا، أو الإسهام في ذلك دوليًا.

كاتب ومحلل سياسي بحريني*

@aj_jobs

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر