سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمود غريب
كتب اليوم الحادي والعشر,ن من يونيو 2017 سطرًا جديدًا في مسيرة مهندس الرؤية الاقتصادية للسعودية الأمير محمد بن سلمان، وفتح الطريق نحو التوسع في خطط تنموية عكف خلال الفترة الماضية على صياغتها بشكل يفسح الطريق نحو التحول الاقتصادية للمملكة من الاعتماد على الإنتاج النفطي، إلى خلق موارد أخرى أكثر استقرارًا للمملكة أمام تقلبات دولية وإقليمية.
قبل أن يتولى رسميًا ولاية العهد، استطاع محمد بن سلمان أن يستحوذ على اهتمام واسع من المتابعين، توَّجتها صياغة «رؤية 2030» التي أقرها مجلس الوزراء، مستهدفة تنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات غير النفطية، من أجل مواجهة تراجع أسعار النفط، وهو ما دفع المراقبين إلى استشراف مستقبل قيادي للأمير الذي بزغ نجمه مع تولي والده السلطة.
الرؤية الشاملة التي قدَّمها بعد عام واحد من توليه منصب ولي ولي العهد السعودي في إبريل 2015، رشحتْ محمد بن سلمان، الذي بدأ حياته متفوقًا دراسيًا، إذ جاء ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة في الثانوية العامة، والمركز الثاني في السنة النهائية لدراسة القانون من جامعة الملك سعود، إلى دخول دائرة اتخاذ القرار لأهداف سيادية من بينها تمكين المملكة من تنفيذ الاستراتيجية المستقبلية إلى خطوات عملية.
بدأ مسيرته واثقًا بقدراته الشخصية، ومن ثمّ قدرات المملكة نحو التفوق الاقتصادي، عندما قال في مطلع رؤيته التنموية إن “قصص النجاح تبدأ برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تبنى على مكامن القوة. ونحن نثق ونعرف أن الله سبحانه حبانا وطنًا مباركًا هو أثمن من البترول”.
يمكن إجمال مؤشرات صعدت بنجم الشاب الثلاثيني إلى القمة ونشرت تفاؤلاً في الأوساط الاقتصادية؛ ما يجعل ثمّة توقع بمزيد من الثمار الإيجابية، في النقاط التالية:
حصاد الرؤية التنموية
أولى المؤشرات الإيجابية التي تُحسب للسعودية بشكل عام من الناحية الاقتصادية وللأمير محمد بن سلمان رؤية السعودية «2030»، تتمثل في الثمار الإيجابية التي حصدتها المملكة جرّاء تطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي تتمثل في الآتي:
*بدا واضحًا جني الاقتصاد السعودي ثمار الإصلاحات الذي تمثَّل في تحسن المؤشرات الاقتصادية والتخلي عن إدمان اعتماد الاقتصاد على النفط، حيث أظهر أداء ميزانية الحكومة للربع الأول من العام الجاري، انخفاض عجز الميزانية إلى 26 مليار ريال (أي نصف التقديرات الأولية)، وذلك على خلفية زيادة الإيرادات وتراجع النفقات.
*ثاني الآثار الإيجابية لخطة الإصلاح يتمثل في كسب المملكة ثقة المستثمرين حول العالم، إذ نجحت خلال الأشهر الأخيرة في تحقيق أكبر إصدار من السندات تشهده الدول الناشئة في العالم بقيمة 17.5 مليار دولار، وأكبر إصدار من الصكوك تاريخيًا بقيمة 9 مليارات دولار، وهو ما أوقف نزيف احتياطيات الدولة لسداد عجز الميزانية.
*امتدت المؤشرات الإيجابية إلى القطاع المصرفي الذي شهد هو الآخر، بناءً على الرؤية التنموية والإصلاحات الاقتصادية، تحسنًا بعدما تراجع إجمالي القروض المقدمة للقطاع الخاص، مقارنة بودائع البنوك، الذي يعتبر مقياسًا لسيولتها إلى 88% في فبراير مقارنة بـ91% في أغسطس الماضي، كما شهدت السيولة مستويات عالية مقارنة بالسنوات الماضية.
الإشراف الدؤوب
ثاني المؤشرات التي صعدت بنجم الأمير محمد بن سلمان، تتمثل في إشرافه على خطوات أكثر حساسية في دولاب العمل السعودي، الاقتصادي منه على وجه الخصوص، لا سيما مع توليه منصب رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ورئيس المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن المشرف على إدارة شركة أرامكو، النفطية الوطنية، وهو ما دفع البعض إلى وصفه بـ”رجل الاقتصاد الطموح”.
ملفات حساسة
الأمير الشاب الذي قضى سنوات عدة في القطاع الخاص، جعلته مستشارًا للجنة الخبراء التابعة للحكومة السعودية، ودفعت القيادة السعودية إلى تقديمه للمشاركة، ومن ثمّ الاشتراك في صياغة ملفات غاية في الأهمية جعلته رجلاً قويًا يُشرف على كل ما هو مهم في المملكة، لا سيما خلال العامين الأخيرين، وهو ما دفع دبلوماسيين غربيين إلى وصفه بـ”رجل كل شيء”.
وفيما ساعدت الخطوات السابقة في صعود نجم شبابي جديد يتناسب مع زعامات دولية وإقليمية أخذت هي الأخرى في الصبغة الشبابية، فإن ثمة تحديات تبدو في طريق الابن الذي يطمح إلى تحقيق نقلة نوعية للمملكة يمكن إجمالها في النقاط التالية:
1- اختبار “أرامكو”:
بينما تخطط السعودية – وفق رؤية الأمير محمد بن سلمان – لتحويل “أرامكو” من شركة لإنتاج النفط إلى عملاق صناعي، من خلال بيع أسهمها التي تعتبر الأغلى في العالم، وإقامة صندوق سيادي يتولى استثمار الأموال الناجمة عن ذلك، فإن تلك الخطوة التي يعتبرها المراقبون والخبراء الاقتصاديون مخاطرة من المملكة يمكن أن تنقلها إلى إحدى الدول الاقتصادية الكبرى، باتت تتوقف على مشارط الجراح المتقن لتحقيق المستهدف بنجاح، وهو التحدي الأول أمام الأمير الشاب.
2 – جذب الاستثمارات الأجنبية:
ثاني التحديات التي تنتظر الأمير تتمثل في مدى الانفتاح الواسع على العالم الخارجي والسماح للأجانب بالاستثمار في السعودية واتباع مزيد من الشفافية وتعديل بعض القوانين لتتماشى مع القوانين الدولية لتحقيق الأهداف التي تتضمنها «رؤية 2030»، إذ ربما تواجه تلك التعديلات معارضة من بعض المؤسسات في المملكة.
3 – اقتصاد الظل:
ثالث التحديات تتمثل في تفاقم اقتصاد الظل، أو ما يُسمى “الاقتصاد الأسود”، الذي يُقدّر حجمه بين 30% و 40% من حجم الاقتصاد الكلي، الذي وصل إلى نحو 148 مليار ريال.
بشكل عام تبدو المؤشرات الإيجابية أطغى من التحديات التي تنتظر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تدعمها رؤية تنموية طموح أظهرت المؤشرات السابقة نجاحًا سريعًا تُنبئ بمزيد من التقدم نحو استراتيجية تحول المملكة من دولة تعتمد في المقام الأول على النفط، إلى بلد اقتصادي متنوع تستقبل ميزانيتها موارد من قطاعات أكثر استدامة واستقرارًا، لا سيما في ظل تقلبات عالمية وإقليمية.
وكما أن الرجل أمام تحديات اقتصادية وسياسية وأمنيّة غاية في الأهمية، صنعتها الظروف الإقليمية والمتغيرات الدولية، إلا أنّه على ما يبدو قبِل – منذ عامين – التصدي للتحدي الذي يتزامن مع مرحلة صعبة تواجه المملكة تتناسب مع طموح شاب أكثر تمسكًا بالنجاح.
باحث في الشأن السياسي*
@eldaramy12
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر