سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كولن ليشر
عندما أعلن الرئيس ترمب خلال عطلةِ نهايةِ الأسبوع مخططًا لتخفيفِ القيود التجارية على شركة هواوي، بدا الأمر وكأنه حملة تصعيد أميركية ضد شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة.
وبناءً على طلب شركات التكنولوجيا الفائقة، والرئيس الصيني “شي”، وافقت واشنطن على السماح للشركة الصينية بشراء منتج منها لن يؤثر على منظومة الأمن القومي. وجاء ذلك بعد اجتماعه مع الرئيس الصيني. فقد ارتفعت أسهم الشركة في أعقاب البيان الصادر بعد الاجتماع، وهو ما يعني تراجع حجم الأضرار التي لحقت بالتجارة بين البلدين في مايو الماضي.
لكن، إذا كان إعلان ترمب بمنح هواوي مهلة، فإنه لا يزال من غير الواضح من سيحصل على هذه المهلة في الواقع. فلا تزال القيود المفروضة من البيت الأبيض على الشركة الصينية العملاقة سارية، حيث لم يتم منحها أية إعفاءات حتى الآن. وعلاوة على ذلك، فالبيت الأبيض لم يضع خطةً واضحةً لتحديدِ القيود التي قد يتم رفعها ومتى يحدث ذلك، وهو ما يجعل الشركة في وضع غير يقيني. وفي الوقت ذاته، ذكرت “رويترز” أن الموظفين بالحكومة الأميركية لا يزالون يتعاملون مع شركة هواوي باعتبارها على القائمة السوداء.
وعندما وقَّع ترمب على الأمر التنفيذي في شهر مايو للسماح لوزارة الخزانة بتعيين شركة هواوي أنها تمثل تهديدًا للأمن القومي الأميركي، فقد تطلب ذلك من الشركات الأميركية الحصول على موافقة قبل التعامل مع الشركة الصينية. حيث كان من المفترض أن تكون تكلفة الحصول على ترخيص المبيعات مرتفعة وتنطوي على حظرٍ فعليٍ على المعاملات مع هواوي. وفي مواجهة هذا الحظر، قطعت كبرى الشركات الأميركية تعاملاتها مع هواوي، بما في ذلك “جوجل” Google، التي قالت إنها لم تعد قادرةً على منح الترخيص لنظام التشغيل “أندرويد”Android الخاص بها لأجهزة هواوي. كما منحت وزارة الخزانة ترخيصًا مؤقتًا يسمح لمنتجي البرامج بمواصلة تحديث منتجات هواوي، لكن حتى ذلك سوف يقتصر على الشهر المقبل. وبعيدًا عن تغييرات السياسة، سيتم اعتبار أية معاملات مع هواوي غير قانونية قريبًا.
لقد حاولت إدارة الرئيس ترمب أن تربط بين المخاوف الأمنية والاقتصادية. وفي اليوم التالي لتعليقات الرئيس الأميركي، قدم المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض “لاري كودلو” بعض التوضيحات في مقابلة مع شبكة “سي بي إس”؛ حيث أشار إلى أن المبيعات الوحيدة المسموح بها ستكون “البضائع العامة”، أي السلع والخدمات التي يتم بيعها على نطاق واسع دون آثارٍ خطيرةٍ على الأمن القومي. وهو ما يشمل “العديد من أنواع الشرائح والبرمجيات والخدمات الأخرى المتاحة في جميع أنحاء العالم، وهو ما لن يقتصر على الولايات المتحدة” كما يقول “كودلو”.
وبشكل عام قد يبدو الأمر وكأنه تراجع عن القيود المفروضة على إصدارات سابقةٍ من الحملة عندما قامت الولايات المتحدة بحظرٍ فعليٍ على شركة هواوي عن شبكات المحمول، لكنها لم تمنع الشركات الأميركية من ترخيص التكنولوجيا للشركة.
ويتوقع “سام ساكس” Samm Sacks، وهو زميل في سياسة الأمن السيبراني في مؤسسة “نيو أميركا”New America ، بأن شركة هواوي لا تزال غير قادرةٍ على بيع المعداتِ التي يستخدمها مزودو الشبكات الهوائية، حيث يستخدم كثير منهم معدات هواوي بأسعار معقولة، بل إنهم يعارضون الحظر. وكما يقول السيد “ساكس”، فمن المتوقع أن تتواصل التكتلات الأكثر حساسيةً بالنسبة للأمن القومي، وبخاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية للاتصالات.
وفي الظاهر، يبدو أن القيود المخففة سوف تنطبق على أنظمة “الأندرويد” و”ويندوز”، حيث يبدو أنها تستهدف صانعي الرقائق، لكن إلى أن تقوم وزارة الخزانة بإعفاءً إحدى تلك الشركات، ستظل أي صفقة ترخيص غير قانونية.
الجدير بالذكر أن كلاً من “جوجل” و”مايكروسوفت” لم تعلنا بعد عن تغيير في المسار الذي تخططان له فيما بعد إعلان ترمب. فقد قال المتحدث باسم شركة “مايكروسوفت” في بيان: “إننا نقوم دائمًا بتقييم العمل لضمان حصول العملاء على أفضل تجربةً ممكنةً، وذلك فضلاً عن المتطلباتِ التنظيميةِ ذات الصلة”. وكانت الشركة سحبت منتجات هواوي من متجرها، لكنها أعادت منذ ذلك الحين بيع مخزونها من منتجات هواوي، أمَّا المتحدث باسم شركة “جوجل” فلم يقدم أي ردٍ على ذلك.
تعدُّ المخاطر المواجهة لشركة هواوي كبيرة، فقد توقعت الشركة بالفعل وجود مشاكل وجودية بسبب الحظر الذي تواجهه. فمؤسس هواوي ورئيسها التنفيذي “رين زينجفاي” Ren Zhengfei، يقول إن الإيرادات يمكن أن تقل بمقدار 30 مليار دولار عما كان متوقعًا خلال العامين المقبلين إذا استمر الحظر. كما تدعي هواوي أنها تطور أنظمة تشغيل بديلة لأجهزة الكمبيوتر والهواتف الخاصة بها، ولكن هذه الأنظمة ستضع الشركة في وضع غير مؤاتٍ وخطير للمنافسين المدعومين من “أندرويد” و”ويندوز”. ذلك أنه ليس من الواضح إن كان بإمكان هواوي البقاء كشركة عالمية للأجهزة الاستهلاكية دون تلك التراخيص، مما يعني أن تفاصيل الاستعادة الموعودة من قِبَل الرئيس ترمب إنما هي مسألةُ حياةٍ أو موتٍ بالنسبة للشركة.
لكن يبدو أن هناك حالة غموض تام بشأن موعد سريان التغييرات التي أعلنتها الإدارة. وهو ما يؤكده “ساكس” فيقول: “سنتعلم الكثير في الأيام والأسابيع المقبلة حول الشكل الذي ستبدو عليه القيود تحديدًا”. كما يقول “كودلو”، وهو يكرر كلمات الرئيس، إن المسؤولين “لن يخاطبوا هواوي تمامًا” حتى “نهاية المحادثات التجارية” مع الصين.
وبغض النظر عن حجم التغييرات، لن تكون هذه الخطوة سوى فترة مؤقتة حتى تقرر الإدارة بالضبط ما يجب القيام به في نهاية المطاف مع هواوي. ذلك أنه في أعقاب تعليقات ترمب، كانت غالبية النتائج منطقية. رغم أنه من غير المحتمل أن تنهي إدارة ترمب الحظر التام على منتجات هواوي، فقد جاء بمذكرة صادرة عنها أنه قد يقرر البيت الأبيض فرض حظرٍ جزئيٍ توافق بموجبِه هواوي على مراقبة دقيقة وشاملة مقابل الوصول المحدود إلى بعض الصادرات الأميركية.
وفي النهاية، يقول “ساكس”، إن ترمب قد يضطر إلى إرضاء فريقين، أحدهما يتجه نحو الانفصال التام عن أي علاقة مع الصين، والآخر يعطي الأولوية لصفقة تجارية قبل أي شيء آخر، وبالتالي فكما يذهب “ساكس” فإن هناك مجموعات متنافسة داخل الإدارة تسير في اتجاهين متعاكسين؛ حيث يضغط المتشددون ضد هواوي مثل السناتور “ماركو روبيو” بالبيت الأبيض على إدارة ترمب حتى لا يتراجع. حيث يقول “إذا كان الرئيس ترمب قد تفاوض في الواقع بشأن القيود الأخيرة على هواوي، فعندئذ سيتعين علينا إعادة وضع هذه القيود في مكانها من خلال العملية التشريعية التي سوف تمر بأغلبية كبيرة”.
وفي الوقت نفسه، إذا كانت كيفية تطبيق توجهات الرئيس ترمب الأخيرة غير واضحة، فإن ذلك يرجع إلى أنها تعتبر شركة هواوي مسألة شائكة في المفاوضات التجارية الجارية بين الصين والولايات المتحدة. وقد قال ترمب صراحة إن مصير الشركة يمكن أن يصبح ورقة للمساومة في الصفقة بين “واشنطن” و”بكين” رغم الأسئلة حول الأمن القومي.
وبالتالي، فبدون الإعلان عن الشركة، ربَّما تتوقف تلك المحادثات تمامًا، وهو ما يؤكده “سكس” حينما يقول “لقد أدرك الصينيون أنهم لا يستطيعون القيام بصفقة دون طرح شركة هواوي”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: ذي فيرج
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر