سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ديفيد أ. فيمر
أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيسة الوزراء البريطاني تيريزا ماي، بالتحالف القوي بين بلديهما في 4 يونيو، بينما قللا من شأن الانقسامات حول قضايا مثل الصين وإيران.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك في لندن أثناء زيارة ترمب الرسمية للمملكة المتحدة، استغل كلا الزعيمين الذكرى الـ75 المقبلة لغزو نورماندي في الحرب العالمية الثانية لإبراز الروابط التاريخية بين البلدين. وقال ترمب: “إن علاقتنا الخاصة ترتكز على التاريخ والقيم والعادات والثقافة واللغة والقوانين المشتركة”، مضيفًا أن كلا البلدين يعتقدان بأن “الدفاع عن أمتينا لا يبدأ في ساحة المعركة، ولكن في قلب كل وطني.”
وقالت “ماي” إن زيارة ترمب مباشرة قبيل ذكرى الاحتفال تمثل “احتفالاً بالعلاقة الخاصة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والشركاء الدائمين الذين وقفوا جنبًا إلى جنب في ذلك اليوم التاريخي وكل يوم منذ ذلك الحين.”
أبرزت “ماي” رد الولايات المتحدة على حالة التسمم التي تعرض لها ضابط المخابرات الروسي السابق “سيرجي سكريبال” في سالزبوري عام 2018، والجهد المشترك للمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا في الرد على هجوم الرئيس السوري بشار الأسد بالأسلحة الكيميائية في عام 2018 كأمثلةٍ على قوة العلاقة عبر المحيط الأطلسي.
وعلى الرغم من هذا التركيز الإيجابي على العلاقة الخاصة، قالت “فرانسيس بورويل”، الزميلة في المجلس الأطلسي، إن زيارة ترمب للمملكة المتحدة قد عكست “تآكلاً شديدًا” لهذه العلاقة. وأوضحت أن إدارة ترمب “قامت بدرجة كبيرة من التدخل في السياسة الداخلية للحليف” وقد كشف الرئيس “تفضيلاته بشأن خلافة رئيسة الوزراء (ماي)، بينما رفض الاجتماع مع زعيم المعارضة وأهان رئيس بلدية لندن”؛ وقد رفعت لافتات بأنه “ينبغي للمملكة المتحدة مغادرة الاتحاد الأوروبي وأن عدم الاتفاق على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون أمرًا عظيمًا”.
لكن يبقى الخلاف الأكثر وضوحًا حول كيفية التعامل مع التحديات المتزايدة من جانب إيران والصين سببًا للانقسام بين جانبي الأطلسي. فعلى الرغم من قرار الرئيس ترمب بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 من خلال خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن لندن أكدت أنها لا تزال تدعم الاتفاق. ومع ذلك، فقد لاحظت أنها لا تزال تتفهم “أهمية العمل مع الولايات المتحدة لكبح جماح سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة وضمان عدم قدرة طهران على امتلاك سلاح نووي.”
وقد أكدت رئيسة الوزراء البريطانية أنه “من المهم أن تفي إيران بالتزاماتها وأن نبذل كل ما في وسعنا لتجنب التصعيد، وهو أمر لا يصب في مصلحة أحد”. لكن ترمب لم يعلق مباشرة على دعم المملكة المتحدة المستمر للاتفاق النووي، إنما أشار إلى أن الولايات المتحدة تعتبر “انتشار الأسلحة النووية” بمثابة “أكبر تهديد لنا”.
لقد كان صانعو السياسة في واشنطن مهتمين أيضًا بالمناقشات داخل الحكومة البريطانية حول إمكانية شراء معدات من شركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي”Huaweiكجزء من محاولة المملكة المتحدة لتطوير بنيتها التحتية على مستوى “الجيل الخامس”، لكن مسؤولي إدارة ترمب حذروا بشدة من أن استخدام تقنيات شركة “هواوي”قد يُعَرِّض تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة للخطر، وقد أدى الجدل الدائر حول تعامل “هواوي” المحتمل مع المملكة المتحدة إلى إقالة وزير الدفاع البريطاني “غافن ويليامسون” في الأول من مايو.
ورغم المخاوف، جادل ترمب في 4 يونيو بأنه لن يكون هناك خطر على تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة؛ فقد قال: “سنحصل على اتفاق مطلق بشأن وكل شيء آخر”. وتوقع ترمب أن يكون هناك حل للخلافات، بما يظهر أنه لن تكون هناك قيود. كما أن بريطانيا حليف وشريك عظيم حقًا ولن نواجه أي مشكلة في ذلك.
وتقول “بورويل” إن ترمب نزع في الوقت الحالي فتيل خلاف محتمل جسيم بشأن إدراج مكونات هواويفي شبكة الاتصالات بالمملكة المتحدة بقوله “إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من المؤكد أن تتوصلا إلى اتفاق ولن تكون هناك حاجة لتقييد التعاون في مجال الاستخبارات.”
لندن وواشنطن تتقاسمان أعباء الناتو.. لكن الآخرين لا يشاركون
بعد شهرين من احتفال قادة الناتو بالذكرى السبعين لتأسيس الحلف، تضاعفت شكاوى ترمب التي طال أمدها بأن أعضاء التحالف العسكري، لا ينفقون ما يكفي على دفاعهم. وقال ترمب “اتفقنا أنا ورئيس الوزراء على أن حلفاءنا في الناتو يجب أن يزيدوا إنفاقهم الدفاعي”، مشيرًا إلى أن المملكة المتحدة لا تزال واحدة من قادة الحلف التي يشملها ذلك الكلام. وأضاف ترمب “نتوقع من عدد متزايد من الدول أن تخصص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي لمواجهة تحديات اليوم، حيث يجب على جميع أعضاء التحالف الوفاء بالتزاماتهم. وأنه ليس لديهم خيارٌ غير ذلك، حيث يجب عليهم الوفاء بالتزاماتهم.”
وقد وافقت “ماي” على رسالة ترمب ورؤيته التي توجب تعهد الدول الأعضاء بـ100 مليار دولار أخرى، وزيادة مساهماتهم في الأمن المشترك. كما أعلنت أن المملكة المتحدة ستساهم قريبًا بحاملات طائرات من طراز “إليزابيث الجديدة” التي تحمل طائراتF35في إطار مهام الناتو للمساعدة في مواجهة التهديدات بجميع أنحاء العالم.
علاقة تجارية خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
لقد أشار كلا الزعيمين إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في حال خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما كانت تقصد حكومة “ماي”. فقد أعلنت رئيسة الوزراء استقالتها في 24 مايو، بسبب عجزها عن الحصول على الموافقة بشأن خروج بريطانيا، من الاتحاد البرلماني البريطاني، ذلك أن لندن أمامها مهلة حتى 31 أكتوبر لتمرير اتفاقية الانسحاب، أو إلغاء عملية الانسحاب، أو مغادرة الاتحاد الأوروبي دون صفقة تدير عملية الانتقال. وقال ترمب إنه واثق من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “سيحدث، بل إنه يجب أن يحدث”. وأضاف أنه يعتقد “أن رئيسة الوزراء قد وصلت إلى نقطة جيدة جدًا حيث سيحدث شيء ما في المستقبل القريب. وأعتقد أنها قامت بعمل جيد جدًا.”
وفي إشارة إلى دعم إدارة ترمب لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في إطار منطق “لا صفقة”، أشارت “بورويل” إلى أنه “خلال الجدل الأخير الدائر ببرلمان المملكة المتحدة حول خيارات خروج بريطانيا، قال مستشار الأمن القومي الأميركي “جون بولتون” على التلفزيون البريطاني “إن البقاء في الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي من شأنه أن يعرض العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي للخطر”.
وقد أكد ترمب أنه بمجرد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي فإن “الولايات المتحدة ملتزمة بصفقةٍ تجاريةٍ هائلةٍ بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة”. فهناك إمكانات كبيرة بإبرام تلك الصفقة التجارية، حيث قالت “ماي” إن في ذلك أملاً بأن “علاقتنا الاقتصادية ستنمو على نطاق أوسع وأعمق بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.
ورغم احتمالات حدوث نقاط خلافية في المستقبل، قال ترمب إنه عندما يجلس المفاوضون لمناقشة معايير صفقة التجارة الحرة الجديدة فإن “كل شيء سيكون مطروحًا على الطاولة، وعندما تتعامل مع التجارة، فإن كل شيءٍ مطروح أيضًا على الطاولة”. وهكذا فقد أقر ترمب بأن هذا قد يشمل إمكانية وصول الشركات الأميركية إلى عقود في مجال الخدمة الصحية في المملكة المتحدة، مرددًا تعليقات السفير الأميركي لدى المملكة المتحدة في 2 يونيو.
وقالت “بورويل” إن هذا لم يكن واضحًا على الإطلاق، لكنه يعدُّ خطًا أحمر واضحًا بالنسبة للرأي العام البريطاني. والذي ربَّما ينأى بنفسه عن هذه التأكيدات، موضحة أنه خلال المناقشات يجلس الجانبان للتفاوض ويتوصلان إلى اتفاق بشأن ما ينبغي أن يكون أو لا ينبغي أن يكون في تلك الصفقة التجارية. كما أن المخاوف بشأن هذا الاحتمال أدت إلى معارضة جادة للتجارة عبر الأطلسي ومفاوضات شراكة الاستثمار، فقد كان أمرًا صعبًا على الدوام أن تتم صفقة تجارية بين الولايات المتحدة وبريطانيا، لكن الرئيس جعل ذلك الأمر أكثر صعوبة.
أخيرًا، فمن إيران إلى الصين إلى التجارة، عمل كلٌّ من “ماي” وترمب بجدٍ في زيارة الرابع من يونيو من أجل إظهار جبهتهما الموحدة لدعم العلاقة الخاصة بين واشنطن ولندن. ومع ذلك، فإن نقاط الخلاف سوف تظل عاملاً يحدد قوة الشراكة كمحد مهم لمن يخلف “ماي” في إطار توجيه المملكة المتحدة في مسار مختلف.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: المجلس الأطلنطي
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر