سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عبدالله الجنيد
ما يمر به الخليج العربي ليس اكثر من ارتدادات جرّاء تطبيق المرحلة المتقدمة من سياسة اعادة الاستقرار شرق اوسطيا انطلاقا من اجتثاث الارهاب بتجفيف مصادر تمويله و حواضنه السياسية و الثقافية . حيث من الخطأ اختزال جل المشروع في قطع العلاقات مع قطر لانه يخدم ما تسوق له من مظلومية فشلت حتى هي في تسويقه وطنيا او عبر حلفائها . دبلوماسيا، قطر تعتمد مبدأ الهروب الى الامام عبر استراتيجية استضعاف الاخ الاكبر لها ، الا انها الان تفتقر للغطاء الإعلامي ذَا الحجم او المصداقية . فالجزيرة هي الان دون مستوى الحضور المطلوب ، و حليفيها الأقرب مصنف اما راعٍ للارهاب او منقلب على الحقوق المدنية و السياسية .
تفضيل قطر عدم القبول بجملة التحولات الجيواستراتيجيّة شرق اوسطيا او حتى القبول التكتيكي بمخرجات قمم الرياض ظناً منها ان نجاح حليفها التركي باستحواذه القسري للنظام السياسي في تركيا سيقود لفرض توازنات اكثر موائمه و مشروعهما لشرق اوسط مقسم طائفيا . الا ان الاحتواء الثلاثي ( لتركيا ، ايران و روسيا ) ميدانيا في سوريا اضف لذلك التحول في الموقف الامريكي من عملية اعادة الشرعية في اليمن . كذلك تماهي الموقفين السعودي و الامريكي من قطر ، مما يمثل انخراطاً كاملاً من الادارة الامريكية في دعم الااستراتيجية السعودية القائمة على اعادة الاستقرار او في فرض الاستقرار حينما يقتضي الامر ذلك في الشرق الاوسط .
قطر تناور الان عبر رئيس وزرائها السابق الشيخ حمد بن جاسم في ادارة الجهد الدبلوماسي لتحقيق هدفين ، اولها الحد من الأضرار Damage Control للعلاقات الثنائية الامريكية القطرية . اما ثانيا ، فذلك احتواء الازمة Crisis Containment عبر علاقاته الخاصة بمؤسسات ذات تأثير على صنع القرار . لذلك راينا بعض أعضاء الكونجرس من الديمقراطيين يطالبون بإعادة مراجعة بعض عقود التسليح المبرمة مع المملكة العربية السعودية ابان زيارة ترمب للرياض رغم ادراكهم عبثية ذلك . كذلك فشل قطر في تسويق مظلوميتها اوروبيا بعد ان اشتراط الدوحة ان تكون انقرة طرفاً في اي جهود وساطة .
محاولات تدويل قطر لمظلوميتها انسانيا لم يقتصر على جهودها الدبلوماسية المباشرة ، بل امتد لتوظيف منظومة إيران الحقوقية بقيادة شخصيات مثل النائب الكويتي السابق عبدالحميد دشتي لدى المفوضية العليا لحقوق الانسان مما يعد منزلقا خطيرا و تأكيدا لتخبطها السياسي . اما ما تدعيه من حصار و تجويع كما يسوق لذلك منظومتها الاعلامية و اعلان معتز الخياط و هو من رجالات الاعمال في الدوحة نية استيراد 4000 بقرة حلوب جوا من الولايات المتحدة و استراليا تؤكد كذب ذلك الادعاء . و سنترك للقارئ البحث في هوية السيد معتز الخياط و سر صعوده النيزكي في سوق المال و الاعمال القطرية .
الواقعية السياسية او التحلي بالمسؤولية هما ما ينقص القراءة القطرية للمشهد جيواستراتيجيا بدل الانغماس في متاهة المظلومية التي ستحرجها قطريا امام مواطنيها قبل جيرانها . اما المجازفة بانغلاق نافذة الفرصة الاخيرة لعدم قدرتها التملص من التزاماتها المسبقة تجاه أشقائها يمثل مغامرةٍ غير محمودة العواقب . و ما اختيارها لنظامي انقرة و طهران الا تأكيدا لذلك الانكشاف السياسي و الاخلاقي ناهيك عن تكلفته المالية .
كاتب ومحلل سياسي بحريني*
@aj_jobs
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر