تركيا والدواعش.. الطريق إلى “دولة الخلافة” | مركز سمت للدراسات

تركيا والدواعش.. الطريق إلى “دولة الخلافة”

التاريخ والوقت : الأحد, 14 أبريل 2019

كيف استخدم التنظيم الأراضي التركية للعبور إلى مناطق القلق في البلدان العربية؟

 

يكتشف العالم يومًا بعد يوم الدور التركي في وجود تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على خريطة الإرهاب العالمية؛ فالتنظيم ظهر بعد قيام ثورات الربيع العربي مستغلًّا الفجوات الأمنية في البلدان العربية، وتحديدًا في سوريا والعراق، وكانت هناك أسئلة كثيرة عن كيفية وجود كل هؤلاء المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم الإرهابي، وكيف وصلوا إلى العراق وسوريا؟!

كثير من الإجابات طرحها تقرير مجلة “دير شبيغل” الألمانية، في 4 أبريل الجاري، بعدما قام فريق من المجلة بالبحث عن كيفية وصول آلاف الإرهابيين، الذين قَدِموا من 100 دولة، إلى تنظيم داعش، وثبُت من خلال الأوراق الرسمية لكثير من الإرهابيين أن تركيا كانت دولة العبور. وحصل الفريق على صندوق به جوازات سفر للمقاتلين في صفوف “داعش” بعد أن قبضت عليهم القوات الكردية، وثبُت أيضًا أن جميع وثائق السفر بها خَتم من تركيا، وأحيانًا بها أكثر من خَتم تركي؛ مما يدل على أن هناك مَن خرجوا بعد الحصول على التدريب للقيام بأعمال إرهابية خارج حدود تنظيم داعش في سوريا.

وذكرت المجلة، في تقريرها، تصريحات مصطفى بالي، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، الذي اتهم حكومة رجب طيب أردوغان بمساندة إرهابيي “داعش”، مؤكدًا أن معه آلاف الجوازات من هذه العينة.

وفي مارس الماضي، نشرت مجلة “هوم لاند سيكيورتي توداي” الأميركية، كثيرًا من المعلومات التي تتهم تركيا بمساعدة تنظيم داعش منذ بدايته في 2013؛ حيث التقت أبا منصور المغربي، الذي كان يعمل للتنظيم الإرهابي في تركيا، وكانت مهمته توجيه العملاء لاستقبال المقاتلين الأجانب في تركيا، وأن هناك شبكة تتبع التنظيم؛ لتسهيل سفر المقاتلين الأجانب من إسطنبول إلى الحدود السورية، وكانت هناك مقابلات في مواقع عسكرية مع المخابرات التركية والجيش التركي، وأن الأتراك كانوا يرسلون إليه (إلى أبي منصور المغربي) سيارة للمقابلة، والذي كان تحت حمايتهم. وتابعت المجلة بأنه كان قريبًا من لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ إذ قال له أحد ضباط مخابرات تركيا: “إن أردوغان يريد أن يراك على انفراد”، لكن هذا لم يحدث.

وحدَّد أبو منصور أعداد المقاتلين الأجانب الذين كانت تركيا محطة وصولهم؛ فتونس كان منها نحو ثلاثة عشر ألف مقاتل، أما المغرب فكان منه أربعة آلاف مقاتل، قائلًا إن الأوروبيين لم يزِد إجمالي عددهم على أربعة آلاف، بينما النساء اللواتي قدِمن إلى سوريا عبر تركيا، فكان يتم تقسيمهن؛ حيث تذهب الإناث العزباوات مباشرةً إلى الرقة، وهناك مراكز الرجال غير المتزوجين، والنساء المتزوجات ينضممن إلى أزواجهن، وأنه كان هناك اتفاق بين تركيا وتنظيم داعش على عبور المصابين الحدود وتلقِّي الرعاية الطبية في الأراضي التركية.

ونشرت الوكالة الروسية (سبوتنيك)، في فبراير الماضي، تقريرًا عن علاقة تركيا بتنظيم جبهة النصرة الإرهابي؛ فقد ذكرت أن الرئيس التركي تعهَّد في سوتشي للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمحاربة الجماعات الإرهابية في إدلب، لكن لم تقُم أنقرة بأية حرب ضد هذه التنظيمات، وأرسلت تعزيزات ومزيدًا من المقاتلين إلى المناطق منزوعة السلاح، وإلى الجبهات القتالية المقابلة للجيش السوري.

وتابع تقرير “سبوتنيك” بأن دعم تركيا لم يقف عند تنظيم النصرة فقط، بل امتد إلى جماعات إرهابية أخرى؛ مثل “حراس الدين” و”الحزب الإسلامي التركستاني” و”أجناد القوقاز”، وكل منها يعمل مع المخابرات التركية.

وذكرت شبكة “DW” الألمانية، أن تعرُّض تركيا إلى اعتداءات من “داعش” لا يُغَيِّر حقيقة أنها واجهت انتقادات في تعاملها مع التنظيم الإرهابي منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، وأنه تم استخدام أراضيها لمرور مجموعات إرهابية من “داعش” و”النصرة” و”القاعدة”، كما ظهرت تسجيلات هاتفية تؤكد أن بعض إرهابيي “داعش” المقبوض عليهم في تركيا كانت لهم اتصالات مع موظفي التحريات الجنائية التركية.

وعن علاقة تركيا بتنظيم داعش، قال الرئيس التشيكي، ميلوش زيمان، في مارس الماضي، إن أنقرة تهاجم الأكراد؛ لأنهم يقاتلون “داعش”، وإن تركيا حليف حقيقي للتنظيم وتوسَّطت لمساعدته؛ لتتمكن من تصدير النفط.

وقد نفت تركيا هذه التصريحات بعد أن جاءت، لأول مرة، من رئيس دولة أوروبية وعضو أيضًا في حلف “الناتو”.

وفي تعليقه لـ”كيوبوست”، قال صلاح الدين حسن، خبير الجماعات والحركات الإسلامية: “عندما قامت الثورة السورية في 2011، كانت هناك دعوات كثيرة للقتال ضد نظام بشار الأسد، وكانت تركيا ترغب في نهاية نظام بشار؛ فبدأت بالسماح لجميع المقاتلين الأجانب الذين يريدون قتال بشار بدخول الأراضي السورية عبر أراضيها، والبداية جاءت من تنظيم الجيش الحر الذي دعمته تركيا بالمال والسلاح في بداية تكوينه، ومن بعدها بسنة بدأ ظهور (جبهة النصرة) الإرهابي، الذي وجدت فيه تركيا التنظيم السلفي الجهادي الذي تتفق رؤيته مع رؤيتها، وبعدها بدأ (داعش) المشاركة في الحرب السورية، وقام أبو بكر البغدادي بإرسال أبا محمد الجولاني ومعه الملايين من الدولارات؛ لتكوين تنظيم الخلافة في سوريا، ولم تكن تركيا يُشغلها في بداية الأمر في أي تنظيم سوف يقاتل هؤلاء الأجانب ما دام الجميع يخدم مصلحته في محاربة نظام بشار، وبدأ (داعش) مهمات عمله في الأراضي التركية بتوفيق الأوضاع اللوجيستية للمقاتلين الأجانب، ولم تمنعه تركيا وتعاملت معه”.

وأضاف خبير الجماعات والحركات الإسلامية: “ولكن بعد أن قام التحالف الدولي بالحرب على تنظيم داعش بدأت تركيا تراجع موقفها من تنظيم الدولة الإسلامية؛ بسبب أن التنظيم بدأ يهدد كثيرًا من الدول الحليفة لتركيا؛ ومنها دول حلف الأطلسي، وكان على أردوغان أن لا يُقَدِّم له المساعدة مجددًا، ولكن استمرت علاقة تركيا مع التنظيمات الإرهابية الأخرى؛ من (جبهة النصرة) أو (الجيش الحر) أو (جيش الإسلام)، إذ تقوم تركيا بحماية وجودها حتى الآن، وتحاول جاهدة توفيق أوضاعها بعد أن بدت نهاية الحرب السورية؛ وتحديدًا مع روسيا”.

وتابع صلاح الدين حسن بأن أردوغان وأبا بكر البغدادي وجدا نفسيهما أمام مصالح مختلفة؛ بسبب الخلافة الإسلامية، فالدولة التركية وتنظيم داعش يريدان عودة الخلافة الإسلامية، ولكنَّ كلًّا منهما يريدها حسب طريقته؛ تركيا تريد أن تصبح قائدة العالم الإسلامي، وأردوغان يريد أن يكون خليفة المسلمين، بينما “داعش” يريد الخلافة الإسلامية الجهادية، وأن يكون أبو بكر البغدادي هو الخليفة، وهنا بدأت تنشب الخلافات بين الطرفَين، ورغم أن “داعش” شنَّ حربًا ضد التنظيمات المسلحة المتحالفة مع تركيا؛ فإن بعض التفاهمات التجارية استمرت بين الطرفَين وتحديدًا في مجال النفط، هذا بخلاف التوافق في علاج المصابين بين الطرفَين داخل الأراضي التركية.

 

المصدر: Q Posts

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر