سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تحالف تركي إيراني يتشكَّل لمواجهة مسلحي حزب العمال الكردستاني في العراق وبالقرب من الحدود التركية الإيرانية المشتركة. هذا التحالف أنشأته الضرورة والمصالح بين نظامي الدولتين، رغم اختلافهما سياسيًا وعقائديًا، إلا أنهما يستغلان الفرص والظروف لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والنفوذ لهما.
خلاف مذهبي وتعاون تجاري
فتركيا الدولة السنية، دائمًا ما تكون البوابة الأولى لفك الحصار عن إيران الدولة الشيعية، التي يحكمها نظام شيعي عقائدي، تكون السلطة فيه لما يسمَّى “الولي الفقيه” لا الشعب وإرادته الحرة.
هذا التحالف العسكري الجديد، جاء بعد سنوات من التحالف الاقتصادي الذي سمح للدولتين بإيجاد فرص كبيرة للتبادل الاقتصادي بينهما، حيث تعتزم الحكومتان على الوصول بالتبادل التجاري إلى 30 مليار دولار سنويًا. وهنا، فإن العديد من الخبراء ينظرون إلى هذا التحالف بعين فاحصة، خاصة أن النظامين مختلفان كليًا بعضهما عن بعض وتتباين مصالحهما في العديد من الملفات وعلى رأسها الملف السوري، إذ تدعم تركيا عدة جماعات وفصائل سياسية هناك، بينما تدعم إيران النظام الحاكم برئاسة بشار الأسد ولها عناصر مسلحة منتشرة هناك، بالإضافة إلى الوجود المعلن لـ”حزب الله”، وهو أحد أشكال التدخل الإيراني في الشأن السوري.
ويمثِّل التحالف العسكري غير الموثق بين الطرفين لمواجهة حزب العمال الكردستاني، شكلاً جديدًا للتعاون، رغم أن الوصول إلى هذه العمليات استغرق سنوات من التفاهم لإتمامها. ويتوقع المراقبون أن هذا التحالف في هذا الشأن بالخصوص ربَّما لا يطول أو يكون عبارة عن عمليات محدودة، خاصة أن تركيا وإيران تتباين مواقفهما السياسية بشدة في العديد من الملفات الإقليمية.
تحالف حقيقي أم رسالة سياسية؟
ويرى محللون أن هذا التحالف قد يكون الهدف منه مجرد صورة إعلامية وتخفيف التوتر الذي قد يحدث نتيجة انسحاب القوات الأميركية من الأراضي السورية، ودحر قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، لتنظيم “داعش” في آخر معاقله، حيث ستظهر على السطح المصالح والأطماع التركية والإيرانية في سوريا، بينما سيكون وجود الطرفين غير مبرر ولا داعي له.
التحالف التركي الإيراني تشكَّل تحديدًا في المسألة السورية عام 2016 بعد أن تدخلت روسيا إلى جانب النظام في مواجهة المعارضة المسلحة ومثَّلت طوق نجاة له من تلقي هزيمة ساحقة من المعارضة المسلحة التي حققت نجاحات كبيرة ومتتالية، وتقلَّصت الرقعة التي يسيطر عليها النظام، فتشكَّل حلف ثلاثي تهيمن فيه روسيا، وهو ما أتاح لها الخروج من قيود التحالف مع إيران وتوسيع دائرة تأثيرها السياسي لتشمل المعارضة المسلحة بوساطة تركيا الداعمة للكثير من الفصائل والضامنة لها، فيما أمَّن التحالف الجديد لتركيا تجاوز العقبة الأميركية في التوسع شمال سوريا، وإمكانية إجراء المقايضات التي توفِّر لها السيطرة على بعض المناطق الحدودية.
وتستغل روسيا هذا التحالف للمتناقضات الموجودة بين أطرافه في مواجهة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية هناك لموجهة تنظيم “داعش”، إلا أن هذا التحالف كان وسيظل هشًا بسبب الاختلاف الكبير بين أهدافه وأطرافه.
ومع أن العلاقة الروسية التركية تحكمها المصلحة، فإن الموقف التركي يتأرجح مرة مع التحالف الروسي، وأخرى مع الأميركي، لكن سياسة مسك العصا من المنتصف مع الطرفين يظل سيد الموقف. في حين تضمن العلاقة التركية – الإيرانية، المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى، وعلى رأسها تصدير النفط والغاز الإيرانيين إلى تركيا. ففي أثناء الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في إيران، ترجم الرئيس أردوغان هذه العلاقات الاقتصادية سياسيًا بالقول: “إن استقرار إيران مهم لتركيا”. ويبدو أن الجوار الجغرافي والاقتصاد (بلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين 10 مليارات دولار عام 2015) تغلبا على عوامل الاختلاف التاريخية والمذهبية، وبقيت تركيا المتنفس الرئيس لإيران طوال فترة العقوبات الاقتصادية الغربية التي فُرضت على هذه الدولة؛ بسبب اتهامها بممارسة أنشطة نووية غير سلمية.
طرف يؤكد وآخر ينفي
إن ما يدعو إلى التوقف عند هذا التحالف غير المنطقي بين نظامين متناقضين، هو تأكيد تركيا أن هناك تحالفًا واتفاقًا بين إيران وتركيا للقيام بعملية مشتركة ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، غير أن طهران تنفي ذلك، ثم تضطر تركيا للتأكيد.. وهكذا دواليك. والرغبة الإيرانية في عدم الإعلان عن هذا الأمر تثير التساؤلات حول حقيقة الأمر وإصرار تركيا على تأكيده.
وكانت إيران أكدت، أخيرًا، أنها لم تشارك في العمليات التي تخوضها القوات التركية على الحدود الشرقية للبلاد. وسبق أن نقلت وكالة أنباء “مهر” الإيرانية الحكومية عن مصدر عسكري، قوله: “الجيش التركي نفَّذ العملية ضد جماعة حزب العمال الكردستاني المسلحة، لكن القوات المسلحة الإيرانية لم تكن جزءًا من هذه العملية”، وأكد هذا الموقف أيضًا مصدر عسكري تحدث لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، حيث جاء هذا الرد بعدما قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إن بلاده شرعت في عملية مشتركة مع إيران على الحدود. لكن السفير الإيراني لدى أنقرة “بهمان حسينبور”، نفى مزاعم إطلاق عملية عسكرية مشتركة بين البلدين، موضحًا أن “التعاون” لا يعني القيام بعملية عسكرية مشتركة. وفي المقابل أصرَّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على قيام بلاده وإيران بعملية مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني، واصفًا إياها بالأولى من نوعها.
استشراف وتوقع مستقبلي
ويمكن القول إن هذا التحالف الذي تنكر إيران دخولها فيه، لأن العلاقات بين البلدين تتناقض في معظم السياسات الإقليمية، ربَّما قد يكون مستقبله مرهونًا بتطور الأحداث على المدى القريب، وذلك وفق ما يلي:
1- قد تقوم تركيا بمساعدة إيران في شن ضربات ضد عناصر كردية، خاصة أن قوات سوريا الديمقراطية أعلنت عن دحر تنظيم “داعش” بسوريا، وبالتالي فإن احتمالية تعاون هذه القوات مع حزب العمال وارد، خاصة أن علاقتها بتركيا متوترة دومًا ويهاجم كلٌّ منهما الآخر، إعلاميًا وسياسيًا، ثم إن “داعش” انتهت وستظهر ورقة جديدة للصراع ستكون بين تركيا والأكراد.
2- ربَّما يحدث تفاهم بين نظام الأسد الذي تدعمه إيران وقوات سوريا الديمقراطية، وقد يضطران للتحالف مع حزب العمال الكردستاني للضغط على تركيا للانسحاب من مواقعها بالشمال السوري، بعد دحر معظم الفصائل المسلحة، وانتقال المعارك لجبهة أخرى بين النظام السوري وتركيا.
3- تخشى إيران من تحول المواجهة في سوريا إلى حرب بينها وبين قوات سوريا الديمقراطية، التي أثبتت قوتها بعد القضاء على “داعش”، وهو ما سيشكل أزمة كبيرة لإيران والنظام السوري.
وحدة الدراسات السياسية*
المراجع
1 – المثلث التركي الروسي الإيراني.. هل يتحول التقارب إلى تحالف؟
2 – التحالف الروسي – التركي – الإيراني في سوريا، حرمون.
3 – التحالف الإيراني – التركي الجديد، مركز البيان.
http://www.bayancenter.org/2017/08/3638
4 – التحالف الاستراتيجي الروسي التركي الإيراني وانعكاساته على الصراع السوري، سبوتنيك.
5 – تركيا وإيران تحالف الشر في المنطقة.. أردوغان يعلن مساندته للنظام الإيراني ضد عقوبات واشنطن. اليوم السابع.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر