سياسة ترامب تجاه إيران | مركز سمت للدراسات

بتحجيمها داخل حدودها: البيت الأبيض يحدد سياسته تجاه إيران

التاريخ والوقت : الإثنين, 18 فبراير 2019

براد باتي

 

في أعقاب مؤتمر “وارسو” حول إيران، قامت نائب مساعد الرئيس في البيت الأبيض وكبير مديري الشرق الأوسط”فيكتوريا كوتس”، بنشر تقرير عن نهج الإدارة، جاء فيه أن الهدف الأساس لاستراتيجية الرئيس ترمب تجاه إيران يتمثل في التغيير المنهجي لأفعال طهران العدائية والمزعزعة للاستقرار، بما في ذلك عرقلة جميع السبل التي تنتهجها طهران لصنع سلاح نووي وتصدير الإرهاب. وفي إطار توجيهات الرئيس، تمَّ وضع أولويةٍ للحملة التي تقودها واشنطن من أجل الضغوط غير المسبوقة على الاقتصاد الإيراني، مما يجبر طهران على اتخاذ خيارات صعبة.

وبينما تواصل إيران استهداف أوروبا وجيرانها الإقليميين بحملات تضليل واسعة، فضلاً عن قيامها بحملات الإرهاب الإلكتروني، بات من المتعين على الحكومات الأوروبية أن تقرر إعادة فرض العقوبات، بالإضافة إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الاقتصاد الإيراني؛ إذ إن هذا الضغط المشترك من شأنه أن يعجل بعودة إيران إلى طاولة المفاوضات في ظل ظروف مواتية جدًا للولايات المتحدة والدول المسؤولة في جميع أنحاء العالم. وكما اعترف الرئيس “روحاني” نفسه، فإن إيران مقبلة على مرحلة من التوتر غير المسبوق بشأن اقتصادها خلال الربع الثاني من عام 2019. ومن ثَمَّ، من المفترض أن تكون هذه الضغوط حاسمة، بجانب العمل على إكمال العقوبات من خلال جهود أوسع بغرض مواجهة السياسات الإيرانية المدمرة والمزعزعة للاستقرار.

إضافة إلى ذلك، فإن هناك المزيد مما يمكن القيام به من أجل إثناء إيران عن أنشطتها التخريبية بالمنطقة، إذ يمكن الاستمرار في تشجيع العلاقات بين العراق ودول الخليج، وبخاصة المملكة العربية السعودية والكويت، ويمكن – أيضًا – إحراز تقدم كبير في الكثير من العلاقات الثنائية بالقطاعات الاقتصادية والأمنية المفيدة بالمنطقة لمواجهة استراتيجية إيران، وهو ما يفرض ضرورة استغلال الفرص الداعمة لهذا التعاون من أجل مصلحة الجميع.

والملاحظ على الاستراتيجية التي تتبناها إدارة ترمب أنها لا تحظى باتفاق الجميع؛ فمن غير المرجح أن تكون هذه الاستراتيجية ناجحة بالقدر الكافي نتيجة عدم إشراك القوى الكبرى الأخرى، مثل روسيا بشكل مباشر، كما تقول الدكتورة “داليا داسا كاي”، مديرة مركز السياسة العامة للشرق الأوسط في مؤسسة “راند” في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا.

وفي مواجهة هذا النقد يتجلى اثنان من الردود، حيث يكمن الأول في أنه خلال المرة الأخيرة التي اشتركت فيها موسكو مع واشنطن لكبح جماح إيران، أسفرت مطالبهما المشتركة عن تهرب الرئيس السوري بشار الأسد من المساءلة عن جرائمه البشعة في حربه ضد شعبه. وكانت المشاعر الأوروبية تميل نحو هذه المساءلة، لكن التصويت المشترك من روسيا وإيران كان كافيًا لإقناع إدارة أوباما وشركائها الأوروبيين بالتخلي عنها، وهو ما كان ينطوي على عواقب كبيرة على المدى الطويل، وبخاصة حينما أقدم نظام الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه من المدنيين.

لم يكن الأسد آخر الخيارات السيئة التي اتفق عليها الروس والإيرانيون، وهو ما ينطوي على الرد الثاني على انتقادات الدكتورة “كاي”، ذلك أن مؤتمر “وارسو” وعواقبه من شأنها أن توفر فرصة لترسيخ الموقف الغربي. فالنهج الأوروبي الراسخ ربَّما يحل المشكلة بشكل تلقائي، لكن إن لم يكن ذلك، فستكون روسيا في حاجة للمشاركة في وقت لاحق. كما أنه من غير المحتمل أن يؤدي إشراك فلاديمير بوتين أو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى نهج أفضل. ومع ذلك، فإنه من المتوقع أن يحدث ذلك في حال إجراء أية مفاوضات مستقبلية مع الغرب انطلاقًا من موقف ثابت له وسجل حافل في هذه المفاوضات.

إن من شأن تلك السياسة أن تزيد من الضغوط على إيران، إلا أنها غير ناجحة بالقدر الكافي، ذلك أن طهران لديها الكثير مما يمكن أن تكسبه في حالة إصلاح سياساتها بالنسبة للشعب الإيراني. وكماتلاحظ”كوتس”، فإن العديد من القوى الإمبريالية التي أشعلت الحرب العالمية الثانية، لا سيَّما ألمانيا واليابان، قد أصبحت شركاء أساسيين للولايات المتحدة. وقد أسهم ذلك في ازدهار تلك الدول اقتصاديًا منذ عقود، وأدى هذا التحول إلى إرساء فترة طويلة من السلام في كل من أوروبا وشرق آسيا على التوالي.

وفي نهاية المطاف، فإن هناك ما يدعو للتفاؤل في أن توفر سياسة كهذه مستقبلاً أكثر إشراقًا بالنسبة للإيرانيين دون الحاجة إلى حرب متداخلة؛ حيث توفر هذه المفاوضات في حد ذاتها الشروط اللازمة للضغط الكافي على إيران، فإذا لم يحدث ذلك بالفعل، فإن الغرب سيصبح بصدد جولة ثانية من المفاوضات تضم قوى، مثل: روسيا أو تركيا.

ثم إن ذلك يوفر سبيلاً للمساعدة في التخلص من كل أزمات الشرق الأوسط تقريبًا؛ لأن هناك مقاربات بديلة لكلٍ منها، لكن النظام الإيراني يتشابك مع كافة تلك الأنظمة تقريبًا، فإذا نجحت الإدارة، فسيصبح التعامل مع جملةٍ من التحديات التي تواجه المنطقة أسهل.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: مجلة الدراسات الأمنية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر