سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أسخف ما يقع فيه المؤرخ والباحث التاريخى أن يقع فى أسر العاطفة ويغلبها على الموضوعية العلمية التاريخية..وذلك عين ما وقع فيه العديد من الباحثين العرب فأفسدوا فهم رجل الشارع لحقيقة الغزو العثمانى للدولة العربية.
فقد تم تناسى الموضوعية العلمية وغلبوا عاطفتهم الدينية وآمنوا بمزاعم الدولة العثمانية التركية فى أنها حمت الإسلام من الغزو الأوربي.. والثابت تاريخيا -كما سنقرأ فى التحقيق هذا- أنها الغزو العثمانى نبه الأوربيون لأهمية الرقعة العربية.
وعلاوة على ذلك يتهمون من يدرس ظاهرة الخلافة العثمانية بموضوعية ويتوصل لذلك بأنه متأثر بالنظرة الأوربية.. ويصفون كل من يتهم الخلافة العثمانية بالوحشية بأنه يتمتع بالروح العنصرية..والتاريخ خير شاهد على محاولات تتريك العرب وطمس هويتهم العربية وفرض تدريس قواعد اللغة العربية بالتركية من خلال معلمين أتراك فى الوطن العربى..!
بداية لم أجد أبلغ ولا أدق من وصف العالم الجغرافى المصرى د.جمال حمدان للظاهرة التركية فقد كتب واصفا تاريخ تركيا القديم والحديث قائلا : «تركيا قوة شيطانية مترحلة، بلا تاريخ أو حضارة، واتخذت لنفسها وطنا بالتبني، حتى كتابتها استعارتها من العرب، غراب يقلد مشية الطاووس، يشعرون بعقدة نقص تجاه مصر التى أذلتهم، وسحقت جيوشهم، لكنها نسيت ذلك، وتناطح أسيادها العرب الآن».
وعن نوايا الأتراك تجاه العرب يذكر صاحب عبقرية الزمان والمكان :»نوايا الأتراك السيئة تجاه البلاد العربية الإسلامية تأكدت فى القرن السادس عشر، حينما اتجهت الدولة العثمانية إلى الشرق العربي، واتجه الزحف التركى إلى مصر رأسا، عن طريق سورية التابعة للدولة المملوكية المصرية، التى أصبحت مفتاح المنطقة العربية، خاصة بعد أن انتقل ثقل الدولة العربية الإسلامية كاملا ونهائيا إلى مصر بعد تدمير العراق على يد المغول».
سرقة المخطوطات
وفى دراسة لمركز سمت للدراسات يذكر «يبدو للعيان أن أردوغان يحاول جاهدًا أن يعيد تاريخ العثمانيين، فاليوم يعتزم إطلاق اسم فخر الدين باشا على الشارع، الذى تقع فيه سفارة الإمارات فى أنقرة، تخليدًا لذكرى ذلك الحاكم العثمانى للمدينة المنورة ما بين عامى 1916 و1919، الذى اُتهم بسرقة أموال ومخطوطات من المدينة المنورة عام 1916، خلال الحرب العالمية الأولى.
حيث الحقبة التى ترأس فيها السيد حسن فدعق، إمام الشافعية بالحرم المكي، لجنة لإحصاء وإسعاف وإعادة النازحين من أهل المدينة المنورة الذين هجرهم فخر الدين باشا، آخر حاكم عثمانى لها، وساهم فى إرجاع حوالى 5 آلاف ممن نجا من ذلك الظالم، بعد أن أخلى فخر الدين باشا المدينة المنورة من سكانها، لأنه كان يخشى من انضمام أهلها لـ«الثورة العربية»، وكان يحاول – قدر الإمكان – أن يبقيها تابعة للحكم العثماني، إضافة إلى مد خط سكة الحديد إلى داخل المدينة، وهدم البيوت التى كانت فى طريق خط القطار، ليتمكن من توصيل السلاح إلى الداخل، وحوّل المسجد النبوى إلى ساحة عسكرية.
حملات التهجير التى قام بها العثمانيون فى تلك الفترة، أضرت بسكان المدينة وغيرت ديموغرافيتها، ما أدى إلى سفر أعيان المدينة وأضر بهم ماديًا، ودفع السكان إلى أكل الحشائش لعدم توفر الطعام، وكانت كارثة التهجير الجماعى والقسرى التى اشتهرت فى الحجاز بـ«سفر برلك» ، تلك الجريمة النكراء التى وقعت فى المدينة المنورة، باقتحام جنود فخرى باشا للبيوت الآمنة، وكسر أبوابها عنوة، وتفريق الأسر، وخطف الأطفال والنساء من الطرقات دون رحمة، وجرهم معًا أو متفرقين إلى عربات قطار الحجاز ليتمَّ إلقاؤهم عشوائيًا بعد رحلة طويلة من العذابات فى تركيا والأردن وسوريا.
وفى الغالب، لم تكن «سفر برلك» لأهل المدينة المنورة فقط، بل كانت لكل البلاد التى تديرها الدولة العثمانية، بسبب الحرب العالمية الأولى التى وقعت حينها، فكانوا يأخذون الرجال والشباب القادرين على حمل السلاح، ليجهزوهم للجبهات والقتال باسم الدولة العثمانية على يد فخرى باشا الذى تمَّ تعيينه حاكمًا عسكريًا للمدينة المنورة، فأخضعها لحكم عسكرى قاس، وكان أكثر الحكام الأتراك تسلطًا ودموية وضيق أفق.
أمَّا أجواء الحياة فى المدينة المنورة، فنقتبسها من الكاتب ضياء عزيز: «لقد جاع أهل المدينة الذين هجرهم فخرى إلى سوريا.. جاعوا بل ومات الكثيرون منهم جوعًا.. لكن قوات فخرى نفسها جاعت فى النهاية أيضًا.. ذلك الجوع الذى جعلهم يأكلون لحوم الخيل والبغال والحمير التى تنفق من الجوع.. بل ويأكلون لحوم القطط والكلاب.. ولا أستبعد صحة أخبار قالت إن بعض الجياع قد أكلوا لحوم أطفالهم».
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر