سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Shyam Bishen, Oliver Eitelwein
بينما تم توثيق آثار تغير المناخ على الاقتصاد العالمي والطبيعة بشكل جيد، فإن بعض العواقب الأكثر خطورة لارتفاع درجات حرارة الكوكب ستكون على صحة الإنسان ونظام الرعاية الصحية العالمي.
في تقرير مشترك صدر في عام 2024، وعنوانه: “تقييم تأثير تغير المناخ على صحة الإنسان”، بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي وأوليفر وايمان أن ما يصل إلى 14.5 مليون شخص إضافي قد يموتون بحلول عام 2050 بسبب الاحترار العالمي. ومن المحتمل أن يواجه عشرات الملايين الآخرين أمراضًا طويلة الأمد، وإعاقات، وتشريدًا مع تحول أوطانهم إلى مناطق غير صالحة للسكن بسبب آثار الجفاف والفيضانات.
يمكن أن يتعرض 500 مليون شخص آخرين لأمراض مثل الملاريا وزيكا مع توسع الناقلات الحاملة للأمراض إلى أميركا الشمالية وأوروبا.
من المتوقع أن يتحمل الاقتصاد العالمي ونظام الرعاية الصحية أعباء مالية فادحة تتجاوز 12.5 تريليون دولار بسبب التغيرات المناخية، مما يقلل من قدرتهما على الاستجابة للأزمات. والأكثر إيلامًا هو أن المجتمعات الأكثر تضررًا من الكوارث المناخية هي الأقل قدرة على التعافي، رغم أنها الأقل مسؤولية عن هذه الأزمة.
باختصار، سيواجه الكوكب عقودًا من المعاناة والتشريد والخسارة الاقتصادية إذا فشلنا في تحقيق تقدم كبير في الحد من تأثير الاحترار العالمي على الصحة.
الاستعداد لمستقبل من الأزمات الصحية
بينما لا يزال هناك أمل في تقليل الانبعاثات، يتعين على صانعي السياسات وصناعة الرعاية الصحية الاستعداد لاحتمالية عدم قدرتنا على الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5°م. حاليًا، فإن المسار المتوقع لارتفاع الحرارة بين 2.5 و2.7°م، هو السيناريو الأكثر واقعية، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وهو الأساس الذي تستند إليه توقعات تقرير “تقييم تأثير تغير المناخ على صحة الإنسان”.
على الرغم من أنها كانت غائبة في كثير من الأحيان عن مناقشات تغير المناخ، فإن هذه الرؤى الكابوسية وجدت أخيرًا مكانًا في جدول الأعمال خلال قمة المناخ للأمم المتحدة لعام 2023، عندما وقعت 123 دولة على أول إعلان من نوعه حول المناخ والصحة، والتزمت بتخصيص مليار دولار لجعل أنظمة الصحة أكثر مقاومة لتغير المناخ. بينما كانت هذه المبادرة علامة على الوحدة وتشكل خطوة أولى مهمة، إلا أن الكثير من الخطوات الأخرى لا تزال مطلوبة.
3 استراتيجيات يجب على صانعي السياسات أن يضعوها في أولويتهم
في نوفمبر، خلال مؤتمر COP29 في أذربيجان وقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، سيكون لدى قادة العالم فرصتان إضافيتان للبدء في استجابة عالمية. نظرًا لتأثير الصحة على قدرة الناس على المشاركة في الاقتصاد الأوسع، هناك ثلاث أولويات ستساعد الدول والاقتصاد العالمي على مواجهة الكارثة الصحية العامة المتزايدة:
1- التركيز على جعل أنظمة الرعاية الصحية المحلية مقاومة لتغير المناخ
تتطلب التحديات الملحة لتغير المناخ أنظمة صحية عالمية مرنة قادرة على حماية الصحة العامة خلال الأزمات الصحية الكبيرة والطويلة المحتملة. والواقع الذي نواجهه هو أنه، حتى بدون الأحداث المناخية الكبرى في المعادلة، فإن العديد من أنظمة الصحة حول العالم لا يمكن اعتبارها حاليًا مرنة.
نعرّف المرونة على أنها قدرة النظام على تجنب الأزمات واحتوائها، ثم الاستقرار بعد حدوث الأزمة، وأخيرًا التعافي منها. لقد شهدنا بشكل مباشر نقص المرونة خلال جائحة COVID-19 عندما كانت المستشفيات حول العالم مثقلة بالطلب وغياب الموظفين.
لكي تصبح المناطق مرنة تجاه تغير المناخ، يجب عليها أولاً فهم كيفية تأثير المناخ على أنظمتها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إجراء الأبحاث واستخدام أدوات المحاكاة لتقييم الجاهزية والمساعدة في تحديد الأولويات وتخطيط الاستجابات. ولتحقيق المرونة المناخية، يجب على أنظمة الصحة تعزيز البنية التحتية وضمان توفير الموارد الأساسية، مما يمكنها من الحد من آثار الصحة وتقليل أوقات التعافي.
ولدعم تطوير هذه القدرات، يجب على الحكومات تشجيع تبادل المعرفة العالمي والتعاون بين أنظمة الصحة العامة والمنظمات مثل: منظمة الصحة العالمية، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ويمكن أن يساعد مركزية جمع البيانات وتحليلها ونشر نتائج الأبحاث في خفض التكاليف المحلية وتوفير مجموعات بيانات أكثر تقدمًا للمناطق.
يجب أيضًا إشراك المواطنين من خلال مبادرات التعليم والتوعية. إذ ستتيح المعلومات الدقيقة وفي الوقت المناسب للجمهور اتخاذ تدابير وقائية لحماية صحتهم وصحة مجتمعاتهم. ويتطلب جزء من هذا الجهد تعزيز أنظمة الإنذار المبكر التي تستخدم التكنولوجيا ووسائل الإعلام. كما يمكن أن تساعد الاختبارات المنتظمة لنظم الصحة العامة، مثل تلك التي تم تنفيذها في القطاع المصرفي بعد الأزمة المالية عام 2008، في الكشف عن المشكلات في منشآت معينة.
2- تحفيز الابتكار في الرعاية الصحية وعلوم الحياة والأوساط الأكاديمية لمواجهة الحالات الصحية الناتجة عن تغير المناخ
يعتبر الابتكار من خلال البحث والتطوير في القطاع الخاص والأكاديمي حجر الزاوية لبناء أنظمة صحية مرنة تجاه المناخ، وكشف النقاب عن لقاحات وعلاجات جديدة. لإطلاق هذا الابتكار وتحقيق التزامات طويلة الأجل من القطاع الخاص، يتطلب الأمر المزيد من المنح البحثية المستهدفة، بالإضافة إلى تقليل الإجراءات البيروقراطية في المشاريع طويلة الأجل، مثل جهود اللقاح خلال جائحة كوفيد.
يجب على صانعي السياسات أيضًا توفير إطار واضح حول احتياجات وأولويات الابتكار، مع ضمان إنشاء آليات تعويض ملائمة تتيح للشركات تطوير منتجات وخدمات حيوية ليست قابلة للتداول التجاري على الفور. بشكل خاص، ستبدأ هذه السياسة في معالجة الفجوات في الرعاية الصحية للسكان ذوي الدخل المنخفض التي ستظهرها آثار تغير المناخ.
3- تخصيص موارد حكومية وتطبيق سياسات لتمكين استجابة عالمية قوية في كل من الدول المتقدمة والنامية
يعتمد النجاح طويل الأمد في بناء أنظمة صحية مرنة تجاه المناخ، على التمويل الحكومي المستدام، والسياسات الداعمة التي تعكس دورات الابتكار الطويلة في البحث والتطوير في مجالات الأدوية، والأجهزة الطبية، وتكنولوجيا الصحة الرقمية. ولتعزيز هذا الالتزام، يجب على الدول أن تشمل ضمن مساهماتها المحددة وطنيًا في مكافحة تغير المناخ، تعهدًا لدعم معالجة التحديات الصحية، وضمان انتقال عادل في مواجهة تغير المناخ.
لتعزيز البنية التحتية للدول النامية وضمان توفر اللقاحات والعلاجات بشكل كافٍ وسريع، يتطلب ذلك آليات تمويل عالمية ومتعددة الجنسيات، بالإضافة إلى مساهمات فردية من الدول المتقدمة. كما أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتعاون عبر القطاعات، هي أدوات أساسية لتحقيق هذه الأهداف.
إن الطريق لبناء أنظمة صحية مرنة تجاه المناخ معقد ويتطلب تنسيقًا عبر مجالات متعددة. نحن نقترب من انتهاء الوقت لوضع هذه الإجراءات موضع التنفيذ، لذا يجب على صانعي السياسات والصناعة عدم التأخير.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر