يعتبر 2020 عام التحول الرقمي في القطاع المصرفي، حيث سرعت البنوك جهودها في هذا المجال، لاسيما في ظل تداعيات جائحة «كوفيد – 19» والتي فرضت أنماطاً جديدة لإدارة العمليات في القطاع المصرفي؛ بسبب متطلبات التباعد الجسدي والبقاء في المنزل. وحالياً، بات بإمكان عملاء البنوك تنفيذ نحو 90% من المعاملات المصرفية عبر القنوات الرقمية المختلفة. ووفقاً لتقرير لشركة ديلويت الشرق الأوسط، فإن تبني التكنولوجيا المالية لعملاء البنوك في الإمارات هو الأعلى في المنطقة، حيث إن معظم التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط موجودة في الدولة، كما أن %84 من سكان الإمارات الذين يتعاملون مع البنوك لديهم إمكانية الوصول إلى الحلول المصرفية عبر الهاتف المحمول.

المدفوعات الرقمية

تنامى إقبال عملاء البنوك وأفراد المجتمع على المعاملات الرقمية «غير النقدية» في ظل «كوفيد – 19»، ما دفع الشركات والمؤسسات المالية إلى التحوّل نحو حلول الدفع الرقمية والذكية في عام 2020، ولهذا الغرض أصدر «المركزي» نظام تسهيلات القيم المخزنة لدعم تطوير المدفوعات الرقمية ومن خلال تقديم هذا النظام الجديد لمقدمي تسهيلات القيم المخزنة، يسعى المصرف المركزي إلى تسهيل وصول شركات التكنولوجيا المالية وغيرها من مقدمي خدمات الدفع من غير المصارف إلى السوق المحلي بشكل أسهل، مع مواصلة حماية أموال العملاء، وضمان حسن سير العمل، بالإضافة إلى دعم تطوير منتجات وخدمات الدفع.

تسريع التحول

فرضت تداعيات جائحة «كورونا» أنماطاً مستجدة لإدارة العمليات في القطاع المصرفي خلال عام 2020، خاصة في ظل حالة الارتباك التي حدثت في بداية الأزمة وما تبع ذلك من متطلبات التباعد الجسدي والبقاء في المنزل، ومن ثم إغلاق عدد من الفروع تبعا لذلك.

وفي هذا السياق، سرعت البنوك الإماراتية عملية التحول الرقمي خلال عام 2020، مع زيادة استثماراتها في هذا المجال وضم عدد أكبر من الخدمات التي يمكن تنفيذها عبر المنصات الرقمية، فضلاً عن تخفيض عدد ساعات العمل في الفروع للحد من تفشي فيروس كورونا. وأظهر استطلاع حديث أجرته شركة ديلويت الشرق الأوسط، أن %22 من عملاء البنوك تبنوا حلول التكنولوجيا المالية لتلبية احتياجاتهم المصرفية، بينما أبدى %82 استعدادهم لبدء استخدام حلول التكنولوجيا المالية في مدفوعاتهم ومعاملاتهم المصرفية، لافتاً إلى أن البنوك حريصة على استخدام التكنولوجيا المالية في مجموعة واسعة من المشاريع الاستكشافية، ومع ذلك، فهي مترددة في دمج التكنولوجيا المالية في استراتيجيتها، لأنها تفضل اتباع نهج «الانتظار والترقب». واستجابة للظروف الصعبة التي مرت بها بيئة أعمال التجارة الدولية خلال عام 2020، قامت البنوك بتسريع التزامها بالتحول إلى الخدمات المصرفية الرقمية على المدى الطويل، حتى أن بعض البنوك قامت خلال الأشهر التسعة الأولى من العام بتنفيذ ومعالجة حوالي %70 من حجم المعاملات التجارية من خلال الوسائل الرقمية. كما توجهت البنوك في عام 2020 نحو المواكبة المستمرة للمبادرات التكنولوجية التي تطرحها حكومة دولة الإمارات، عبر إطلاق عدد من المبادرات في إطار الرؤية الاستراتيجية نحو «التحول الرقمي» والاستثمار في أحدث التقنيات، سعياً لتقديم تجربة مصرفية مميزة للمتعاملين.

وكان من تلك المبادرات دمج الخدمات المصرفية المقدمة عبر الهاتف المتحرك والمصادقة على هوية العملاء عبر بوابة وتطبيق الهوية الرقمية – UAE PASS، بعد أن تبنى المصرف المركزي هذه المبادرة في سبتمبر من العام الماضي 2019، مما أتاح لجميع عملاء البنوك تسريع وتسهيل عملية فتح الحسابات عن بُعد، دون حاجتهم إلى زيارة البنك شخصياً.

التوعية من الاحتيال

تزايد استهداف عملاء البنوك بعروض الاستثمار الوهمية التي تروج لفكرة تحقيق أرباح غير منطقية في عام 2020 بغرض الاحتيال، ولذا أصدر «المركزي» تحذيراً من عمليات الاحتیال من خلال عروض الاستثمار غير الواقعية، حيث يتم الاتصال بأي شخص للمشاركة في فرص الاستثمار ذات العائد المرتفع، والتي من المحتمل أن تكون استثمارات وهمية.

ونصح «المركزي» المستهلكين برفض جميع عروض المنتجات والخدمات التي تأتي من أشخاص غير معروفين، أو لم يتم التحقق منهم، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو رسائل البريد الإلكتروني أو أي قنوات «أون لاين» أخرى غير معروفة، داعياً إلى عدم الاعتماد على الوعود التي ترد في الإعلانات، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلانات المدفوعة عبر «الإنترنت».

حزم تحفيز

نجحت المبادرات التي أطلقها المصرف المركزي، في توفير السيولة التي مكنت البنوك من دعم الأفراد والشركات المتضررة من تداعيات الجائحة، وليستفيد من برنامج إعفاء القروض التابع لخطة الدعم أكثر من 321.5 ألف مستفيد، منهم 310 آلاف من الأفراد و10 آلاف من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و1500 شركة من القطاع الخاص.
كما بلغ عدد العملاء المستفيدين من الدعم خارج نطاق خطة الدعم الاقتصادي الشاملة أكثر من 180 ألف عميل حصلوا على تأجيل قروض تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 8 مليارات درهم.

استدامة العمليات التشغيلية  

ركزت البنوك المحلية في عام 2020 على ضمان استدامة العمليات التشغيلية والتواصل مع الشركاء، بما في ذلك العملاء ومزودو الخدمات والمساهمون، والتعامل مع الموظفين ورفع معنوياتهم. ولتحقيق هذا الهدف، سارعت البنوك إلى تفعيل منصاتها الإلكترونية في عام 2020، مع توسعة الخدمات المقدمة من خلال تلك المنصات لكي تتماشى مع ظروف المرحلة.

وقامت البنوك أيضاً في عام 2020 بمراجعة محافظ التمويل، مع التركيز على التمويلات في القطاعات الأكثر تضرراً وتقييم حجم تأثير الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية، مع السعي إلى تبني استراتيجيات السوق التي تتلاءم مع وضع المرحلة، ودراسة أي خيارات تعمل على التوسع فيها.

مبادرات «المركزي»

يعتبر 2020 عام البنوك المركزية في العالم، حيث اتخذت مبادرات لتخفيف تداعيات تفشي وباء «كورونا» على البنوك والاقتصاد والمجتمع والأفراد. وجاءت مبادرات وحزم التحفيز التي أعلن عنها مصرف الإمارات المركزي في عام 2020 متوافقة مع المستويات المهنية العالية في إطار الإجراءات التي اتخذتها الكثير من البنوك المركزية في العالم، ومنها الإعلان عن حزمة غير مسبوقة لدعم البنوك الإماراتية والفئات المتضررة، وحماية الاقتصاد من تداعيات تفشي وباء «كورونا» بقيمة 70 مليار دولار، شملت 55 مليار دولار كدعم سيولة من خلال تحرير متطلبات البنك المركزي، و13 مليار دولار دعماً للأفراد والشركات المتعثرة بسبب «كورونا». كما أقر مجلس إدارة المصرف المركزي تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي من الودائع تحت الطلب بمقدار النصف لجميع البنوك (من 14 إلى %7)، ما أسهم في تعزيز السيولة وضخ ما يقدر بنحو 61 مليار درهم، من السيولة في القطاع المصرفي يمكن استخدامها في دعم إقراض البنوك لقطاعات الاقتصاد الوطني، وإدارة السيولة لديها. وقرر المصرف المركزي كذلك تمديد الجدول الزمني لخطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة لمساندة العملاء والشركات المتضررة، حتى نهاية يونيو 2021. كما أقر تحسينات إضافية على الخطة، وسمح للبنوك وشركات التمويل المشاركة في الخطة تمديد فترة تأجيل الديون والفائدة على الدفعات المستحقة، وكذلك مكنها من تمديد التخفيضات في رؤوس الأموال الوقائية، وتبلغ قيمة التخفيضات في رؤوس الأموال الوقائية المحررة 50 مليار درهم.

مذكرات تفاهم

حقق القطاع المصرفي مؤشرات إيجابية خلال 2020 رغم جائحة «كورونا» بفضل خطة الدعم التي أقرها مصرف الإمارات المركزي.

إذ بلغ حجم الودائع خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري نحو 1.91 تريليون درهم، فيما تجاوز الائتمان 1.81 تريليون درهم، وكانت 84.1 % نسبة القروض إلى الودائع.

وناهز إجمالي الأصول 3.24 تريليون درهم، فيما بلغت الاستثمارات الإجمالية للبنوك 448.1 مليار درهم.
وارتفعت نسبة كفاية رأس المال من %17.1 في الربع الثاني إلى %17.6 في الربع الثالث.