سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
زيد الشكري
في رأيي أنه إذا كانت هناك صفة واحدة يشترك فيها كل المبدعين في هذا العالم، فإنها هي القدرة العبقرية على خلق المبادرات واجتراح الأفكار الخلاقة. وعلى الاتجاه الآخر، إذا كانت هناك صفة خطيرة يمكن أن تدمِّر انطلاقتهم، فإنها تكمن في حصرهم بإطار تلقي التوجيهات وتنفيذ الأوامر.
وفي بيئات العمل، تتعاظم درجة تحطيم المبدعين عندما يقدمون مبادرات لم تُطلب منهم، إلا أنه من السخرية أن يتم محاسبتهم أو تأنيبهم على بعض أوجه القصور فيها، كما لو كانت واجبًا متوقعًا منهم.
ومن واقع اطلاعي على تجارب مختلفة ومتنوعة لنماذج من المبدعين في بيئات العمل، فإن كثيرًا منهم بات يُحجم عن الإدلاء أو تقديم أي مبادرات أو أفكار، خشيةَ لومهم أو محاسبتهم عليها.
شريحة المبدعين في مجال الاتصال بالمنظمات ليسوا بمعزل عن ذلك، بل إن ظاهرة لوم المبدعين في مجال الاتصال تفوق في أثرها المدمر أي مجال عمل آخر. لماذا؟ لأن الاتصال بطبيعة ديناميكية نشاطاته يقوم في جزء كبير منه على الإبداع والابتكار المدفوعين بالعاطفة المحمومة والاستلاب بالفكرة لدرجة أن تتحول أحيانًا – لفرط ولعه بها – إلى كوابيس يراها في منامه.
ولو استعرضنا نماذج ناجحة لمنظمات في مجال الاتصال، لوجدنا أن سرَّ نجاحها يكمن فيما تقدمه من أعمال ذات بعد إبداعي صرف، وعبر أفكار ولدت خارج الصندوق، وتمردت على التقليدية والمألوف والمعهود.
فمثلاً، مفاهيم اتصالية كتوظيف المصدر الثالث، وصناعة القصة، والغموض البنَّاء في صناعة القصة، وتوظيف الحشود على الشبكات الاجتماعية ليخدموا كرُسل لحمل رسالة المنظمة، واختطاف الموجة، كلها مفاهيم قائمة على فكر إبداعي صرف واعٍ بالسياق والظرف، وليست مكتوبة في دليل يشرح خطوات تطبيقها ومن ثم اتباعها.
ومما يضاعف التحديات أيضًا على هذا الصعيد، هو اتساع مساحة الجماهير لدى ممارسي الاتصال ومنظماتهم التي يعملون لديها، حيث إن الانفجار الرقمي الهائل أحرق كل الحدود بين المنظمة وجماهيرها، حتى باتت – إرغامًا – تفاعلية من طرف ثنائي ينشط كل الوقت، ومعها بات العرض أكثر من الطلب، وأصبح الجمهور في ترف وتخمة من المحتوى الذي يتلقاه؛ لذا هو من سيقرر مدى قبوله الرسالة أو عدمها، وإذا لم تبهره فلن يلتفت إليك، وسيذهب إلى غيرك.
لذا أيها القائم على إدارات الاتصال في المنظمات، عندما تجد مبدعًا يقدم المبادرات الخلاقة، الواحدة تلو الأخرى، تذكر 3 أشياء:
1- أنت تتعامل مع أشخاص لا يعرفون أن تحدَّ انطلاقتهم حدود.
2- سيبادرون، لكن احذر أن توقفهم أو تحُدَّ من جموحهم، لأنك حينها – وفي أحسن أحوالك – لن تحصل على أكثر من موظف لا يتجاوز مبلغ اهتمامه العناية بساعات العمل والدوام الرسمي.
3- سحر التقدير. المبدعون في أعمالهم لا يحتاجون مردودًا ماليًا، بقدر ما يحتاجون أن تصادق على صحة توجهاتهم وانطلاقتهم.
ختامًا، مهما بلغ جموحنا وشغفنا في إنجاز ما نقوم به من عمل، وفي ظل هذا العصر الدائم التغير والديناميكية، فسيظل عنصر الابتكار والإبداع هو من يحدد شكل النجاح الذي ننشده، ونتطلع إليه.
*متخصص في الاتصال والصحافة
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر