سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
حبيب الشمري
ليلة مختلفة عاشها السعودي يوم الثلاثاء 27 أبريل 2021، مع الحوار التلفزيوني التاريخي لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حول منجزات “رؤية المملكة 2030″، بمناسبة مرور 5 سنوات على إطلاقها.
لا نأتي بجديد عن الإشارة إلى أن الحديث الذي أبهر العالم، ارتكز على الشفافية، والوضوح، والدقة، والأرقام، بل والتفصيل النادر، والمنطقي والمقنع في كل شيء؛ التخطيط الاستراتيجي، الأمور المالية، البنية الحكومية، تصميم فرق العمل، الحوكمة، البطالة، البيئة، السياحة، والسياسة، وغيرها كثير.
لكن ما لفت نظري – ونظر كثيرين – هو الحديث عن إنشاء مركز الحكومة، والنقد الذي طال مؤسسات رفيعة مثل الديوان الملكي ومجلس الوزراء، بافتقارهما سابقًا لمراكز دعم القرار، والشغف الذي تتطلبه المرحلة الجديدة للوزراء والقياديين، وجزئية الوظائف السيئة بالنسبة للمواطنين التي تمثل 50%.
لأول مرة – وأولويات ولي العهد السعودي كثيرة – يتحدث مسؤول كبير بحجمه، عن معاناة تشتت جهود الحكومة، والافتقار لجهاز (مركز الحكومة)، المعني بدراسة استراتيجيات المشاريع، ومواءمتها مع الأولويات التنموية والمالية، وضبط الترابط العضوي بين الأجهزة والوزارات، ووضع السياسات العامة، ومن ثم نقل هذه المتطلبات إلى وزارات الدولة في صيغة أوامر، مرفقة بتحديد معايير ومؤشرات الأداء، ودليل حوكمة واضح وشفاف، بحيث يكون دور الوزارة التنفيذ فقط، فضلاً عن متابعة ذلك عبر مركز أداء لتقييم الأداء الحكومي.
عرف سمو ولي العهد السعودي مبكرًا هذه المشكلة، لذلك قال: “إن عام 2015 كان عامًا صعبًا”، وعالجها من خلال إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ابتداء، والذي أصبح (مطبخ القرارات والمشاريع الحكومية)، بحيث تصل هذه المشاريع إلى مجلس الوزراء جاهزة وتنتظر المصادقة والتوجيه السامي فقط. طالما كانت هذه الإشكالية ظاهرة في الحكومة سابقًا، وتطرقنا لها كثيرًا في الصحافة، وأصبح مصطلح “الوزارات الجزر” متداولاً في وقت سابق، لكن ذلك لم يجد معالجة مباشرة، حتى وصل سمو ولي العهد لكرسي القيادة.
النقطة الأخرى التي أثارها سمو ولي العهد السعودي افتقار الديوان الملكي وأمانة مجلس الوزراء لمراكز دعم القرار، وهي أحد أهم مرتكزات المدارس الإدارية الحديثة القائمة على المعلومة الحديثة والدقيقة. لم يكابر سموه، ويبعد الديوان الملكي عن المسؤولية، بل إنه كان واضحًا، وقبل ذلك عالج هذه الإشكالية مبكرًا عندما صدر مركز دعم اتخاذ القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء، ونشر يوم 03 يونيو 2016، حيث ربط المركز تنظيميًا بالديوان الملكي، ونصت أهدافه على “دعم اتخاذ القرار وتحسين فعاليته وكفايته في مختلف المجالات في الوقت المطلوب وبالدقة المناسبة، من خلال آليات ووسائل علمية وعملية تكفل صنع واتخاذ القرار المناسب وتطبيقه”.
النقطة المهمة الأخرى التي تطرق لها سموه، أهمية الشغف لدى الوزراء والقيادات، واعتبار ذلك جزءًا أساسيًا من اختيار فريق العمل، وفي ذلك كسر لصورة موظف الحكومة البيروقراطي الجامد، وهذه من صفات التنفيذيين المبدعين في العالم. ولعل في حديث سموه تفريق بين (المسؤول والقيادي) عند الحديث عن الصف الثاني في الوزارات، وتأكيده على أن الحكومة بحثت عن الروح القيادية التي تواجه التحديات الكبيرة في “رؤية المملكة 2030”.
الأمر الثالث، حديث سمو ولي العهد السعودي عن الوظائف (السيئة) التي تمثل أكثر من 50%، وفي ذلك إشارة مهمة ونادرة إلى نوعية الوظائف التي تبحث عنها الحكومة وتوفيرها لبنات وأبناء الوطن. وهذا يعني بشكل واضح وصريح أن زمن البطالة المقنعة انتهى، وأن على الباحثين عن العمل تأهيل أنفسهم بشكل أكبر للحصول على الوظائف النوعية التي ستوفرها المشاريع الاستراتيجية العملاقة، والمرتكزة على المهنية، والشغف، والتحدي. كما أن ذلك يعني وضوح الرؤية بالنسبة للدولة في خلق الوظائف، وتحديد مواصفات معينة للوظيفة لتكون أحد مصادر النمو الاقتصادي، بحيث إنه كانت عالية المستوى، وتدر على الموظف عائدًا جيدًا، فإنه سيدفعه إلى الإنفاق على وسائل الحياة الجديدة، والقدرة على التوفير، وربما حتى القدرة على استثمار جزء من دخله الشهري.
كاتب وصحفي سعودي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر