سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
فيصل الشمري
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الصحوة (الغفوة) بعد اعتذار الشيخ عايض القرني لمشاهد الحلقة الحق في تقييم تلك المراجعة وذلك الاعتذار هل هي شجاعة، أو اعتذار دبلوماسي، أو براغماتية عالية لفهم الشيخ أن المجتمع تغير بالفعل.
لجيل الألفية علينا تفسير ما هي الصحوة إذا أردنا تعريفها حركة فكرية اجتماعية نشأت بدعم من مجموعة دعاة إبان حراكهم الدعوي “لإيقاظ الناس من غفوتهم” على حد وصفهم، وهي مزيج فكري بين التقاء الفكر القطبي الإخواني (محمد قطب) المتشددة.
الصحوة بدأت جذورها من الستينيات على حياء وبساطة بتأثير من جماعة الإخوان المسلمين الذين تمَّ احتضانها وحمايتها من بطش العسكر في مصر بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر في تلك الحقبة.
استمر التيار في النمو حتى بعد 1979 التي كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية والتسارع في نمو التيار بسبب الثورة الإسلامية في إيران والاحتلال السوفييتي لأفغانستان.. هذان الحدثان كانا بمثابة سكب الغاز على النار التي أدت إلى حتى تلقي تيار الصحوة في أوقاتٍ دعمًا شبه رسمي وما تبعها من قضايا ذات تأثير، ومنها حادثة جهيمان العتيبي في الحرم المكي، وكذلك حرب الخليج الثانية.
من الغرائب التقاء التيار المتشدد مع التيار القطبي الإخواني، وما يجمع هذين التيارين هو العداء الكبير للحداثة والتنوير والتفكير من جهة، والرفض الكبير للرصيد الفلسفي الإنساني العقلاني في الموروث الإسلامي في العلوم الأساسية مثل الفلسفة وعلم الكلام.
لم تقدم الصحوة خلال ثلاثين عامًا من السيطرة الاجتماعية والوصاية المجتمعية أيًا من أفكار ثقافية أو حضارية، حتى بدا الانغلاق الفكري وأحادية التوجه هو العامل المشترك داخل المجتمع السعودي. طمست الصحوة مكنون الوسطية والاعتدال. المطلع على تاريخ وأدبيات الصحوة يعلم أن المنطلق الأدبي هو مأخوذ من نظريات سيد قطب (خصائص التصور الإسلامي ومقوماته) التي هي أن للإسلام رؤيته الخاصة للعالم والتي تميزه عن مختلف الفلسفات والمنظومات الفكرية والمعتقدات، ومن ثمَّ يتم رفض جانب وافر من الفكر الإسلامي الوسيط بذريعة تأثره بالروافد الإغريقية والرومانية والفارسية، كما يتم رفض الفكر الحداثي والتنويري بالحجة نفسها، ومن ذلك ندرك جمود فكر الصحوة والإخوان والسلبية تجاه الفلسفة حتى لو كانت إسلامية. والنظرة السلبية لعلم الكلام الذي تعتبره الجماعة لغوًا فكريًا يدمر العقيدة الحقة ويخرج الإنسان من الدين.
السلبية تجاه الفلسفة وذلك من ثوابت فكر الإخوان ونجده بقوة لدى رموز تيار الصحوة. ولا بدَّ من التبيين هنا أنه ليس من الصحيح ما يقوله دعاة الصحوة من أن الفلسفة الإسلامية مجرد ترجمة للنصوص الإغريقية، بل إنها تشكلت وتطورت في سياق طرح عقدي في الفكر الإسلامي. النظريات الفلسفية أصبحت منذ القرن الرابع بعد الرسالة من العوامل المشتركة المتداولة في الفكر الإسلامي دون أن تثير أي اعتراض، نفس الأمر يصدق على الفكر الإسلامي الوسيط الذي اعتمد إلى حد بعيد نظرية الفضيلة الأرسطية واعتبرها الصياغة العقلانية لمبدأ الاعتدال والتوسط في الشريعة.
تأثير الصحوة (الغفوة) على المجتمع السعودي عميق وكبير بدءًا من أحادية الفكر والغلو في أمور الدين والدنيا إلى مصادمة الدولة وتكفير المجتمع ووضع أفراد المجتمع في فريقين: فريق الحق، وفريق الباطل.
قال ولي العهد محمد بن سلمان، عن الصحوة “السعودية لم تكن كذلك قبل 1979، السعودية والمنطقة كلها انتشر فيها مشروع الصحوة بعد عام 1979 لأسباب كثيرة لا مجال اليوم لذكرها، فنحن لم نكن بالشكل هذا في السابق”.
وتابع قائلاً: “نحن فقط نعود لما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب، 70 في المئة من الشعب السعودي أقل من 30 سنة وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة سوف ندمرهم اليوم بإذن الله. الصحوة سوف تكون حبيسة كتب النقد والتاريخ لهذا علينا النظر للمستقبل.. طموحنا عنان السماء والمستقل لنا”.
كاتب ومحلل سياسي*
@Mr_Alshammeri
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر