سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
سافواثي إي كي
بعد احتجاجات لا هوادةَ فيها، أُجبرت إدارة “هونغ كونغ” على الرضوخ لتعليق مشروع قانون بشأن تسليم المجرمين كان يمكن أن يطرد أشخاصًا خارج المدينة لأي ولاية قضائية، بما في ذلك الصين نفسها. وربَّما تكون النتيجة مجرد إسغاثة قصيرة الأجل للسكان المحليين، لكنها حققت أيضًا انتصارًا تاريخيًا للمدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث يتردد صداها فيما وراء “هونغ كونغ” نفسها.
وقد أثارت الاحتجاجات في “هونغ كونغ” الكمبوديين، الذين لا يزالون مشتتين داخل بلادهم وخارجها، حيث يطالب معظمهم بحقوقهم في بلادهم من قبل حاكمها “هون سين”.
ليس السؤال هنا هو: هل يستطيع الكمبوديون محاكاة احتجاجات “هونغ كونغ”، بل لماذا يواصل المجتمع الدولي إضفاء الشرعية على نظام “هون سين”؟
وبالنسبة للكمبوديين، فقد كانت احتجاجات “هونغ كونغ” بمثابة صراع رمزي من جانب منطقة صغيرة كانت تُعتبر ذات يوم مركزًا ماليًا ينطوي على نفسه، بالإضافة إلى مصالح أخرى، لكنه يُنظر إليه الآن باعتباره قويًا بما يكفي للوقوف في وجه الصين. فقد أسفرت المظاهرات الاحتجاجية في “هونغ كونغ” عن آثارٍ إيجابية، حيث تضمنت حالة تشجيع للمحتجين. وبالتالي سيقوم ضحايا كمبوديا الخائفون بالتطلع إلى شجاعة “هونغ كونغ” في الكفاح ضد قيادتهم من أجل حقوقهم بموجب دستور البلاد.
تجاهل المتظاهرين الكمبوديين
ليس من الممكن أن تندلع احتجاجات “هونغ كونغ” في وقت أفضل بالنسبة للحزب المعارض الكمبودي المحظور، الذي قيل في وقت لاحق من هذا العام إنه عازمٌ على العودة إلى دياره من المنفى.
لقد تجاهل “هون سين” القرارات التي أصدرها الاتحاد الأوروبي لإعادة حزب الإنقاذ الوطني في كمبوديا، وإجراء انتخابات وطنية في يوليو 2018، متحديًا البيان المشترك الذي أصدرته 45 دولة، بقيادة نيوزيلندا، في مارس 2018، بما يعني أن هذا النظام لم يعد يهتم كثيرًا بحياة الكمبوديين أو بمكانته على الساحة الدولية.
فالمجتمع الدولي يواصل الوقوف مع “هون سين”، الذي يسير نحو تدمير بلاده. كما كتب أحد المعلقين في هيئة الإذاعة البريطانية أن “البلاد أجرت انتخابات منتظمة ومتنازع عليها منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من وجود مزيج من الضغوط الشعبية، نجح “هون سين” في البقاء في السلطة منذ عام 1985. والآن يصمم “هون سين” على حل الحزب المعارض، وبالتالي، التجربة الديمقراطية التي ولدت في كمبوديا عام 1991.
النضال لحماية القيم الديمقراطية
نظرًا لكونهم ضحايا لأنظمةٍ قمعيةٍ، فإن الكمبوديين في جميع أنحاء العالم يشتركون في مخاوف مشتركة مع “هونغ كونغ” ويحثون شعبها على الدفاع عن حقوقهم. ففي مواجهة احتمال تجريدهم من حقوقهم وقيمهم، كما فعل “هون سين”، في اتفاقيات باريس للسلام لعام 1991، فإن لشعب “هونغ كونغ” هدفًا مشتركًا مع الكمبوديين، وهو الانتقام من دولتهم الاستبدادية.
في مواجهة المستقبل الغامض الذي أسفرت عنه سياسة “دولة واحدة ذات نظامين” بحلول عام 2047، فإن ما يتبقى أمام مواطني “هونغ كونغ”، شأنهم شأن الكمبوديين، هو الشجاعة والأمل.
أمَّا بالنسبة لأبناء “هونغ كونغ”، فقد كانت الحقوق الديمقراطية الأساسية تمثل نسيجًا لأسلوب حياتهم المزدهرة والقيم والتقاليد التي كانت موضع إعجاب العديد من الدول، بما في ذلك كمبوديا.
ومع ذلك، فعندما يدافع أبناء كمبوديا في ظل النظام الحالي عن قيمهم وحقوقهم الإنسانية، وذلك بخلاف أبناء “هونغ كونغ”، فغالبًا ما تواجه جهودهم بقوة مميتة.
وبخلاف سكان “هونغ كونغ”، فعندما يحتج الكمبوديون، فإن تطلعاتهم وشجاعتهم تكون لها حدود محددة، وبخاصة عندما حذرهم “هون سين” بوحشية وتهديد قائلاً لهم: “بدوني، فإن الحرب الأهلية أمر لا مفرَّ منه”.
لقد تمَّ منح “الحقوق” الكمبودية، إما من قِبَل فيتنام بعد أعقاب غزو عام 1979، أو في أعقاب إنشاء دولة ذات سيادة من خلال اتفاقيات السلام المتعددة الأطراف الدولية في عام 1991. لكن حينما يعمل أبناء “هونغ كونغ” على حماية حقوقهم، يكون ذلك بدون أي إخلاص من رعاية أصحاب الملك المحلي أو الدول ذات السيادة الأخرى.
ورغم تحدي المتظاهرين، وبرغم أيضًا أن الرئيس التنفيذي لشركة “هونغ كونغ كاريلام” يشغل هذا المنصب بموافقة بكين، فإن إدارته لم تتخلَ عنها بالطريقة التي يعامل بها “هون سين” المتظاهرين الكمبوديين.
هل هي الثقة في الصين؟
بحلول عام 2047، وعندما يتم دمج “هونغ كونغ” رسميًا باعتبارها ملكية سيادية غير قابلة للتصرف تحت تبعية الصين، سيظل الكمبوديون يكافحون رغم كونهم مواطنين لدولة تقع في فخ ديون، وهو ما وصفه وزير الخارجية الأسترالي السابق “غاريث إيفانز”، بأنها بمثابة “فروع مملوكة بالكامل لبكين”.
ومنذ أحداث “حركة المظلة” التي وقعت عام 2014، ومع تدخل الصين المتزايد في تفسير القانون الأساسي لـ”هونغ كونغ” على أنه “نظام رأسمالي وأسلوب للحياة” ومنحه “درجةً عالية من الاستقلال الذاتي”، فإن أفعال الصين السابقة تستهدف وتتحدث عن المستقبل.
إن مأساة الكمبوديين، بخلاف حالة “هونغ كونغ”، وهي أنه لا أحد من الفاعلين الخارجيين يدين “هون سين” بالولاء لفيتنام. وكان المتظاهرون الكمبوديون قد واجهوا في الماضي قوة غاشمة، بينما كانوا في “هونغ كونغ” يتمتعون باحتجاجات سلمية، وكانت تحاصرهم قوةٌ وحشيةٌ لـ”هون سين” وقيادته الحديدية.
إن الأدلة الأخيرة على دعوة “هون سين” لرئيس وزراء سنغافورة “لي هسين لونغ” لتذكيره بالغزو الفيتنامي لكمبوديا الذي وقع عام 1979، تدعم الادعاءات بأن “هون سين” يخدم كمبوديا لحماية تركة فيتنام بدلاً من الحفاظ على رخاء وسلام بلاده. كما تدعم هذه الادعاءات أيضًا شروع “هون سين” في بناء 24 نصبًا تذكاريًا في جميع أنحاء البلاد مكرسًا لخدمة فيتنام.
وفي مواجهة قيادة قاسية، يمضي المتظاهرون الكمبوديون في كفاحهم، حتى لو لم يكن هناك دعم دولي. فقد تمت متابعة جهودهم وتحويلها إلى فيلم وثائقي بعنوان (ربيع كمبوديا). وبمراجعة لأبرز الأفلام الوثائقية نجد أن تعرضهم للظلم يحفزهم على العمل، لكن المتظاهرين من كافة الأعمار يُقَابَلون بوحشية؛ حيث تستهدفهم مدافع المياه، ويتعرضون بالضرب على يد الشرطة.
مستقبل كمبوديا وهونغ كونغ
بالنسبة إلى “هونغ كونغ”، وبخلاف الكمبوديين، فمن غير المرجح أن تستخدم القيادة الصينية في المستقبل القريب سفراءها في الخارج لدعم النظام الصيني، كما يفعل “هون سين” من خلال الشبكة التي يديرها في جميع أنحاء العالم الغربي، بما في ذلك أستراليا.
بجانب ذلك، يحتمل أن يكون بين أبناء “هونغ كونغ” والكمبوديين، تشابه في كون حقوقهم مقيدة بشدة وتتحرك بلا رحمة من قبل دولتهم الاستبدادية. وبقدر ما يتعلق الأمر بالدعم الدولي، فمن المحتمل ألا تتلقى “هونغ كونغ” ولا كمبوديا أي إجراءٍ ذي معنى. على أن ذلك لا يعني، كما في حالة كمبوديا، أن المجتمع الدولي مُحِق في إلغاء مسؤوليته بالاعتراف بـ”هون سين” ونظامه كحكومة شرعية.
فقد تعرضت أستراليا لانتقادات بسبب غض الطرف عن احتجاجات “هونغ كونغ”، أو كما كتب “كريس أولمان” المحلل بجريدة “سيدني مورنينج هيرالد” الذي يتساءل: “ما الذي يخيف أهل هونغ كونغ بشأن الحزب الشيوعي الصيني ومراوغة الكثير من الأكاديميين الأستراليين وقادة الأعمال والسياسيين السابقين؟”.
ويمضي “أولمان” قائلاً إنه “يجب على الناس أن يعلموا أيضًا أنه لن يقوم أحد بمساعدتهم. إذ سوف تراقب دول مثل أستراليا حالة الإقصاء والتعتيم، حتى لا تقتلع شجرة المال. فلا تتوقعوا مسيرات من الشجاعة هنا، ذلك أن مشكلة أستراليا مع الصين ليست أنها حازمة جدًا، بل إننا ضعفاء”.
وأخيرًا، فإن أهالي “هونغ كونغ” والكمبوديين يتشاركون في القيم والتطلعات المشتركة. وكلما حرمهم قادتهم من حقوقهم الديمقراطية الأساسية، أصبحوا أكثر جرأة وشجاعة. ذلك أن كليهما يعلم أنه من الأفضل التضحية حاليًا بدلاً من الصمت.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: آسيا تايمز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر