سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمد العريان
تصاعدت مشكلات المستثمرين الأجانب في الصين. الأمر ليس مجرد مسألة سوق أسهم ذات أداء ضعيف بشكل كبير ومجموعة من سندات شركات يتم تداولها بأسعار متدهورة.
بسبب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال الأشهر القليلة الماضية، هناك أيضا قلق حقيقي حول قابلية الاستثمار في السوق. لا تزال المسألة مفتوحة على مصراعيها.
بالنسبة إلى مستثمري الأسواق الناشئة على وجه الخصوص، هل هذا يعادل “لحظة يوكوس” قبل نحو 20 عاما حينما عاشت السوق الروسية حالة صدمة من استيلاء الحكومة على شركة النفط قبل انتعاشها؟ أم أنها بداية عملية إعادة تنظيم صينية طويلة الأجل يتم خلالها معاملة الغربيين مرارا وتكرارا على أنهم شريحة صغرى من استثمار مالي عالي المخاطر، ستكون أول المتضررين من أي صدمة؟
الأرقام صارخة. حتى الآن هذا العام، كان أداء مؤشري شنغهاي وهانج سنج أقل من أداء مؤشر ستاندرد آند بورز بنحو 20 و30 نقطة مئوية على التوالي. شهد مستثمرو السندات انخفاضا حادا في الأسعار في عدد ملحوظ من حيازات الشركات الصينية. حدث كل هذا على الرغم من أن الصين كانت من بين أوائل الاقتصادات التي تعافت بقوة من الضربة الاقتصادية بسبب كوفيد في 2020.
تباطأ هذا التعافي الآن وأدت حالات تفشي كوفيد – 19 إلى تعطيل النشاط مرة أخرى. مع ذلك، كان الدافع الرئيسي لضعف أداء الأصول الصينية هو التدخل الحكومي لتغيير الأوضاع التشغيلية والمالية لكثير من القطاعات. تتنوع الدوافع من الحاجة إلى إيقاف الديون المفرطة والرافعة المالية إلى إعادة كبار رجال الأعمال الأثرياء إلى الأرض كجزء من تركيز الحكومة الجديد على “الرخاء المشترك”.
عملية إعادة تسعير الأصول المالية الصينية الناتجة عن ذلك مرت بثلاث مراحل: انخفاض حاد أولي في تقييم القطاع المستهدف، ثم إعادة تسعير أكثر تعميما بسبب مخاوف من انتشار التدخل الحكومي، وأخيرا، انتعاش متواضع لكن ملحوظ مع توقف التدخلات فجأة. كان هذا الانتعاش مدفوعا أيضا بتجنب كارثة مالية، حتى الآن، ناجمة عن متاعب شركة إيفرجراند للتطوير العقاري.
بالنسبة لبعض المستثمرين هذه فرصة ذهبية – من نوع نافذة التجاوز التي تفتح أحيانا في الأسواق الناشئة وتوفر للمستثمرين عوائد وافرة لأعوام عديدة. بالنسبة إلى مستثمرين آخرين، إنه الهدوء الذي يسبق عاصفة أخرى.
يتطلب الاختيار بين هاتين الفرضيتين المتعارضتين تقييما سياسيا صعبا. يذكرنا هذا بحالة حدثت في روسيا، يتذكرها المستثمرون في شركة يوكوس بشكل مؤلم. في ذلك الوقت كانت الخسائر المالية الأولية كبيرة بعد أن لاحقت الحكومة الروسية شركة النفط. لكن التدخلات التخريبية لحكومة موسكو تباطأت لاحقا بعد تلقي الشركة رسالة صريحة وواضحة من فلاديمير بوتين. الأمر الذي أعقب ذلك هو انتعاش بنسبة 25 في المائة في السندات المعيارية الروسية بين أدنى مستوى وصلت إليه شركة يوكوس في 2004 وأيلول (سبتمبر) 2005 وضعف الرقم تقريبا في سوق الأسهم.
هذا ما يراهن عليه مشترو الأصول وقت الانخفاض في الصين. يعتقدون أن بكين أوضحت وجهة نظرها وأن الوضع سيعود إلى ما كان عليه – ربما ليس بقدر النموذج السابق الذي كان ينظر فيه إلى الحكومة على أنها دعامة مالية موثوقة ولكن على الأقل دورها محايد.
لكن هناك تفسير آخر له تداعيات استثمارية متعارضة – التدخل الحكومي سيستأنف ويصل إلى قطاعات أخرى. إنه جزء من إعادة تنظيم أكبر للنظام الاقتصادي والمالي الصيني الذي تغذيه الاعتبارات الداخلية والخارجية.
داخليا، يتعلق الأمر بإعادة تأكيد سلطة الدولة وتقييد سلطة فاحشي الثراء، كهدف مستقل وكجزء من حملة الرخاء المشترك.
خارجيا، يتعلق الأمر ببيئة عمل أقل استيعابا للجغرافيا السياسة بشكل عام، ولا سيما وأن إدارة جو بايدن تظهر القليل من الاهتمام بالابتعاد عن الموقف الأكثر قوة تجاه بكين. هذه إحدى القضايا القليلة التي تحظى بدعم الحزبين في الكونجرس الأمريكي. في عالم كهذا، تشعر الصين أنها بحاجة لتقليل الاعتماد على علاقاتها الاقتصادية والمالية مع الغرب. ويصبح هذا الفصل الجزئي أولوية للرفاهية الاقتصادية على المدى الطويل.
أنا، مثلا، لا أستطيع أن أختار بثقة أحد هذين الرأيين المتعارضين على الرغم من أن التقييمات النسبية العالمية تفضل بوضوح الأصول الصينية. هذا لا يعني التخلي تماما عن الاستثمارات الصينية. لكن نظرا لأننا لا نعرف ما إذا كان سيتم استهداف شركة يوكوس الصينية التالية ومتى وكيف يمكن ذلك، فإن ذلك يدعو إلى الحذر الشديد في تقييم الشركة، واختيارها بشكل دقيق للغاية، وإعادة تقييم للجغرافيا السياسية بشكل مستمر.
المصدر: صحيفة الاقتصادية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر