سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مانوج هارجاني
في 21 أبريل 2021، أعلن الاتحاد الأوروبي عن مشروع قانون لتنسيق قواعد الذكاء الاصطناعي للدول الأعضاء. ومن المحتمل أن تكون أهداف القانون مرغوبة للعديد من دول جنوب شرق آسيا، لا سيَّما بالنظر إلى القلق المتزايد بشأن المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتكثيف المنافسة بين الصين والولايات المتحدة.
يتضمن أحد الجوانب الرئيسية لاقتراح الاتحاد الأوروبي تصنيف الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي وفقًا لأربعة مستويات من المخاطر، تتراوح من غير مقبول إلى حد أدنى. يتم دعم ذلك من خلال التزامات محددة عند نشر أنظمة عالية المخاطر. لتجنب العقوبات، سيتعين على مزودي النظام إثبات الامتثال قبل وبعد النشر في السوق. يُستكمل مشروع القانون بتحديث لخطة تنسيق الذكاء الاصطناعي الحالية التي تهدف إلى تنسيق السياسات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كما يوفر التحديث أيضًا ما لا يقل عن مليار يورو (1.2 مليار دولار أميركي) سنويًا في الاستثمارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي من 2021 إلى 2027.
سيكون قرار الاتحاد الأوروبي بمواءمة سياسات الذكاء الاصطناعي على المستوى الإقليمي ذا صلة متزايدة بجنوب شرق آسيا. بالإضافة إلى أنه ستشهد صادرات التكنولوجيا ذات الأسعار التنافسية التي تسهلها مبادرة “طريق الحرير الرقمي الصينية”، وصول العديد من دول جنوب شرق آسيا إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال الشركات الصينية. التكنولوجيا ليست محايدة، وهناك إمكانية في نفس الوقت لاستيراد المعايير والقيم الممثلة في خيارات التصميم لمزودي النظام.
كما يمكن أن يكون هناك درجة معينة من الانتفاع السياسي بدافع من المخاوف بشأن إساءة الاستخدام، دفعت بعض الشركات الأميركية مثل “آي بي إم” للحد من صادرات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تتضمن التعرف على الوجه. وفي المقابل، أبدت الشركات الصينية استعدادها لتصدير هذه التكنولوجيا على الرغم من هذه المخاوف. كما تعدُّ شركات التكنولوجيا الصينية مثل: “هواوي”، و”هيكفيجن”، و”داهوا”، و”زد تي إي”، من العوامل الدافعة للارتفاع العالمي في المراقبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، مع الصادرات إلى العديد من دول جنوب شرق آسيا.
تتمتع دول جنوب شرق آسيا بخبرة في الامتثال للنظام الأوروبي العام لحماية البيانات. كما أدى الامتداد الواسع للنظام الأوروبي العام لحماية البيانات خارج الحدود الإقليمية إلى قيام العديد من دول جنوب شرق آسيا بنمذجة تشريعاتها الخاصة على غرار ذلك. قد يكون لمشروع قانون الاتحاد الأوروبي بشأن الذكاء الاصطناعي تأثير مشابه “لتأثير بروكسل”.
لم تشارك معظم دول جنوب شرق آسيا بشكل كبير في إنتاج الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي، ولا تشكل هذه المنتجات والخدمات جزءًا مهمًا من التجارة بين المنطقتين. وتعدُّ سنغافورة استثناء، حيث وجهت استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي نحو الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي في السوق العالمية. وقد يكون “تأثير بروكسل” لمشروع قانون الاتحاد الأوروبي بشأن الذكاء الاصطناعي محدودًا في جنوب شرق آسيا في الوقت الحالي على الرغم من أن المنطقة من المرجح أن تدرس أحكام الاتحاد الأوروبي من حيث صلتها بأهداف السياسة الخاصة بها. وبدلاً من ذلك، فمن المرجح أن تجد دول جنوب شرق آسيا قضية مشتركة مع الاستراتيجيات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي الموضحة في خطة التنسيق الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
من العقبات الرئيسية التي تواجه جنوب شرق آسيا في تبني دليل الاتحاد الأوروبي، أن المنطقة أقل تكاملاً نسبيًا كبيئة سوقية وتنظيمية. لكن رابطة دول جنوب شرق آسيا (أسيان) تتخذ خطوات في الاتجاه الصحيح. كذلك خلال الاجتماع الرقمي الأول للوزراء في يناير 2021، تبنى التجمع الخطة الرئيسية الرقمية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (أسيان) 2025 التي تدعو إلى سياسة إقليمية لتقديم إرشادات أفضل الممارسات بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات.
قد لا تُترجم الخطط إلى تكامل أكبر، لا سيَّما إذا كان التنفيذ طوعيًا، ويُترك لتقدير الدول الأعضاء. وعلاوة على ذلك، يجب على رابطة دول جنوب شرق آسيا معالجة الفجوات التنظيمية القائمة لتدفقات البيانات عبر الحدود – وهو أمر بالغ الأهمية لتطوير الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي – الناشئة عن متطلبات توطين البيانات الشخصية عبر الدول الأعضاء فيها. وكذلك يمكن أن تساعد البنود التعاقدية النموذجية لتدفقات البيانات عبر الحدود التي تمَّ إطلاقها في يناير 2021 في معالجة هذا الأمر إذا جرى تبنيها على نطاق واسع ومتسق.
سيكون للتصديق على اتفاقيات التجارة الحرة التي تتضمن أحكامًا تتيح تدفق البيانات عبر الحدود، التأثير الأكبر في اعتماد تشريعات بشأن الذكاء الاصطناعي. لكن لسوء الحظ، تسمح اتفاقية التجارة الرئيسية لرابطة دول جنوب شرق آسيا – الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة – للأطراف بفرض قيود على تدفق البيانات عبر الحدود ما دام تطبيقها يجري على الشركات المحلية والأجنبية. ولكن بدون آلية قابلة للتطبيق لحل النزاعات، يمكن للبلدان أن تفلت من القيود التمييزية.
صادقت دولتان فقط من الدول الأربع الموقعة على الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ – سنغافورة وفيتنام – على الاتفاقية ونفذت أحكامها الخاصة بالتجارة الرقمية “المعيار الذهبي” التي تدعم تدفقات البيانات عبر الحدود. وقطعت سنغافورة خطوة إلى الأمام من خلال توقيع اتفاقيات الاقتصاد الرقمي مع تشيلي ونيوزيلندا في يونيو 2020، وأستراليا في ديسمبر 2020، والتي تتضمن أحكامًا محددة للتعاون في الحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي. ولا يزال نهج سنغافورة بعيدًا عن المنطقة.
أطلقت معظم الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (أسيان)، تطوير استراتيجيات وأطر حوكمة وطنية للذكاء الاصطناعيـ أو تعمل على تطويرها. كما يمكن أن تشكل هذه في النهاية الأساس لبيئة تنظيمية أكثر تنسيقًا للذكاء الاصطناعي في المنطقة. كذلك يمكن للنهج القطاعي – الذي يركز على الذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية أو التصنيع أو الرعاية الصحية – أن يساعد في بناء أرضية مشتركة تدريجيًا لتنسيق سياسة الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع واعتماد لوائح متسقة عبر المجموعة كلها.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: eastasiaforum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر