هل يمهّد وقف إطلاق النار بأفغانستان الطريق للسلام؟ | مركز سمت للدراسات

هل يمهّد وقف إطلاق النار بأفغانستان الطريق للسلام؟

التاريخ والوقت : الخميس, 21 يونيو 2018

تحليل/ أنطوني وانيس، وسكوت آر وردين

 

عرضت حكومة أفغانستان على طالبان في السابع من يونيو، وقفًا أحادي الجانب لإطلاق النار، مدة أسبوع، ابتداء من 12 يونيو، وذلك احتفالاً بنهاية شهر رمضان المبارك. بيْدَ أن وقف إطلاق النار لا يعني اتفاقية سلام، لكنه من الممكن أن يمهد لاتفاق سلام.

إن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، هو عمل إنسانيفي المقام الأول، حيث يساعد في إنقاذ الكثير من الأرواح أثناء فترة وقف القتال. ومن أجل وقف إطلاق النار، الذي يعد الأول من نوعه منذ 2001، والذي يعد – أيضًا – نصرًا سياسيًا، ينبغي على الأطراف العمل على الخطوات التالية للتفاوض بدلاً من الحرب. ورغم أن وقف إطلاق النار أبعد ما يكون عن التوصل لعملية سلام قابلة للتطبيق، فإنه يمثل نقطة تحول لا ينبغي التفريط فيها.

 

وجاء قبول طالبان لقرار وقف إطلاق النار ليمثل مفاجأة كبيرة، حيث يبدو أن كلا الجانبين مستعدان لمواصلة القتال، ولم يتحقق سوى تقدم ضئيل في عملية السلام. ومع ذلك، فعلى مدى العام الماضي تمَّ وضع أساس لهذه اللحظة؛ فالوضع العسكري في مأزق، في حين أن الإجهاد الداخلي والخارجي الناتج عن القتال يعزز احتمالات وقف إطلاق النار بشكل كبير.

وقد قدّم الرئيس الأفغاني، في وقت سابق من هذا العام، عرضًا على طاولة المفاوضات مع طالبان، وأعقبها إعلان طشقند في 28 مارس 2018، من قبل الدول المحيطة لأفغانستان التي تدعم  عملية السلام باعتبارها أفضل طريقة لإنهاء النزاع.

كما أعلن الجنرال الأميركي جون نيكولوسون، قائد بعثة الدعم الطارئة في أفغانستان، أن القوات الأميركية ستلتزم وقف إطلاق النار أيضًا. ومن جانب آخر ردت حركة طالبان بوقف مماثل لإطلاق النار لمدة 3 أيام فقط، ابتداء من 15 يونيو.

وستواصل الولايات المتحدة حربها ضد الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم “داعش” الذي يعمل داخل أفغانستان، إلا أن ذلك لا يعد وقفًا كاملاً للقتال بأي حال من الأحوال، إلا أنه يمثل فرصة لافساح الطريق نحو وقف محتمل للقتال.

لكن عملية وقف إطلاق النار يمكن أن تفشل نتيجة لأسباب عديدة، أهمها أنها جاءت أحادية الجانب، كما أنه عادة ما تحسب عمليات وقف إطلاق النار على أعلى المستويات القيادية السياسية والعسكرية، لكن في تلك الحالة يمكن اختراقها وكسرها من قبل المقاتلين عند المستويات الأقل.

كما أن التفتت داخل الأطراف المقاتلة من شأنه أن يؤدي إلى انشقاقات، بالإضافة إلى ذلك، فإن تحديات الرقابة تحد من القدرة على مواجهة الانتهاكات وتصاعدها. كما أن الأطراف المقاتلة تستغل وقف إطلاق النار – أحيانًا – لإعادة تنظيم صفوفها وتستعد للعودة إلى الحرب، ومن ثَمَّ يُرجح أن تحدث انتهاكات؛ وهو ما يفرض على الأطراف الالتزام بتعهداتها من أجل الحصول على منفعة من وقف إطلاق النار لإنهاء النزاع. وعلى ذلك، فإن أكثر الطرق فاعلية لمنع تلك الانتهاكات والحفاظ على الهدنة، تكمن في إنشاء قناة تواصل دائمة للأطراف للتحدث عن الانتهاكات المزعومة بدلاً من الانخراط في عمليات انتقامية.

 

إن أفضل طريقة للفرقاء الأفغانيين والمجتمع الدولي للاستفادة من تلك الفرصة لوقف إطلاق النار، هي مراقبة تلك العملية بدقة حتى يسهل توسيع نطاقها لاحقًا، وذلك من خلال إعلان مشترك، أو مجرد الاستمرار في وقف القتال.

وهذا ما يتبناه مجموعة من المواطنين داعمي عملية وقف إطلاق النار المنتمين إلى إقليم هلمند، الذين يصلون هذا الأسبوع إلى كابول بعد مسيرة طويلة خاضوها أثناء شهر رمضان، دعمًا لوقف القتال الذي دام ثلاثة أشهر وذلك لحماية الأرواح البشرية. ومن ثَمَّ، فإن تمديد وقف إطلاق النار الحالي، من شأنه أن يوضح نوايا الأطراف تجاه التفاوض بشأن الاختراقات السياسية المختلفة.

والأهم من ذلك، أن الوقت قد يبدو مناسبًا للجميع لدعوة طرف ثالث ومحايد لدعم عملية سلام تؤدي إلى دمج حركة طالبان في النظام السياسي الأفغاني بصفتهم غير مقاتلين.

ويمكن أن يحدث ذلك عن طريق السماح للأمين العام للأمم المتحدة بتعيين وسيط دولي للسلام، أو قيام مجلس الأمن الدولي بتعيين بلد، أو منظمة محايدة، للقيام بتلك المهمة. وحتى من دون موافقة الأمم المتحدة، يمكن للمقاتلين من الجانبين أن يدعوا، بالتوافق فيما بينهم، دولة محايدة، أو إحدى الشخصيات الدولية، للمساعدة في إجراء محادثات سلام.

 

لقد كان هناك العديد من القنوات الخلفية والاتصالات غير الرسمية بين الفصائل السياسية في أفغانستان وحركة طالبان، إلا أن تلك القنوات لم يتم تجميعها بعدُ في محادثات منظمة بشكل قوي. وسيكون هدف الوسيط في هذه الحالة، هو تنظيم محادثات متنوعة في حوار بناء يعالج بصورة منهجية العناصر الرئيسة لاتفاق السلام، بما في ذلك سياسات إعادة دمج المقاتلين السابقين والإصلاحات الدستورية.

كما أن استخدام وقف إطلاق النار كخطوة نحو عملية سلام أكبر، يدعم أهداف الولايات المتحدة والسلم والأمن الدولي. ومن ثَمَّ، فعلى واشنطن أن تمضي في دعم وقف إطلاق النار من جانب حكومة أفغانستان ومساعدتها على محاربة الجماعات المرتبطة بالقاعدة وتنظيم “داعش”. لكن في المقابل، ينبغي للولايات المتحدة أن تدعم بقوة الوساطة بين الأطراف من أجل تحقيق عملية سلمية مستقرة في أفغانستان.

 

إن عملية السلام من شأنها أن تؤدي إلى اتفاق سياسي بوساطة قوية ومحايدة، وهو ما يعد الطريقة الفضلى للبناء على وقف إطلاق النار الحالي.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: موقع أفريكان ريبورت

 

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر