هل يقضي اعتماد السلفادور “بتكوين” على مستقبل العملات المشفرة؟ | مركز سمت للدراسات

هل يقضي اعتماد السلفادور “بتكوين” على مستقبل العملات المشفرة؟

التاريخ والوقت : الأربعاء, 15 سبتمبر 2021

Aaron Brown

 

شهدت عملة بتكوين وقتاً عصيباً يوم الثلاثاء، إذ تراجعت بنسبة 10% تقريباً، في يوم كان يجب أن يكون سبباً للاحتفال بصعودها.

للمرة الأولى، أصبحت بتكوين عملة قانونية في دولة ذات سيادة، السلفادور. لكن الثغرات الفنية في عملية الإطلاق، والمظاهرات ضدّ اعتماد العملة المشفرة، أفسدت الظهور الأول لها، وأدت إلى تراجع جاذبية العملات المشفرة الأخرى.

كانت المشكلات من النوع الذي يمكن أن ينشأ مع أي طرح جماعي، خصوصاً من قبل الحكومة، وقد يتبيّن أن الاضطرابات الفورية طفيفة وقصيرة الأجل. مع ذلك تشير هذه المشكلات إلى عنصر مجهول أكبر قد يكون أكثر أهمية في تشكيل تطور بتكوين، ألا وهو: هل يقبل الناس التعامل بتلك العملة فعلياً؟

أتذكر في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان أحد أكبر الأسئلة للمستثمرين عبر الإنترنت هو: كم عدد الأشخاص الذين يرغبون في شراء أجهزة كمبيوتر، ودفع رسوم الحصول والتعرف إلى أجهزة الكمبيوتر والمتصفحات، للاستفادة من شبكة الإنترنت العالمية؟ لولا الاعتماد الشامل أو التبنّي الجماعي (وهو ما حدث بالطبع) لما كانت الشركات والحكومات والكيانات الأخرى ستطوّر كابلات الألياف الضوئية والخوادم والبنية التحتية الأخرى، التي تجعل خدمة الإنترنت سريعة ورخيصة، وفي كل مكان.

ينطبق هذا الأمر على العملات المشفرة. يمكن أن تزدهر بعض العملات المشفرة في خلفية المشهد، إذ يقتصر النشاط إلى حد كبير على مجموعات صغيرة من المستخدمين المتخصصين ومعظم الناس غير مدركين لها، لكنّ كثيراً من الآفاق الواعدة للعملات المشفرة يحتاج إلى مليارات الأشخاص لإدماجها في حياتهم اليومية، وهذا سيؤدي بدوره إلى دفع الأجهزة والبرامج والاستثمارات الأخرى التي يمكن أن تجعل اعتماد العملات المشفرة سريعاً ورخيصاً وسهل الاستخدام، ومنتشراً على نطاق واسع مثل الإنترنت.

المستثمرون.. 4 فئات

يندرج معظم مستخدمي العملات المشفرة حتى الآن في واحدة من أربع فئات: عشاق التكنولوجيا الذين يحبّذون الفكرة، المستثمرون الذين يحبون تقلبات السوق والرافعة المالية والطبيعة غير المنظمة للسوق، الأشخاص الذين يحتاجون إليها حقاً (بما في ذلك سكان البلدان التي تعاني من العملات المنهارة والقيود المالية، والأشخاص الذين يحوّلون مبالغ صغيرة من المال إلى الخارج، والمحتالون الذين يطلبون الفدية)، المتخصصون في مجال التطبيقاتالمتخصصة.

أحد أسباب عدم وجود استخدام أوسع للعملات المشفرة هو أنه لم يبتكر أحد حتى الآن “التطبيق الخارق” الجذاب والقوي لدرجة أن الجميع تقريباً يستخدمونه. لكن هناك سبب آخر، وهو رفض الحكومات وحداثة الفكرة.

تعد السلفادور حالة اختبار لكيفية ازدهار العملات المشفرة بدعم وتشجيع قويين من جانب الحكومة. كان ما يقدر بنحو 10% إلى 20% من سكان السلفادور يستخدمون العملة المشفرة بالفعل -كما هو معتاد في بلدان أمريكا اللاتينية التي تعتمد بشكل كبير على التحويلات من العمّال المغتربين- فيما تمنح الحكومة ما يعادل 30 دولاراً من “بتكوين” لجميع السكان، ما يشجع على مزيد من الاعتياد على العملة، وأن تصبح مألوفة لديهم. وإذا لم تتمكن العملة المشفرة من الحصول على القبول السريع والحماسي في مثل هذه الظروف، فيجب على المستثمرين إعادة التفكير في القيمة المتصورة لها بشكل عام.

قد يدعو نجاح استخدام العملة المشفرة في السلفادور إلى التقليد، ويمكن أن يدفع الشركات متعددة الجنسيات مثل “ماكدونالدز” إلى بناء إجراءات قوية للتعامل مع “بتكوين”، بما في ذلك التقارير المالية، والمسائل القانونية والحفظ وإدارة النقد والاستثمار والتحوّط وغيرها. وبمجرد أن تصبح هذه المعايير موحدة فإنها ستجعل اعتماد العملة المشفرة أسهل بكثير في كل مكان.

لكن هذا يحدث فقط إذا كان عديد من العملاء يستخدمون “بتكوين” حقاً. إذا ظلت السلفادور تعتمد على الدولار الأمريكي، مع استخدام “بتكوين” فقط لشراء الدولار من الحكومة، أو إذا أسقطت الحكومة التجربة في غضون بضعة أشهر، فستضيع هذه الفرصة.

حدث عادي

كانت هذه أحداث يوم واحد في اقتصاد صغير. واجهت عملية طرح عملة “بتكوين” مشكلات، لكنها لم تكن كارثة مثل موقع “هيلث كير” (Healthcare.gov) الحكومي في الولايات المتحدة، أو برنامج “ويندوز 8” (Windows 8)، وبالتالي لا يعد الانخفاض في سعر “بتكوين” حدثاً غير عادي وفقاً للمعايير التاريخية لعملة مشفرة، كان لها نصيب وافر من التقلبات الأكثر حدة.

ما حدث يعتبر تطوراً كبيراً، وأنا أعتقد أنه كذلك بالفعل. ليس بسبب تحركات الأسعار الآن، بل إن الأمر يتعلق أكثر بما سيحدث خلال الأشهر القليلة المقبلة. لن يؤدي الفشل التام في السلفادور إلى القضاء على العملات المشفرة، لكنه سيفرض مراجعة نحو الخفض للحصة السوقية المحتملة لعديد من أفكار التشفير. قد يكون النجاح في السلفادور مصدر إلهام لإجراء مراجعات تصاعدية متساوية الحجم.

 

المصدر: صحيفة الشرق “بلومبيرغ”

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر