سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمد الدخاخني
تتبادل باكستان والولايات المتّحدة الاتّهامات بشأن المسؤول عن انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتّحدة في أفغانستان، ومع ذلك، وبينما يتشاجران، يتجاهل كلا البلدين إحدى النّتائج المهمّة لسيطرة طالبان: الطّفرة القادمة في تجارة المخدرات في أفغانستان، والتي تُمثّل تهديداً كبيراً للصّحّة العالميّة. في الأعوام القليلة المقبلة، قد يتحوّل تدفق المخدّرات من أفغانستان إلى تهديدٍ أكبر من الإرهاب.
فشل التّدخّل الأمريكيّ الذي دام 20 عاماً في تفكيك اقتصاد اقتصاد المخدّرات، الّذي كان أكبر مصدر تمويل للمتمرّدين، ولم تُخف طالبان قطّ علاقاتها الودّية مع بعض أباطرة المخدرات الأفغان المعروفين، والحقيقة القاتمة هي أنّ زراعة الأفيون توسّعت من 8,000 هكتار في عام 2001 إلى 224,000 هكتار في عام 2020.
لم يكن أمراء الحرب من طالبان هم الوحيدين الذين يجنون الأموال من تجارة المخدّرات، شارك العديد من حلفاء الولايات المتّحدة، مثل أحمد والي كرزاي والجنرال عبد الرّشيد دوستم، في التّجارة نفسها أيضاً. في عام 2018، أعلن مكتب الأمم المتّحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة أنّ شمال أفغانستان، الذي كان تحت سيطرة أمراء الحرب الموالين للولايات المتّحدة بين عامي 2001 و2021، عبارة عن “مركز للهيروين”، وقبل بضعة أشهر فقط من عودة طالبان إلى كابول في وقت سابق من هذا العام، أفاد مسؤولو الأمم المتّحدة أنّ الجماعة كانت تكسب أكثر من 400 مليون دولار سنويّاً من تجارة المخدّرات.
أكبر منتج للأفيون
اليوم، تُعدّ أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم؛ فهذا البلد مسؤول عن أكثر من 80% من إنتاج الأفيون العالميّ، لكن كيف تجني طالبان المال من خلال هذا العمل غير المشروع؟ إنّها تحقّق أرباحاً من الضّرائب الّتي تفرضها على محاصيل الأفيون ومن خلال توفير الحماية للمعالجة والاتّجار، كما تُحصّل الضّرائب من المعامل الّتي تحوّل الأفيون إلى هيروين، والمثير للصّدمة أنّ الهيروين المشتقّ من الأفيون الأفغانيّ يُشكّل 95% من سوق الهيروين في أوروبا.
تُظهر بيانات قوّة مكافحة المخدّرات أنّ باكستان على الخطوط الأماميّة لتجارة المخدرات الأفغانيّة، ويمرّ 40% من حجم تجارة المخدّرات الأفغانيّة من طرقٍ تمرّ بدورها عبر باكستان
زرت سويسرا مؤخّراً لحضور فعالية تحدّثت فيها عن الدّروس المستفادة من الحرب على الإرهاب، وخلال جلسة الأسئلة والأجوبة، لاحظت قلقاً معيّناً بين الجمهور النّاطق بالّلغتين الإيطاليّة والألمانيّة؛ فقد شعر العديد من السّياسيّين والصّحفيّين المحلّيّين بالقلق من تهديد المخدرات القادمة من أفغانستان.
بعد عودتي إلى باكستان، تحدّثت إلى بعض المسؤولين الأفغان والباكستانيّين حول هذه المسألة، أكّد مسؤولون عديدون في الأمم المتّحدة أنّ أفغانستان أصبحت أكبر تهديد للصّحّة العامّة في آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتُعدّ باكستان وإيران وآسيا الوسطى وتركيا من أكثر الطّرق شيوعاً لتهريب المخدّرات الأفغانيّة إلى أجزاء كثيرة من العالم.
عصابات المخدّرات في إيطاليا وروسيا وأميركا
يُهرّب الهيروين المرتبط بأفغانستان إلى عصابات المخدّرات في إيطاليا وروسيا وحتّى في الولايات المتّحدة، ولا تُنتج مختبرات المخدّرات في أفغانستان الهيروين والحشيش فحسب، بل بدأت أيضاً في صنع الميثامفيتامين (المعروف باسم “الميث” أو “الآيس”، من نبات الإيفيدرا الموجود في البريّة في جميع أنحاء البلاد، والميثامفيتامين متاح بسهولة لطلّاب الكلّيّات والجامعات في باكستان.
في العام الماضي، لاحظت السّلطات في سريلانكا وأستراليا ارتفاعاً في عمليّات ضبط هذا المنتج القاتل، ومعظم المضبوطات كانت مرتبطة بأفغانستان.
في المؤتمر الصحفيّ الأول له بعد الاستيلاء على كابول، وعد المتحدّث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد؛ بأنّ النّظام الجديد سوف يحظر تجارة المخدّرات في أفغانستان، كما طالب بمساعدة دوليّة لتزويد المزارعين بمحاصيل بديلة.
عندما تحدّثت مؤخّراً إلى بعض قادة طالبان حول خططهم ضدّ تجارة المخدّرات، التزموا الصّمت، وشاركني بعض مسؤولي طالبان على مستوى منخفض تفاصيل إجراءات اتُّخذت ضدّ متاجر خمور في كابول واعتقال 700 من متعاطي المخدّرات في هلمند الأسبوع الماضي.
3 أطنان من الهيروين في ميناءٍ هنديّ
بعد أن استولت طالبان على أفغانستان في آب (أغسطس)، استغرق الأمر بضعة أسابيع فقط حتّى ضبطت الشّرطة أطناناً من المخدرات ليس فقط في باكستان ولكن أيضاً في الهند. في الشّهر الماضي، ضُبِط ما يقرب من ثلاثة أطنان من الهيروين في ميناءٍ هنديّ؛ المخدّرات، التي شُحنت من إيران، كانت أفغانيّة المنشأ.
أخبرتني مصادر رفيعة المستوى في وزارة مكافحة المخدّرات الباكستانيّة؛ أنّه قد ضُبط أكثر من أربعة أطنان من الأفيون والمورفين والهيروين والحشيش والكوكايين والميثامفيتامين، ومخدرات أخرى (بقيمة 626 مليون دولار) من مناطق مختلفة، فقط في شهر أيلول (سبتمبر)، وضُبط معظم المخدّرات على المناطق الحدوديّة مع أفغانستان، واعتقلت قوّة مكافحة المخدّرات 99 مهرّباً وناقلاً للمخدّرات، بينهم بعض الأفغان والنّيجيريّين، الشّهر الماضي.
تُظهر بيانات قوّة مكافحة المخدّرات أنّ باكستان على الخطوط الأماميّة لتجارة المخدرات الأفغانيّة، ويمرّ 40% من حجم تجارة المخدّرات الأفغانيّة من طرقٍ تمرّ بدورها عبر باكستان، ويتعاطى المخدّرات سبعة ملايين باكستانيّ، وفي جميع أنحاء العالم، وفق قوّة مكافحة المخدّرات، يتسبّب إدمان المخدرات في 685 حالة وفاة يوميّاً، مقارنة بـ 49 حالة وفاة يوميّاً بسبب الإرهاب.
تجارة المخدّرات الأفغانيّة يمكن أن تُصبح بلاء العالم، وقال الرّئيس الأفغانيّ السّابق حامد كرزاي، ذات مرّة: “إمّا أن تُدمّر أفغانستان الأفيون أو يُدمّر الأفيون أفغانستان
يمكن لقادة طالبان كسب قدر كبير من حسن النّية من المجتمع الدّولي من خلال اتّخاذ إجراءات ضدّ زراعة الأفيون، إذا لم تفعل الحركة ذلك، فإنّني أعتقد أنّ تجارة المخدّرات الأفغانيّة يمكن أن تُصبح بلاء العالم، قال الرّئيس الأفغانيّ السّابق، حامد كرزاي، ذات مرّة: “إمّا أن تُدمّر أفغانستان الأفيون أو يُدمّر الأفيون أفغانستان”، وهو يعيش الآن في كابول تحت حماية طالبان، ويُنصَح أن تتنبّه طالبان إلى تحذيراته.
المصدر: حفريات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر