هل نجحت قمة بوتين – بايدن في تجنّب الحرب في أوكرانيا؟ | مركز سمت للدراسات

هل نجحت قمة بوتين – بايدن في تجنّب الحرب في أوكرانيا؟

التاريخ والوقت : الإثنين, 13 ديسمبر 2021

كريم شفيق

 

تتعدد الملفات والقضايا المعقدة والمتشابكة بين الولايات المتحدة وروسيا، والتي ما تزال تشعل صراعاً وتنافساً محتدمين بينهما، غير أنّ التحولات الجيوسياسية والتاريخية قد فرضت، بالتبعية، آليات وشروط مغايرة للتعاطي مع الأزمات القائمة والتقليدية في ظل النظام العالمي متعدد الأقطاب؛ حيث إنّ ثمة محاولات جمة تجري لتخفيض حدة الصراعات، ومحاولة تسوية النزاعات.

وبالرغم من وجود أزمة في الحوار بين موسكو وواشنطن، والتي وصفها الكرملين بأنّها “ما تزال في حالة مؤسفة”، على خلفية تناقض المصالح في مناطق عديدة، لكن انخرط الطرفان في خمس محادثات ثنائية، منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن للحكم، آخرها في منتصف حزيران (يونيو) الماضي. كما عُقدت قمة افتراضية، مؤخراً، لمناقشة الأزمة الأوكرانية، والعلاقات الأمريكية الروسية، وقضايا الاستقرار الاستراتيجي والأمن السيبراني، فضلاً عن القضايا الإقليمية والملف النووي الإيراني.

خمس محادثات ثنائية بين بوتين وبايدن

ووفق الناطقة بلسان البيت الأبيض، جين بساكي، فإنّ الأزمة الأوكرانية وقضايا الأمن السيبراني والعلاقات الثنائية، ستكون محور قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن، وقالت: “ستمثل هذه المباحثات فرصة للرئيس بايدن لتسليط الضوء على مخاوفنا تجاه النشاط العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا، وتجديد تأكيد دعم الولايات المتحدة لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. كما ستمثل فرصة لبحث جملة من قضايا العلاقات الأمريكية الروسية، بما فيها الاستقرار الاستراتيجي، والأمن السيبراني، والقضايا الإقليمية”.

وتابعت: “الإدارة الأمريكية الحالية لا تسعى للتصعيد في العلاقات مع روسيا، لكنها ترنو لجعلها أكثر استقراراً. أرى أنّه بعد أن تولى الرئيس بايدن منصبه، لم تكن مهمتنا التصعيد في العلاقات، بل جعلها أكثر استقراراً… هذا بالطبع، يعني أنّه يمكننا التعبير عن مخاوفنا، وخاصة تجاه قضايا بينها الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا. كما أنّ بايدن يعتزم كذلك مناقشة القضايا المتعلقة ببرنامج إيران النووي مع بوتين”.

الناطقة بلسان البيت الأبيض جين بساكي: الأزمة الأوكرانية وقضايا الأمن السيبراني والعلاقات الثنائية، ستكون محور قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن

وشددت الأمم المتحدة، في بيان لها، على أهمية تسوية النزاع حول الأزمة الأوكرانية، وفقاً لاتفاقيات مينسك، وذكرت: “لقد أخذنا في الاعتبار التقارير الخاصة بالمحادثات عبر الفيديو بين رئيسي روسيا والولايات المتحدة؛ إذ ندرك أنّ الطرفين ناقشا مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك أوكرانيا.. ندعو جميع الأطراف المعنية للالتزام بحل الخلافات عبر الحوار على جميع المستويات، وتهدئة التوترات، والحفاظ على السلام الاقليمي”.

وطالبت الأمم المتحدة كافة القوى واللاعبين الدوليين بتحمل “مسؤوليتهم عن تحقيق تسوية سلمية للنزاع، وفقا لاتفاقيات مينسك، التي دعمها قرار رقم 2202 لمجلس الأمن الدولي للعام 2015.”

عقوبات أميركية محتملة على روسيا

وفي حديثه لـ”حفريات”، يوضح الدكتور عمرو الديب أستاذ العلاقات الدولية ومدير مركز خبراء رياليست الروسي، أنّ الأزمة الاوكرانية مستمرة منذ عام 2014، بينما كانت ذروتها بانضمام شبه جزيرة القرم للاتحاد الروسي، وحتى الآن لم تعترف معظم دول العالم، حتى أقرب الدول لروسيا، بعملية الضم هذه.

ويتابع الديب: “وبالاضافة للنقطة الأخيرة، فهناك منطقة نزاع أخرى في الشرق الأوكراني؛ حيث توجد جمهورية (دونيتسك) و جمهورية (لوغانسك) غير معترف بهما. وفي الفترة الأخيرة، وبالرغم من وجود اتفاق مينسك الخاص بالتفاهمات الروسية-الأوكرانية، وقعت استفزازات عسكرية من جانب الجيش الأوكراني، وتم استخدام الطائرات بدون طيار التركية أكثر من مرة، الأمر الذي زاد معه مستوى التوترات في الشرق الأوكراني، وقد نجم عن ذلك تواتر أنباء بخصوص وجود حشود عسكرية روسية من أجل اجتياح أوكرانيا”.

لذلك؛ كانت مسألة اللقاء الافتراضي الروسي-الأمريكي بين بوتين و بايدن في غاية الأهمية، بحسب الديب، من أجل استبيان النوايا الروسية في هذا الشأن، لافتاً إلى أنّ “روسيا بالفعل لا تريد اجتياح اوكرانيا بسبب عدم الجدوى، ولكن، في التوقيت نفسه، تريد أن ترى كييف ملتزمة باتفاق مينسك. كما تريد من الولايات المتحدة إجبار كييف على الالتزام بهذه الاتفاقيات. و يبدو أنّ الرئيسين تحدثا، بكل شفافية، عن هذا الأمر. و يمكن أن نرى نتائج إيجابية، في القريب العاجل، على مستوى هذا الصراع.

أما الملفات الأخرى التي تمت مناقشتها، فكانت تتمثل في زيادة عمليات نشر أسلحة الناتو على الحدود الغربية لروسيا، وكذلك قضية الأمن السيبراني، والوضع في أفغانستان، حسبما يوضح أستاذ العلاقات الدولية، بيد أنّه لا يرجح حدوث أية انفراجة في هذه الملفات؛ لأنّها تحتاج “مزيد ومزيد من النقاش حولها”.

طاولة متخمة بالملفات وصدام عسكري وشيك

وبدوره، طالب الرئيس الروسي من نظيره الأمريكي عدم تحميل موسكو المسؤولية بخصوص التصعيد في أوكرانيا، لافتاً إلى أنّ “الناتو” هو الذي يضاعف من قدراته العسكرية قرب الحدود الروسية. وقد شدد البيان الصادر عن الكرملين، على أنّ “الرئيس الروسي قدم أدلة دامغة على النهج الهدام الذي تتبعه كييف، ويهدف للنسف الكامل لاتفاقات مينسك والتوافقات التي تم التوصل إليها في إطار رباعية نورماندي، وأعرب عن قلقه البالغ إزاء استفزازات كييف ضد دونباس”.

وقال البيان إنّ بايدن “ركز على الطابع الخطير لتحركات القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، وحدد العقوبات التي ستكون الولايات المتحدة وحلفاؤها مستعدين لفرضها في حال المزيد من التصعيد”.

وقد عقّب بوتين على ذلك بأنّه “لا ينبغي تحميل روسيا المسؤولية؛ لأنّ الناتو هو الذي يتخذ خطوات خطيرة، ويحاول الانتشار على الأراضي الأوكرانية، ويعزز حشوده على تخوم روسيا”. وتابع: “ولذا، فإنّ موسكو ترنو للحصول على ضمانات خطية بعدم توسع الناتو شرقاً، ونشر أسلحة ضاربة في الدول المتاخمة لروسيا”.

وفيما يتصل بقضايا أمن المعلومات، أكد الجانبان على “أهمية الحوار الجاري، وأعربا عن استعداد الجانبين لمواصلة التعامل في محاربة الجرائم السيبرانية”. وعرج الرئيسان على أزمة الاتفاق النووي الإيراني؛ إذ شدد بوتين على “أهمية تنفيذه الكامل في الإطار المتفق عليه، والوصول لتسوية بشكل بناء، تسمح بالوصول إلى قرارات مقبولة بالنسبة لجميع الأطراف”.

إذاً؛ تخيم على العلاقات بين واشنطن وموسكو حالة من التوتر، نتيجة تفاقم الخلافات بين البلدين في عدد من الملفات، على رأسها أزمة أوكرانيا، بحسب الباحث المصري في العلوم السياسية، محمد ربيع الديهي، موضحاً في حديثه لـ”حفريات” أنّ لقاء بوتين وبايدن يكتسب أهميه قصوى نظراً للمتغيرات التي يمر بها العالم، خاصة أنّ الولايات المتحدة “باتت تدرك أنّها ليست القطب الوحيد المهيمن، إنّما ثمة أقطاب عديدة وتحالفات متباينة، تتفاوت فيها أشكال السيادة والتأثير وملء الفراغ، بحسب انتقال اللاعبين من منطقة لأخرى، نتيجة اختلاف الأولويات السياسية والإقليمية، الأمر الذي يمكن رؤيته من خلال مراقبة الدور الروسي في الشرق الأوسط، والذي يهدد الحضور الأمريكي التقليدي، وكذا تحرك الصين في مناطق نفوذ واشنطن بأفريقيا”.

ورغم أنّ أزمه أوكرانيا هي التي تتسيد طاوله المفاوضات، إلا أنّها ليست الأهم على مستوى ما يحكم العلاقات الأمريكية الروسية؛ إذ لا ترغب أيّا من البلدين في أن تصل الأمور لحدود صدام عسكري، يصب في النهاية لصالح الصين، بحسب الديهي. ويضيف: “على ما يبدو أنّ الروس عازمون على دخول أوكرانيا، مهما كلفهم الأمر من عقوبات أمريكية؛ فموسكو تنظر لأوكرانيا على أنّها خط الدفاع الأول في مواجهه الناتو والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى كون وجود أوكرانيا في المعسكر الروسي يعني الكثير بخصوص سيادة روسيا على البحر الأسود،  والثروات النفطية به”.

المصدر: حفريات

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر