سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
صن زي
تقول الصين إن الولايات المتحدة شنت حربًا تجارية، في حين وصفتها وكالة الاستخبارات الأميركية بأنها حرب باردة تقودها الصين. ومع ذلك، فإن الأمر سيظل مستمرًا؛ إذا لم يقم “ترمب” بتوظيف الاقتصاد لأهدافه السياسية بشكل أكبر من الاعتماد على الخطابات الإنشائية، حيث أصبحت السياسة الاقتصادية الصينية تقوم على التبادل بشكل واضح. وفي الواقع، لم يكن أي من الجانبين الأميركي والصيني يسعيان للاكتفاء الذاتي، كما لم تكن الحالة قائمةكما كانت في الثلاثينيات. ومع ذلك يُتوقع أن يصل السيناريو الحالي إلى جوانب مثيرة للقلق، حيث بدأ تأثيره غير المباشر على ردع سلاسل القيمة العالمية التي تحدد دائمًا الخريطة الاقتصادية للأنشطة الدولية حاليًا.
صحيح أن الولايات المتحدة تعاني خللاً كبيرًا في ميزانها التجاري مع الصين، حيث كانت واشنطن عام 2017 تعاني عجزًا في ميزانها التجاري بلغ 862 مليار دولار، في حين الصين تتمتع بتوازن تجاري عالمي إيجابي يبلغ أكثر من 430 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، فإن الميزان التجاري السلعي بين الولايات المتحدة والصين، يدعم قوة آسيا بأكثر من 395 مليار دولار، وهذا غير قابل للاستمرار بالنسبة للولايات المتحدة، كما أنه غير مقبول بالنسبة للرئيس دونالد ترمب.
ومن منظور بكين، فإن اختلال التوازن التجاري مع واشنطن يمثل مشكلةً هيكليةً طويلة الأجل ينبغي النظر إليها بشكل عقلاني. كما ينبغي العمل على حلها بشكل تدريجي من خلال المفاوضات الثنائية، بدلاً من اللجوء إلى حرب تجارية. ففي شهر مايو الماضي، التقى الجانبان في جولة تفاوضية ببكين وواشنطن، حيث اتفقا على حل القضايا التجارية والاقتصادية من خلال الحوار والتشاور.
ومع ذلك، ففي شهر يونيو أطلقت إدارة ترمب، حزمة من الرسوم الجمركية تبلغ 25% على 818 منتجًا صينيًا، بما في ذلك الطائرات والسلع الصناعية الأخرى بقيمة 34 مليار دولار، وهو ما تصفه الصين بأنها “الحرب التجارية الأكبر في التاريخ الاقتصادي”، بيد أن الصين ردت على الفور بتعريفات جمركية مساوية.
وفي يوليو، أعلنت واشنطن عن تعريفات جديدة بنسبة 10% من الواردات الصينية بقيمة 200 مليار دولار، بما في ذلك السلع الإلكترونية، ومصايد الأسماك ومستحضرات التجميل، وغيرها. وقد صرح ترمب، أخيرًا، أنه لا يزال هناك الكثير على الرئيس الصيني “تشي جين بينغ” ليقوم به. لكنه هدّد بفرض تعريفة جمركية على كافة الواردات الصينية التي تزيد قيمتها على 500 مليار دولار، وهو ما يدفع إلى حرب تجارية شاملة.
ولا شك في أن الصين تعد – اليوم – “مصنع العالم”، كما أنها شريك تجاري رئيس لأكثر من مئة دولة في العالم.
كما تُراقب تايوان الوضع عن كثب، وتخشى صعوبة محتملة في إدارة المخزون في قطاعاتها الصناعية. ومع انخفاض إنتاجها الصناعي بشكل غير متوقع وتراجع عملتها، تقوم تايوان – أيضًا – بمراجعة توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2018 من 2.6٪ إلى 2.4٪.
وحتى صادرات كوريا الجنوبية من السيارات والسلع الإلكترونية، انخفضت هي الأخرى، خلال الآونة الأخيرة، حيث من المتوقع – الآن – أن يكون معدل النمو في البلد أقل من التقدير السابق البالغ 3٪. ويمكن إرجاع تزايد البطالة في الأشهر الأخيرة إلى ارتفاع كثافة الحرب التجارية.
لقد قامت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في كوريا الجنوبية بتدويل نفسها من خلال التوجهات التي تتمحور حول الصين والولايات المتحدة. فمن المرجح أن يقيد الرقم الذي أعلن عنه ترمب، عملية التدويل ونمو قيمة هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة. ولا يقتصر الأمر فقط على الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكن من المرجح – أيضًا – أن تتأثر الشركات الكبرى؛ حتى قطاع الآلات والمعدات الكهربائية في جميع أنحاء دول شرق آسيا القوية التي يحتمل أن تتأثر بقوة، فعلى سبيل المثال يذهب أكثر من نصف صادرات كوريا الجنوبية من الآلات الكهربائية وقطع الغيار التي تصل قيمتها إلى 163 مليار دولار أميركي إلى الصين.
وتجدر الإشارة إلى أن بلدانًا أخرى سوف تتأثر، ومن بينها اليابان وأستراليا وماليزيا وإندونيسيا وتايلاند والفلبين؛ لأنها إمَّا تعمل في تصنيع قطع غيار السيارات ومكوناتها، أو أنها تشارك في أنشطة ذات قيمة مضافة متصلة بالمعادن الأساسية والعناصر الأرضية النادرة لهذا القطاع.
وعلى الجانب الآخر، وافقت الولايات المتحدة على العمل مع الاتحاد الأوروبي من أجل الحصول على وضعية “صفر تعريفات جمركية، وصفر حواجز غير الجمركية، وكذلك الحصول على الصفقات المدعومة”، بما يهدف إلى تأمين المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة إلى حد كبير، التي قد تكون محفوفة بالمخاطر بسبب الحرب التجارية.
ومن المثير للاهتمام في هذا السياق، أنه لا يمكن تقويض دور الكتل التجارية الضخمة، مثل الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية. في الجولة الثالثة والعشرين الأخيرة من المفاوضات الخاصة بالمخطط الإقليمي للبحوث الزراعية، تمَّ الانتهاء من المشاورات بشأن قضيتين رئيسيتين تسير في إطارها التجارة والمشتريات الحكومية. وقد ضمت المفاوضات الخاصة بالتجارة الحرة، التي كانت في موقع واحد ضد الشراكة عبر المحيط الهادئ بقيادة الولايات المتحدة (TPP)، 16 دولة (الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وأستراليا ونيوزيلندا والدول العشر الأعضاء في الآسيان).
ومن خلال اتفاق التجارة الحرة الذي تسعى الصين جاهدة إليه بهذه المنطقة، فإن الحرب التجارية ربَّما تأخذ مقعدًا خلفيًا. وهو ما يرجع إلى أن معظم خطوط الإنتاج التي يجري نقلها حاليًا، بسبب الخوف من اندلاع حرب تجارية، ستذهب إلى تلك البلدان التي ستدخل مرة أخرى في نطاق هذه الاتفاقية التجارية، مما يقلل من تكاليف التجارة في الاقتصادات المشاركة.
ويحتمل أن تكون تداعيات الحرب التجارية الشاملة معقدة جدًا، بحيث لا يمكن التغلب عليها، أو تحملها، وربَّما تؤدي إلى حدوث ركود واضح؛ وهو ما يرتبط بما فعله قانون “سموت – هاولي” للتعريفات لعام 1930 بالأزمة الاقتصادية في 1929 – 1932؛ فقد فسر رئيس وزراء سنغافورة “لي هسين لونج”، القلق الذي يسود العالم – اليوم – بطريقة سهلة وواضحة، قائلًا: “لا أحد يريد تجارة”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: آسيا تايمز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر