هل تشهد "الإندو-باسيفيك" أول مواجهة عسكرية بين بكين وواشنطن؟ | مركز سمت للدراسات

هل تشهد “الإندو-باسيفيك” أول مواجهة عسكرية بين بكين وواشنطن؟

التاريخ والوقت : الأحد, 7 نوفمبر 2021

د. منى سليمان

تشهد منطقة الإندو- باسيفيك توترًا ملحوظًا منذ منتصف العام الحالي تصاعدت حدته مؤخرًا، حيث حذر وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن “فى أول نوفمبر 2021 نظيره الصيني من القيام بأي  تحركات آحادية ضد تايوان وتعهد بالتزام بلاده بالدفاع عنها، الأمر الذي رفضته بكين وأكدت قدرتها على استعادة الجزيرة بالقوة، لاسيما بعد تكثيف الوجود العسكري الصيني في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ.

ورغم الخطاب السياسي الحاد بين بكين وواشنطن إلا أن لجوء الصين للعمل العسكري أمر مستبعد، حيث تعد تايوان مجرد ساحة للتنافس بين بكين وواشنطن لبسط النفوذ السياسي والعسكري بمنطقة الإندو- باسيفيك.

الأبعاد الجيواستراتيجية لـ”الإندو- باسيفيك”:
يقصد بمنطقة الإندو- باسيفيك جغرافيًا كل الدول المطلة على المحيطين الهادئ والهندي، وهي تشمل المياه الاستوائية للمحيط الهندي بالكامل وغرب ووسط المحيط الهادى، وهي تشمل دول ( شرق آسيا، ودول الآسيان، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وبعض دول أمريكا اللاتينية وشرق إفريقيا المطلة على المحيطين، فضلا عن استراليا ونيوزيلندا، والدول الجزرية بابوا نيوغينيا وجزر فيجي). وقد تصاعدت الأهمية الجيوسياسية للمنطقة في ظل المتغيرات السريعة التي تشهدها المنظومة الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية بدولها الرئيسية منها، (الصين، والهند، اليابان، والولايات المتحدة الأمريكية)، مما يساهم في نقل الثقل العالمي من عدة أقاليم استراتيجية لها بالمستقبل القريب، وهناك العديد من الأبعاد التي ترتبط بذلك المفهوم، منها:
* الأهمية الاستراتيجية: تضم المنطقة حاليا أكثر من 50% من سكان البشرية وتمثل 48% من التجارة العالمية و57% من الناتج العالمي. كما تستحوذ على إمكانات هائلة من الموارد الاقتصادية والبشرية ومعدلات نمو سكاني واقتصادي مرتفع للغاية. وتشهد أكبر تحركات الاقتصاد العالمي، حيث يتم تدفق نحو 80٪ من تجارة النفط البحرية في العالم عبر ثلاثة ممرات مائية بتلك المنطقة وتتركز في المحيط الهندي والخليج العربي. كما أنها تتحكم في الممرات الاستراتيجية للنقل التجاري من اليابان وشرق آسيا لغربها. كما تعد المنطقة أكثر أقاليم العالم خطورة عسكريا، حيث تضم سبعة من أكبر عشرة جيوش دائمة في العالم، كما تضم ست دول نووية معلنة (الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وكوريا الشمالية، الهند، باكستان)، كما تضم أكبر ترسانات بحرية في العالم وأكبر مسطحات مائية، مما أدى لسباق تسلح بحري لبسط النفوذ عليها. وقد بدأ هذا عام 2012، حيث أنفقت الدول الآسيوية على قواتها المسلحة أكثر من الدول الأوروبية لأول مرة في تاريخها. ومن المنتظر بحلول عام 2030 أن تستحوذ تلك المنطقة على 85% من الاستهلاك العالمي للطاقة.
الأهداف استراتيجية: أولت إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” اهتماما بالغا بتلك المنطقة، حيث وصف خلال خطابه الذي ألقاه بواشنطن في ديسمبر 2017 “روسيا والصين” بأنهما “قوتان منافستان تسعيان إلى تحدي النفوذ الأمريكي”، كما أعلن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “ريكس تيليرسون” في نوفمبر 2017 أن “مركز العالم قد بدأ بالتحول تجاه قلب منطقة الإندو-باسيفيك”. ويمكن القول إن مفهوم “الإندو-باسيفيك” قد نشأوتم الترويج له من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وأستراليا، واليابان، لمواكبة جملة من التغييرات الجيواستراتيجية التي تهدد مكانة كل منهم على المدى القريب رغم عدم الاتصال الجغرافي بينهم. ومصدر تلك التهديدات هو الصين التي تعد خصما مشتركا لهم. حيث تسعى كل الاتفاقيات الأمنية والسياسية والاقتصادية بين دول الإندو-باسيفيك إلى احتواء الصعود الصيني السياسي والاقتصادي والعسكري، وهو يختلف عن نظيره الروسي الذي يتخذ صورا سياسية وعسكرية فقط. ولذا، تسعى واشنطن لإنشاء بنية أمنية تعددية وشاملة ومنفتحة، في ظل التحديات الأمنية غير التقليدية التي تؤدي لحالة من عدم الاستقرار الإقليمي في المنطقة التي تعد من أكثر المناطق المرشحة لحدوث حرب نووية بين الهند وباكستان، أو كوريا الشمالية والولايات المتحدة، أو انخراط الصين في صدام مسلح مع تايوان -أى خصم إقليمي- أو واشنطن.
التنافس الإقليمي: تشهد المنطقة تنافسا إقليميا لبسط النفوذ بين القوى الكبرى، حيث تعترض واشنطن على التمدد الإقليمي الصيني “بالإندو- باسيفيك”، وتتهم بكين بارتكاب “أعمال استفزازية”، مثل تهديد الأمن الإقليمي والتعدي على السواحل البحرية للدول المجاورة. كما تثير الصين التوترات ببحر الصين الجنوبي بعدما قامت ببناء سبع جزر صناعية، وقامت بكين بعسكرة الجزرٍ الصغيرة فيه، وسيطرت على نصف جزره ومياهه الإقليمية، وقامت بالتنقيب عن الغاز والنفط في مياه دول أخرى. وترجع أهمية بحر الصين الجنوبي إلى أنه يشكل ممرا لما قيمته خمسة تريليونات دولار من التجارة البحرية العالمية السنوية، كما يعتقد أيضا أنه غني بمخزون من النفط والغاز. مما دفع الدول المشاطئة له (بروناي، وماليزيا، والفلبين، وفيتنام) للاعتراض علي السلوك الصيني العدائي ضدها. وقد تضاعفت أهمية المنطقة للصين بعد إعلان الرئيس الصيني “شي جين بينج” عن مبادرة “الحزام والطريق”، ولذا، فإن الصين لها طموحات خارجية واسعة تأتي في إطار رغبتها في الإعلان عن نفسها كقطب عالمي، ولن يتحقق ذك دون سيطرة بكين على منطقة الإندو- باسيفيك المرشحة لتشهد العديد من النزاعات السياسية والمواجهات العسكرية خلال العقد القادم.وبالطبع، فإن هذا الطموح الدولي يهدد مكانة القطب الواحد الحالي، أى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة.
ولا تقل أهمية المنطقة للهند التي تعد “ملتقى البحار” في جنوب آسيا، وهي الدولة التي توشك أن تصبح أكبر بلدان العالم من حيث السكان؛ وتوجد لديها ديمقراطية مستقرة، وبها سادس أكبر اقتصاد، وثالث قوة عسكرية في العالم من حيث القوة البشرية، وخامس أكبر ميزانية دفاعية، فضلاً عن التزامها بسيادة القانون والانخراط في النظام الدولي.وقد كان أحد دوافع الاهتمام بالمنطقة هو الصعود الهندي في جنوب آسيا والرغبة الأمريكية في الاعتماد على الهند لمواجهة الصعود الصيني، وقد توافق ذلك مع رغبة رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” في تعزيز الدورين الإقليمي والدولي للهند وإتباعه سياسة خارجية نشطة منذ توليه الحكم في عدة أقاليم، منها جنوب شرق آسيا والخليج العربي.
الاستقطاب الإقليمي: أحدثت الاتفاقيات الأمنية التي أبرمتها واشنطن منذ مطلع العام استقطاب إقليمي حاد، وقسمت دول المنطقة لمحاور عدة. ففي مارس 2021، أبرمت اتفاقية (كواد) أو “الحوار الأمني الرباعي” تضم واشنطن بجانب (اليابان، والهند، وأستراليا)، وتهدف لإقامة منطقة حرة ومفتوحة في المحيط الهندي والهادئ كضرورة لتحقيق الاستقرار بالمنطقة”، وقد اعترضت الصين عليها، ثم شهدت تلك المجموعة توسيعا في عضويتها، حيث ضمت كوريا الجنوبية ونيوزيلندا وفيتنام وإسرائيل والبرازيل، وأصبحت باسم (كواد بلس).
كما أبرمت واشنطن اتفاقية “أكواس” يوم 15 سبتمبر 2021، وضمت بجانبها (استراليا وبريطانيا)، وتهدف لبيع غواصات نووية حديثة لاستراليا لتتمكن من نشرها في المحيط الهادي ومنع بسط الصين نفوذها عليه، مما دفع الصين لانتقاد استراليا والاتفاقية ووصفتها بأنها ستلحق ضررًا خطيرًا بالسلام والاستقرار في الإقليم. في المقابل، أعلن وزير الخارجية الصيني في 20 أكتوبر 2021 عن عقد أول اجتماع لوزراء خارجية الصين ودول جزر الباسيفيك لتعزيز التعاون الدولي والإقليمي بينهم، حيث تقدم الصين لتلك الدول قروضا طويلة الأجل لتطوير البنية التحتية لها في إطار مبادرة (الحزام والطريق) وقد حققت بكين نجاحا كبيرا في ذلك، حيث بسطت نفوذها على دول بالمحيط الهادى، ومنها (بابوا غينيا الجديدة) وأبرمت معها العديد من الاتفاقيات الأمنية.
سباق التسلح: ثمة نوع من سباق التسلح بتلك المنطقة بين عدة أطراف منها الهند وباكستان على السلاح النووي والتقليدي، وثمة سباق تسلح تقليدي بين الصين ودول بحر الصين الجنوبي (ماليزيا، وفيتنام، وإندونيسيا). كما قامت الصين بتطوير صاروخ باليستي أسرع من الصوت بـ5 مرات، وهذه الصواريخ هي الجبهة الجديدة للتنافس بين القوى الكبرى بتلك المنطقة، حيث يمتلك هذا النوع من الصواريخ أهمية خاصة، نظراً لقدرتها على التحليق على علو أكثر انخفاضاً، وبالتالي يصعب رصدها مقارنة بالصواريخ الباليستية العادية، خاصة إذا زُوّدت برءوس نووية، كما اختبر كل من الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وكوريا الشمالية صواريخ أسرع من الصوت. كما أعلن وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” عن إنشاء مكتب جديد للفضاء الإلكتروني والسياسة الرقمية، يوم 28 أكتوبر 2021، هدفه التركيز على مواجهة تحديات الأمن السيبراني، وأعلن عن  تعيين مبعوث خاص جديد للتكنولوجيا الحرجة والناشئة، سيقود أجندة الدبلوماسية التكنولوجية مع حلفاء واشنطن في هذا المجال، لاسيما بعد تصاعد الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها واشنطن، ويكون مصدرها الصين وروسيا وفق التصريحات الأمريكية.
التنافس التكنولوجي:  تستحوذ منطقة الإندو- باسيفيك على أكثر من 90% من منتجات تكنولوجيا المعلومات، حيث تنتج تايوان، واليابان، وكوريا الجنوبية أهم الشرائح وأنصاف الموصّلات والمكونات الإلكترونية الدقيقة التي تدخل في جميع الصناعات تقريباً، لاسيما الحاسب الآلي والهواتف الذكية، وأي نقص فيها سيؤدي لمشكلة اقتصادية كبرى. وقد نجحت شركة (تي إس إم سي) التايوانية في احتكار أنواع معينة من أنصاف الموصلات وشرائح الذاكرة والمعالجات الدقيقة، مما دفع واشنطن لعقد اتفاق معها لبناء مصنع لتلك المنتجات في ولاية أريزونا بتكلفة 12 مليار دولار ضمن مشروع تبلغ قيمته مئة مليار دولار لنقل التكنولوجيا التايوانية إلى واشنطن، لتحتكر الأخيرة تلك المنتجات وتتفوق على اليابان وكوريا الجنوبية، بينما لا تمتلك الصين هذه التكنولوجيا الحديثة.

مؤشرات التصعيد بمضيق تايوان:
شهد الشهر الأخير تصعيدا عسكريا بين تايوان والصين، وسياسيا بين واشنطن وبكين، مما أثار المخاوف من لجوء الأخيرة لعمل عسكري ضد تايوان وتدخل واشنطن للدفاع عن الجزيرة المنشقة عن الصين، وتمثلت مواقف الدول الثلاث فيما يلي:
تهديد صيني: منذ توقيع اتفاقية “أكواس” في 15 سبتمبر 2021، يتسم الخطاب السياسي الصيني بالتصعيد ضد واشنطن وتايبيه كنوع من الرد على الخطوات الأمريكية الأخيرة بمنطقة الإندو-باسيفيك التي تستهدف بكين تحديدًا، حيث اتخذ الرئيس الصيني “شي جيبينج” موقفًا حادًا من سياسة “توحيد الصين” ووجه تهديدات صريحة لإمكانية استخدام القوة لإعادة تايوان للوطن الأم باعتبارها جزيرة منشقة تتمتع بحكم ذاتي ولا تعترف بها بكين كدولة مستقلة، كما حذر العالم من التعاون معها أو تقديم أسلحة حديثة لتايبيه وهو ما تفعله واشنطن. وقد شهد الصيف الماضي تكثيف للنشاط العسكري الصيني بمضيق تايوان قرب الجزيرة، حيث نفذت العديد من المناورات البرية والبحرية، وقامت عشرات الطائرات الحربية الصينية بانتهاك مجال تايوان الجوي الذي لا تعترف به بكين. كما اعترضت بكين يوم 28 أكتوبر الماضي على تكثيف الاتصالات العسكرية بين واشنطن وتايوان وتواجد قوات أمريكية على أرض الجزيرة.كما أوضح وزير الخارجية الصيني”وانج يي “أن مبدأ (صين واحدة) هو الركيزة السياسية للعلاقات الصينية – الأمريكية. ودعا واشنطن بعدم الاستهانة بتصميم الشعب الصيني القوي على الدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة الأراضي.
تصعيد تايوان: أعلنت رئيسة تايوان “تساي إنج وين” عن وجود عدد صغير من القوات الأمريكية بالجزيرة للمساعدة في التدريبات العسكرية، وأكدت أن لديها “ثقة كاملة” بأن الجيش الأمريكي سيدافع عن البلاد، حال تعرضها لهجوم صيني، وهذه هي المرة الأولى التي يقرّ فيها رئيس تايواني بهذا الأمر علناً، منذ مغادرة آخر قوة عسكرية أمريكية للجزيرة عام 1979 عندما اعترفت واشنطن بجمهورية الصين الشعبية. ويقدر عدد القوات الأمريكية بتايوان بنحو 32 جندي هذا العام بعد أن كانت 10 فى عام 2018. ومن المرجح أن هؤلاء ليسوا جنودا عاملين، بل مستشاريون عسكريون يقومون بتدريبات خاصة للقوات التايوانية. كما أعلنت وزارة الدفاع بتايوان في 2 نوفمبر الحالي إنها ستزيد التدريب لقوات الاحتياط العام المقبل إلى 14 يوما بدلا من خمسة وسبعة أيام حاليا، من أجل رفع القدرات القتالية لقوات الاحتياط بشكل فعال. وسيطبق البرنامج الجديد على نحو 13 % من قوات الاحتياط بتايوان البالغ قوامهما 110 آلاف فرد. وقد وصف وزير الدفاع التايواني “تشيو كو تشينج” الوضع الحالي بمضيق تايوان “بالأكثر خطورة” منذ أكثر من 40 عاما، وحث على زيادة الإنفاق العسكري على الأسلحة المصنعة محليًا. مما يعكس حدة التوتر في العلاقات بين بكين وتايبيه وبكين وواشنطن.
تحذير أمريكي: أعلن الرئيس الأمريكي “جون بايدن” عن التزامه بالدفاع عن تايوان حال تعرضت إلى غزو صيني، وتعد هذه المرة الأولى التي يعلن فيها رئيس أمريكي موقفه صراحة، حال تم الاعتداء علي تايوان. ودون النظر إلى مدى تنفيذ “بايدن” هذا التعهد، الذي يرتبط بمنظومة أمنية جيوسياسية غربية معقدة، فإنه يعد تصعيدًا مباشرًا ضد بكين. وقد أكده وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن”فى أول نوفمبر 2021 عندما وجه تحذيراً إلى نظيره الصيني خلال اجتماعهما على هامش قمة “مجموعة العشرين” في روما، حيث أكد أن واشنطن تعارض الإجراءات الحالية للصين عبر مضيق تايوان، وستعارض أي تحركات آحادية تقوم بها بكين تجاه تايوان مستقبلا. وجدد “بلينكن”التزام واشنطن تجاه الجزيرة، من خلال التأكد من قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد أي عدوان خارجي، حيث زودت واشنطن تايوان بمقاتلات “إف 16” وصواريخ “سلامر” المتطورة الخاصة بضرب الأهداف البحرية وراجمات صواريخ “هيمراس”، وسبق “لبلينكن” أن أعلن دعم بلاده إنضمام تايوان إلى وكالات الأمم المتحدة، وهو ما اعترضت عليه بكين، لأنه يمثل اعترافا ضمنيا بتايوان كدولة مستقلة.
مما سبق نستنتج أن مواقف الصين والولايات المتحدة الأمريكية وتايوان تتسم “بالتعنت”، بيد أن اللجوء للعمل العسكري أمر مستبعد، نظرا لارتداداته الأمنية والاقتصادية، في ظل تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات تفشي “فيروس كورونا”، وهو ما أوضحه “بلينكن” الذي أكد على ضرورة  إدارة المنافسة بين أكبر اقتصادين في العالم والحفاظ على خط اتصال مفتوح بين واشنطن والصين، لاسيما في ظل عدد من الملفات الثنائية التي تهم الطرفين، ومنها إرساء الاستقرار بالإندو- باسيفيك ومعالجة ملف (كوريا الشمالية، أفغانستان) والتغييرات المناخية، ولذا فإن واشنطن وبكين تفضلان إدارة تصاعد حدة الصراع بينهما دون اللجوء للعمل العسكري المباشر.
ختاما، يمكن القول إن “ترامب” من أسس استراتيجية واشنطن في “الإندو-باسيفيك” إلا أن سياسات “بايدن” تمثل تطبيقًا عمليًا لها، فقد شن ترامب حربا تجارية ضد الصين كان لها آثارها السلبية على واشنطن أيضا، بيد أن “بايدن” استخدم أدوات دبلوماسية وسياسية للتصعيد مباشرة مع الصين لاحتواء تهديداتها، ومن المنتظر أن يستمر التصعيد السياسي والتوتر بين واشنطن وبكين حتى موعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، حيث يسعى “بايدن” لفوز حزبه بها، بعدما تراجعت شعبيته إلى 37% بعد الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان.

المصدر: مجلة السياسة الدولية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر